موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٢

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٢

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

قال ـ على نمط منبسط وطراز منشرح ، فزادت صفحة في التاريخ ، وأضافت ورقة إلى حوادث الأيام ... فصارت خاطرة في دفاتر الأيام والليالي ...

ومن الأمثلة لذلك أنه جاء في تقويم التواريخ أن هذه الحكومة ظهرت عام ٧٣٣ فنرى الاختلاف واضحا بين ما قدمناه وبين ما عينه كاتب چلبي ، وهذا يفسر في تولي الإدارة والدخول في معمعتها أو بالتعبير الأصح الانتساب إلى حكومة المغول وتعهد الوظائف بها ... كان في ذلك التاريخ وأن الاستقلال في الحكومة كان في التاريخ الذي بينه كاتب چلبي فلا تباين بين النصين كما يفهم من خلال السطور ... ولا ننسى أن ابن خلدون والغياثي وغيرهما قد تكلموا عن هذه الحكومة إلا أننا قصدنا الإشارة إلى المراجع المهمة عنها ... لمن أراد التبسط في الموضوع وقد بينا في المجلد الأول بعض الكلمات عنهم بين الحكومات المتغلبة أيام المغول ... وهنا زبدة تعين للقارىء حالتهم ..

أولهم الأمير مبارز الدين محمد (١) هو ابن مظفر بن المنصور ابن الحاجي وجدهم الأعلى من أصل عربي جاء إلى خراسان أيام الفتح وتوطن الحاجي منهم يزد وكان لهذا ثلاثة أولاد أبو بكر ومحمد ومنصور وإن أبا بكر كان من ملازمي علاء الدولة أتابك يزد فاستصحبه معه حينما ذهب مع هلاكو لفتح بغداد وسار بعد تسخير بغداد إلى حدود مصر وقتل هناك في بعض الحروب وأن محمدا قد بقي ملازما الأتابك في يزد فتوفي هناك ولم يعقب وإن منصورا ابن الحاجي كان في خدمة والده في خطة ميبد يزد. ولما مات والده صار مكانه. وكان له ثلاثة أولاد مبارز الدين وزين الدين علي وشرف الدين مظفر. أما علي فلم يعقب. وشرف الدين مظفر نال التفاتا من السلطان أرغون وبعد أن قضى سنين

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ٢٦٠.

١٦١

كثيرة في مواطن أخرى عاد إلى يزد ... ولما توفي أرغون وخلفه كيخاتو خان حصل على مكانة كبرى لديه وتولى أمر إدارة الجيش المرسل إلى الأتابك أفراسياب بن يوسف شاه في لرستان فقام بالأمر ولمعرفته السابقة تمكن من أن يحصل على مطلوب السلطان دون حرب أو سفك دماء. وفي سنة ٦٩٤ التحق بالسلطان غازان وولي عنده موقعا رفيعا ومكنه بما يمكن من الأمراء وفي أواسط جمادى الآخرة سنة ٧٠٠ ه‍ ولد له ابنه مبارز الدين محمد. ثم توفي السلطان غازان وفي سنة ٧٠٣ ه‍ ولي السلطان الجايتو فزاد هذا في رفعة الأمير مظفر وجعله على محافظة الطرق والسابلة بفارس والحاصل تقلب في مناصب وأبدى من المهارة في القيام بمهام جلى إلى أن توفي بتاريخ ١٣ ذي القعدة سنة ٧١٣ ه‍ وفي كل أيامه الأخيرة كان يصحبه ابنه مبارز الدين محمد فيمرنه على الأسفار والتدابير التي يجب أن يقوم بها ... ونقل بعد وفاته إلى ميبد ودفن في مدرسة كان عمرها هناك وهي المدرسة (المظفرية).

وتبتدىء حكومتهم وشهرتهم العظيمة أيام مبارز الدين محمد الذي خلف والده ولما توفي والده كان له من العمر ١٣ سنة وبعد أربع سنوات أي عام ٧١٧ ه‍ أيام السلطان أبي سعيد نال توجها من السلطان وموقعا مهما فحصل على حكومة تلك الأنحاء ومحافظة الطرق هناك ... وهذا هو طليعة تاريخ ظهورهم الذي ذكره المؤرخ (محمود كيتي) ... ومن أكبر المسهلات لتوطيد الحكم هناك أنه أبدى تفاديا في القضاء على حكومة الأتابكة أيام حاجي شاه ابن الأتابك يوسف شاه فلم يبق للأتابكة قدرة في مقاومته فكان عضد الأمير كيخسرو فاضطروا إلى الفرار وكانت عاقبة أمرهم أن انقرضوا ...

وفي شوال سنة ٧١٨ ه‍ تقدم للسلطان أبي سعيد وعرض خدمته عليه فأنعم عليه السلطان بحكومة يزد وفوض إليه أمر المحافظة على الطرقات ... وهذا مبدأ الإمارة ... ولا مجال لاستيعاب كل ما قام به

١٦٢

الأمير مبارز الدين محمد وفي سنة ٧٢٥ ه‍ ولد له الشاه شرف الدين مظفر. وفي سنة ٧٢٩ ه‍ تزوج خان قتلغ بنت السلطان قطب الدين محمد ابن الأمير حسام الدين ثم نقلها إلى تبريز في السنة المذكورة أيام وزارة الخواجة شهاب الدين بن عز الدين ، وحصل على المكانة المطلوبة بسبب العلاقة السببية مع المغول ...

وفي يوم الأربعاء ٢٢ جمادى الثانية سنة ٧٣٣ ه‍ ولد جلال الدين شاه شجاع وفي ١٤ المحرم سنة ٧٤٤ ه‍ ولد نصرة الدين يحيى ولم يلبث المترجم أن نال الإمارة ...

وفي خلال هذه الأيام أو إثر وفاة السلطان أبي سعيد عام ٧٣٦ ه‍ كانت المقارعات والحروب بين المغول وأمرائهم طاحنة فكان همّ هؤلاء مصروفا إلى تقوية السلطة لما في يد كل منهم وتوسيع نطاقها ... ودامت الحروب بين هؤلاء وبين الأمير الشيخ أبي إسحق (١) وغيره فصارت كل إمارة تجادل عن نفسها وكان ما كان مما مرت الإشارة إليه ..

وفي عام ٧٥٥ ه‍ بعد أن افتتح شيراز (٢) والأنحاء الأخرى المجاورة لها بايع الخليفة أمير المؤمنين المعتضد بالله أبا بكر العباسي (٣) وقرأ الخطبة باسمه وبايعه علماء فارس ويزد وكان هو نائبه ولم يقفوا عند حدود هذه

__________________

(١) راجع ابن بطوطة عن أبي إسحق أمير شيراز.

(٢) قال ابن خلدون : «طمع مبارز الدين محمد بن مظفر في الاستيلاء على فارس فاتخذ وسيلة ما قام به أبو إسحق أمير شيخ من قتل شريف من أعيان شيراز فنادى بالنكير عليه ليتوصل إلى غرض انتزاع الملك من يده فسار في جموعه إلى شيراز فاستولى عليها ... وما زال يطارده حتى قبض عليه واقتص منه». ا ه ملخصا.

(٣) قال الغياثي لما لم يكن له قدرة الدعوى بالسلطنة أتى بشخص يسمى أبا بكر بن أبي الربيع وزعم أنه من بني العباس ولقبه المعتضد بالله وجعل نفسه نائبا عنه وتلقب بمناصر أمير المؤمنين ثم بعد ذلك بمدة قبض عليه ولده شاه شجاع وكحله وسجنه بقلعة سرمق من أعمال شيراز سنة ٧٦٠ ه‍.

١٦٣

الأقطار والاكتفاء بفتوحها وإنما مضوا إلى لرستان لاكتساحها وعزموا على القضاء على إمارتها في أواخر المحرم سنة ٧٥٧ ه‍ فتمكنوا من ذلك في أواخر صفر للسنة المذكورة وقد أفردنا رسالة خاصة في (إمارة اللر) فلا مجال للخوض الآن بشأنها وهكذا فتحت أصفهان وقضي على المناوئين لحد أن تقدموا نحو البلاد الأخرى واكتسحوها ثم استعيدت بالوجه المذكور آنفا ثم إن مبارز الدين محمد ملك ابنه محمودا أصبهان وابنه شجاعا شيراز وكرمان وفي سنة ٧٦٠ ه‍ نال الإمارة ابنه شاه شجاع وتوفي الأمير مبارز الدين في آخر ربيع الآخر لسنة ٧٦٥ ه‍ ودفن في المدرسة المظفرية في ميبد يزد عند والده وسيأتي الكلام على حكومة شاه شجاع في حادث وفاته عام ٧٨٧ ه‍ وعلى كل حال التفصيل في (تاريخ آل مظفر) لمحمود كيتي المذكور. ومن أهم ما فيه تاريخ العلاقات والسياسة التي كانت تجري مع المجاورين وهي مبسوطة في التاريخ المذكور عند كلامه على النزاع القائم بين شاه شجاع وشاه محمود والوقائع بينهما ... ووفاة شاه محمود في ١٤ شوال سنة ٧٧٦ ه‍ والتأهب للهجوم على تبريز واغتنام فرصة وفاة السلطان أويس مما لا مجال لتفصيله (١) ...

__________________

(١) كتب المؤلف في ملحق الجزء الرابع استدراكا ما يلي نصه :

شاه شجاع من آل مظفر :

جاء في ص ١٦٣ أنه في عام ٧٥٥ ه‍ ... بايع ـ مبارز الدين محمد ـ الخليفة أمير المؤمنين المعتضد بالله ، وقرأ الخطبة باسمه وبايعه علماء فارس ويزد ...» ا ه.

وفي هامش ص ١٦٣ نقلا عن الغياثي ذكر ما يخالف ذلك ، وكان غلطا ومقتضبا ، فلم يأت مبارزا الدين بشخص وإنما بايع الخليفة العباسي بمصر. كما أن قوله (ثم قبض عليه ولده شجاع وكحله) مقتضب. وهنا المقصود أن شاه شجاع قبض على والده فسمله وكحله. وسياق الكلام أنه قبض على الخليفة المصطنع ... وهذا الأخير ليس بصواب.

وفي نقود هذه الدولة جاء ذكر المعتضد ، والسلطان شاه شجاع إلا أنه لم يعين فيها تاريخ ضربها لما فيها من ملس واتصل أمراء آخرون بالخلافة تقوية لنفوذهم =

١٦٤

وفيات

١ ـ الخواجة سلمان ساوجي :

في يوم الثلاثاء ١٣ صفر من هذه السنة توفي الخواجة جمال الدين سلمان الساوجي ، وكان شاعرا معروفا في الفارسية ، وله في أشعاره علاقات كثيرة وكبيرة في حوادث العراق المهمة كما أشير إلى ذلك .. وفي الغالب اشتهر اسمه مقرونا باسم السلطان أويس. فنرى له في تذاكر الشعراء والأدباء مباحث مهمة ... وكانت الثقافة الغالبة للأمراء وبلاط الحكومة مشبعة بالآداب الفارسية ، وأن السلطان أويس كان قد تخرج على الخواجة سلمان ، ولازمه أيام سلطنته ... فهو شاعر الحكومة ...

__________________

وتثبيته ... وفي (تاريخ محمود كيتي) عقد فصلا في بيعة الأمير مبارز الدين وأنه بايع وكيل الخليفة أمير المؤمنين المعتضد بالله أبي بكر سنة ٧٥٥ ه‍ ، وقرئت الخطبة باسمه وكانت عطلت من تاريخ ظهور المغول فمضى على ذلك نحو مائة سنة إلى أن قال وفي سنة ٧٧٠ ه‍ بايع الشاه شجاع ومن معه الخليفة القاهر بالله محمد بن أبي الربيع. وفي هذه البيعة كتب العلماء محاضر ورسالات ... والقاهر بالله هو المذكور بلقب (المتوكل على الله) المذكور في قائمة الخلفاء. وجاء في تاريخ إيران للأستاذ عباس اقبال أنه القاهر بالله تابع تاريخ محمود كيتي كما جرى على ذلك الإيرانيون في تواريخهم. وفي كتاب (قانون السياسة ودستور الرياسة) المقدم إلى السلطان شاه شجاع نعته بأنه كفيل أمور المسلمين ومعين أمير المؤمنين.

وقع في مثل غلط الغياثي الأستاذ أحمد الكسروي فإنه وجد نقدا نشر عنه في جريدة پرچم جاء فيه ذكر (الخليفة) في الأعلى من صفحة النقد و(أمير المؤمنين) في الأدنى. وما بينهما (السلطان شاه شجاع) فظن أن شاه شجاع في هذا النقد أعلن الخلافة لنفسه وقرأه (الخليفة السلطان شاه شجاع) ، وهذا يدل على أنه لم يقف على مجرى (كتابات النقود) ، فتبجح كأنه اكتشف اكتشافا مهما. ولو أنه راجع النقود والتواريخ لدولة آل مظفر لما قال بهذا ولتبين له وجه الغلط.

هذا. وجاء في تحقيقات الأستاذ الأمير جعفر الحسني أن الشاه شجاع توفي في ٢٤ شعبان سنة ٧٨٦ ه‍.

١٦٥

وأهملت الآداب العربية وبقيت محصورة في الشعب ... فعاش الكثير من علمائنا في الأقطار الأخرى وإن عدد العلماء وكثرتهم المستفادة من تاريخ وفياتهم وإن كان لا يستهان بها إلا أن الثقافة الفارسية رجحت عليها ... والملحوظ أن الفضل بهذا العصر في أن يهملوا وتترك لهم مؤسساتهم العلمية ودور ثقافتهم دون أن يمسوها بسوء لينالوا حظا منها لأنفسهم ويتعهدوا تربيتهم بذاتهم .. لا أن يكونوا من رجال الدولة ، أو أعضائها الفعالة ... إلا أن من رغب فما عليه إلا أن يميل بكليته إلى تحصيل لغة القوم ، والأخذ بنصيب وافر من آدابهم لينال بعض الوظائف ، أو يأمن الغوائل ... وعلى كل تعينت ثقافة الحكومة في دراسة الآداب الفارسية بترجيح ... والمترجم ركن عظيم من أركانها ...

اشتهر في هذا العصر شعراء عديدون من العجم ونالوا شهرة فائقة ، وحاول بعضهم أن يجاري الفردوسي في شهنامته ... وراجت سوق الأدب الفارسي وأثر تأثيره العظيم حتى في العراق قطر العرب ومركز الثقافة العربية .. ومن البواعث المهمة الأمراء والسلاطين كما تقدم فقد كانت تربيتهم إيرانية والموظفون إيرانيون فتأثرت الآداب بهذه الطوابع وإن كانت الحكومة إسلامية ، والديانة هي السائدة وإنما سار الناس على نهج ملوكهم وأمرائهم ...

ولا نمضي بعيدا ، وبصورة عامة دون أن نتناول حياة المترجم فقد كان من شعراء الوزير غياث الدين محمد ابن الخواجة رشيد الدين فضل الله ، ثم صار من شعراء الشيخ حسن وابنه السلطان أويس وابنه السلطان حسين. وهو من أهالي ساوة من أسرة لها مقامها الرفيع هناك ...

والمترجم له الوقوف التام على كتابة السياقة (نوع خط) ولكنه ذاع صيته في الشعر وتقرب من السلاطين وصار الشعراء إذا أرادوا أن يقدموا قصيدة يتقربون إليه في تقديمها ... والأدباء الإيرانيون لم يحلوه في

١٦٦

المنزلة العليا الفائقة من الشعر ولا الفذة فيه وإن كان قد قال فيه علاء الدولة السمناني ما مؤداه «رمان سمنان ، وشعر سلمان ، ولا مثيل لهما في سائر البلدان».

والخواجة جاء بغداد ولازم سلاطين الجلايرية ومدحهم ، ومدح دلشاد خاتون ، أنطقه ما رأى وشاهد من أبهة وجلال ونضارة .. فرأى منهم ومنها كل إعزاز وإكرام كما أنه مدح وزراء هذه الدولة وأمراءها وولاة بغداد وألهمه المحيط ما ألهمه من وحي الطبيعة وجمال المناظر ... وإن اتصاله هذا وملازمته لهذه الحكومة دعته أن يقول :

من از يمن اقبال اين خاندان

كرفتم جهان را بتيغ زبان

من از خاوران تا در باختر

ز خورشيدم امروز مشهورتر

ولم يكن الموما إليه وحيدا في شعره وإنما كان هناك من الشعراء من مر البيان عنهم في ترجمة السلطان أويس وكلهم أصحاب تراجم حافلة ... وكان أمثال هؤلاء يستعربون فيبدعوا في آدابهم ... ولكن الفارسية احتفظت بهم واقتنصت مقدارا جما من أدباء العرب ...؟؟

ومؤلفاته :

١ ـ ديوانه. ومنه نسخ مخطوطة في إيران ذكرها الفاضل رشيد ياسمي في كتابه (سلمان ساوجي) ؛ وطبع في الهند باسم «كليات سلمان ساوجي». وهذا خير وثيقة تعرب عن أخبار بغداد لو لا أنه يتعرض لمدح الشخص أكثر من بيان ماهية الوقائع وحالة القطر ... وهو صفحة كاشفة لهذا العصر ، ولا يستفاد من شعره أكثر مما يفهم من ظاهره فليس فيه إشارة ، أو دقة ... وغالب ما فيه مدح السلاطين الجلايرية والوزير شمس الدين زكريا ... والقسم الأخير منه غزل ...

٢ ـ فراقنامه. وقد مضى الكلام عليها.

١٦٧

٣ ـ ساقي نامه.

٤ ـ جمشيد وخورشيد. مثنوي نظمه سنة ٧٦٣ ه‍ باسم السلطان أويس ويدعي أنه لم يقلد فيه غيره وإنما هو من مبتكراته ...

٥ ـ قصيدة جامعة لأنواع الصنائع الأدبية والبحور ... مدح بها الخواجة غياث الدين محمدا الوزير. وفي مقدمتها يقول في مدحه :

ما إن مدحت محمدا بمقالتي

لكن مدحت مقالتي بمحمد

طبعت على الحجر سنة ١٣١٣ ه‍ في مجموعة تحتوي رباعيات الخيام ورباعيات بابا طاهر ورباعيات أبي سعيد ورباعيات الخواجة عبد الله الأنصاري.

والحاصل قد أطنب رشيد ياسمي في إيضاح حياته وعلاقته بالجلايرية وغيرهم في كتابه المسمى (سلمان ساوجي) ، وللمترجم معارضات لظهير الدين الفارابي في قصائده العديدة ، وغالب ذلك باقتراح دلشاد ... ورباعياته كثيرة ؛ وله القدم المعلى في الغزل ، ويتهم في دلشاد بغزله وأنه يقصدها في غالبه ... وأوصافه تنطبق عليها ، أو على دوندي ...

أكتفي بهذا ولا محل للإطالة (١).

٢ ـ محمد بن علي الواسطي :

في رجب هذه السنة توفي بمصر ، وهو واعظ أديب ، وأحد الصوفية في البيبرسية وله عدة مقاطيع أوردها صاحب الدرر الكامنة (٢).

__________________

(١) ذكره دولتشاه السمرقندي ص ١٧١ ، وحبيب السير ج ٣ واتشكده ص ٣٢٣.

(٢) ج ٤ ص ٥٣.

١٦٨

حوادث سنة ٧٧٨ ه‍ ـ ١٣٧٦ م

سلطنة بغداد :

في هذه السنة تسلطن في بغداد الشاه منصور بن عمر بهرام (الخواجة بيرام بيك) صاحب الموصل. كذا في الدر المكنون. وفي حوادث سنة ٧٨٥ ه‍ أزيح عن السلطنة بواسطة السلطان أحمد الجلايري كما جاء فيه أيضا ... وليس لدينا من النصوص التاريخية ما يؤيد هذه الوقعة وإنما الوقائع المعروفة على الضد منها ... وجل ما نعلمه عن شاه منصور أنه ابن شاه مظفر ، ولم تكن له قربى نسبية مع (الخواجة بيرام) وأنه مال عن شاه شجاع وجاء إلى السلطان وإلى عادل آغا فجعله عادل آغا حاكما في همذان وذلك إثر تسلط عادل آغا على السلطان حسين واختلاف الأمراء وانتقاضهم عليه في هذه السنة (٧٧٨ ه‍) وذهابهم إلى بغداد وهم أمثال إسرائيل عبد القادر ورحمان شاه درويش فأبدوا مخالفتهم للسلطان وذهبوا إلى بغداد عام ٧٧٨ ه‍ ... وإن شاه منصور قد صار إلى عادل آغا والسلطان قد سار لتعقب أثر هؤلاء المخالفين قبل وصولهم إلى بغداد فتمكن من بعضهم الملتجئين إليه والبعض الآخر فر وحينئذ أمر عادل آغا والسلطان بقتل المقبوض عليهم وقد التمس شاه منصور أن يعفو فلم يلتفت إلى ذلك ولم يعف إلا عن القاضي الشيخ علي وحينئذ عاد الشاه منصور إلى همذان وإن عادل آغا مضى إلى تبريز لملازمة السلطان (١) ...

وسيأتي القول عن نصبه حاكما على تستر والأنحاء المجاورة لها بأمر من السلطان أحمد.

__________________

(١) حبيب السير.

١٦٩

حوادث سنة ٧٧٩ ه‍ ـ ١٣٧٧ م

وفيات

١ ـ زينة الموصلية :

هي زينة بنت أحمد بن عبد الخالق بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن يونس الموصلية. سمعت من عيسى المطعم وابن النشو وغيرهما. وحدثت بالكثير. ماتت في شعبان (١).

حوادث سنة ٧٨٠ ه‍ ـ ١٣٧٨ م

وفيات

١ ـ الحسن بن سالار :

توفي في هذه السنة (سنة ٧٨٠ ه‍) الحسن بن سالار بن محمود الغزنوي ثم البغدادي الفقية الشافعي رحل قديما فسمع من الحجار وغيره ثم رجع وحدث ببغداد صحيح البخاري عن الحجاز وتلخيص المفتاح عن مصنفه الجلال القزويني وتوفي في شوال (٢).

٢ ـ قتلة والي بغداد (مجد الدين إسماعيل):

في هذه السنة أو في التي قبلها قتل الشهزاده الشيخ علي الأمير إسماعيل بن زكريا بن حسن الدامغاني البغدادي والي بغداد باتفاق پير علي باوك (٣) واستشارته فسار السلطان حسين من تبريز إلى بغداد فانهزم

__________________

(١) الأنباء ج ١.

(٢) الشذرات ج ٦.

(٣) جاء في ابن خلدون أنه قنبر علي بادك وهذا مخالف للنصوص المنقولة عن حبيب السير من أنه بير علي باوك وقد تكرر بهذا الشكل كما أن محمود كيتي ذكره مكررا في تاريخ آل مظفر بهذا اللفظ ومثله في الغياثي «ابن خلدون ج ٥ ص ٥٥٣».

١٧٠

الشهزاده الشيخ علي من بغداد وكان استمر بولاية بغداد إلى أن أزاحه السلطان ... كذا في الغياثي وقال في حبيب السير أن سبب قتله الوالي إسماعيل دعت إلى الخلاف والقتال بين الإخوة من آل السلطنة كما أن الشيخ علي ولي بغداد بعد إسماعيل وحكمها (١).

وحينئذ سار السلطان حسين من تبريز إلى بغداد مستمدا بعادل آغا الذي استولى على عراق العجم فأمده وناصره فتمكن من قتل بعض أرباب الحل والعقد للمرة الثانية ، وفي هذه الأثناء انهزم الشهزاده الشيخ علي من بغداد عند ما رأى عادل آغا نصب خيامه قريبا من المدينة وعلم أن لا طاقة له بمقاومة هذا الصائل فتوجه إلى أنحاء دسفول (دسبول) وتستر وأقام السلطان ببغداد (٢).

وجاء في تاريخ ابن خلدون «كان إسماعيل بن الوزير زكريا بالشام هاربا أمام أويس فقدم على أبيه زكريا وبعث به إلى بغداد ليقوم بخدمة الشيخ فاستخلصه واستبد عليه ... فتوثب به جماعة من أهل الدولة منهم مبارك شاه وقنبر وقرا محمد فقتلوه وعمه الأمير أحمد منتصف سنة ٨١ واستدعوا قنبر علي بادك (بير علي باوك) من تستر فولوه مكان إسماعيل واستبد على الشيخ علي ببغداد ونكر حسين عليهم ما آتوه وسار في عساكره من توريز إلى بغداد ففارقها الشيخ علي وقنبر علي باوك إلى تستر واستولى حسين على بغداد واستمده (أخوه أحمد وكان بواسط) فاتهمه بممالأة أخيه الشيخ علي ولم يمده ونهض الشيخ علي من تستر إلى واسط وجمع العرب من عبادان والجزيرة فأجفل أحمد من واسط إلى بغداد وسار الشيخ علي في أثره فأجفل حسين إلى توريز واستوثق ملك بغداد للشيخ علي واستقر كل ببلده» ا ه (٣).

__________________

(١) حبيب السير ج ٣ ج ٣ ص ٨٣.

(٢) تاريخ الغياثي.

(٣) ابن خلدون ج ٥ ص ٥٥٣.

١٧١

وقد أوضح صاحب حبيب السير هذه الوقعة فقال إن الأمير إسماعيل جمع إليه بعض الأداني في ولايته على بغداد ولم يدع للشيخ علي اختيارا في أمر من الأمور بل غل يده ودامت هذه الحالة إلى أن كان في يوم جمعة من سنة ٧٨٠ ه‍ ذهب الأمير إسماعيل إلى الجامع فصادفه في طريقه رجل يدعى (مبارك شاه) فضربه بحسام كان معه فأرداه قتيلا وفي الأثناء وبناء على استمداد القتيل خرج من داره الأمير مسعود عم الأمير إسماعيل والأمير زكريا (هو غير والد الأمير إسماعيل) فناداهما فتقدما وحينئذ أسرع مبارك شاه وآخر معه يدعى قرا محمد فقتلاهما فعلم الشهزاده الشيخ علي بالأمر فسر بذلك وقطع رأس الأمير إسماعيل وصلبه في بنايته وأتي إليه برأسه ... فلما وصل الخبر إلى تبريز وعلم أبوه الأمير زكريا حزن على ولده وأصابه ألم عظيم من اغتيال أخيه مسعود أكثر لأنه كان يعلم ما سيحل بابنه ... وكان امرأ طاعنا في السن أما السلطان حسين فقد أصدر منشورا بإيالة بغداد وسلطنتها إلى أخيه الشيخ علي وأرسله إليه وبين له أنه لا يضايقه في حاكمية بغداد فتمكن الشيخ علي في الإمارة وفوض الوزارة إلى عبد الملك التمغاتي وأوصل قاتلي الأمير إسماعيل إلى أوج العز والرفعة إلا أنه رأى أن الأمر لا يستقيم له بهؤلاء فسير وراء (پير علي باوك) من أمرائهم القدماء وكان حاكم تستر من جانب شاه شجاع فطلبه لبغداد وإن الشيخ پير علي باوك جاء إلى بغداد ليتولى زمام أمورها كما أن الشيخ علي تصرف ببغداد وسائر أنحاء العراق مستقلا دون أن تكون له علاقة مع أخيه السلطان ... فلما سمع السلطان حسين وعادل آغا بما جرى لم يوافقهما ذلك ولم يقع هذا الأمر موقع القبول فجهزا الجيوش وفي سنة ٧٨٢ ه‍ نهضا من تبريز وتوجها إلى أنحاء بغداد. أما الشهزاده الشيخ علي وپير علي باوك فقد تيقنا أن لا قدرة لهما في مقابلة الجيش فتركا بغداد وذهبا إلى جهة تستر ... وكان من رأي عادل آغا أن يترك الشيخ پير علي باوك

١٧٢

في تستر وأن لا يتعرض له هناك وأن لا يعود مرة أخرى إلى بغداد ولا يتدخل في شؤونها ...

أما عبد الملك التمغاتي فإنه استفاد من الوضع وتمكن أن يجمع من أعيان بغداد مبلغا وافرا قدر بمبلغ ١٥٠٠ تومان وأرسله إليه واستدعى حضوره ... وعلى هذا نهض توا وسار إلى بغداد ... وإن السلطان حسين سير إليه محمود واقي وعمر قبچاق لمقابلته وهذان قد وقعا أسيرين في قبضة پير علي باوك وقتل أكثر من معهم من الجيوش وعندئذ ولما سمع السلطان بالخبر أمال عنان عزمه نحو تبريز وهناك رأى من المشاق في عودته ما لا يوصف ووصف بحالة سيئة جدا (١) ... هذا مجمل ما ذكره صاحب حبيب السير.

ومن هذا نرى دوام الحروب وطول المنازعات بين الأخوين. وفي روضة الصفا من التفصيلات ما لم نرها في غيره (٢) سوى أن تاريخ الغياثي ذكر أن قد نال الناس حيف من السلطان ولذا مالوا إلى أخيه ثانية وطلبوه من تستر ليوافيهم وناصروه على العودة إلى بغداد فعاد واستقر في الحكم. وجاء في الأنباء عن إسماعيل المذكور أنه أحد الأمراء ببغداد وكانت له في عمارتها بعد الغرق اليد البيضاء مات في رجب سنة ٧٨٠ ه‍ (٣).

__________________

(١) حبيب السير ج ٣ ص ٨٣.

(٢) روضة الصفا ج ٥ ص ١٧٤.

(٣) الأنباء ج ١ والشذارت ج ٦.

١٧٣

حوادث سنة ٧٨١ ه‍ ـ ١٣٧٩ م

وفيات

١ ـ ابن عسكر البغدادي :

في سنة ٧٨١ ه‍ توفي الشيخ شرف الدين أحمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن عسكر البغدادي المالكي نزيل القاهرة كان فاضلا قدم دمشق فولي قضاء المالكية بها ثم قدم القاهرة في دولة يلبغا فعظمه وولاه قضاء العسكر ونظر خزانته الخاصة وقد ولي قضاء دمياط مدة وحدث عن أبيه وابن الحبال وغيرهما ولم يكن بيده وظيفة إلا نظر الخزانة فانتزعها منه علاء الدين بن عرب محتسب القاهرة فتألم من ذلك ولزم بيته إلى أن كف بصره فكان جماعة من تجار بغداد يقومون بأمره إلى أن مات في ٢٦ شعبان وله ٨٤ سنة قال ابن حجر سمع منه جماعة من شيوخنا ومن آخر من كان يروي عنه شمس الدين محمد بن البيطار الذي مات سنة ٨٢٥ ه‍.

٢ ـ تقي الدين عبد الرحمن الواسطي :

هو الشيخ تقي الدين عبد الرحمن بن أحمد بن علي الواسطي البغدادي نزيل مصر شيخ القراء قدم القاهرة وتلا على التقي الصائغ وسمع من حسن سبط زيادة ووزيره وتاج الدين دقيق العيد وجماعة خرج له منهم أبو زرعة ابن العراقي مدة مشيخته وهو آخر من حدث عنه سبط زيادة وتصدر للاقراء مدة وانتفع به الناس ودرس القراءات بجامع ابن طولون قال ابن حجر وقرأ عليه شيخنا العراقي وشرح الشاطبية ونظم غاية الإحسان لشيخه أبي حيان ، توفي تاسع صفر عن ٧٩ سنة (١).

__________________

(١) الشذرات والدرر الكامنة ج ٢ ص ٣٢٣ والأنباء ج ١.

١٧٤

١٧٥

٣ ـ قارا بن مهنا أمير العرب :

هو أحد أمراء آل فضل ، مات في هذه السنة (٧٨١) بأرض السر من عمل حلب ، أثنى عليه طاهر بن حبيب (١). وقال في عقد الجمان «أمير آل فضل ، كان عمود الجود وذروة سنامه ، وحامية المستجيرين بحرمة ذمامه وحسامه ...» ا ه (٢).

وفي الأنباء أنه مات معتقلا ، وكان مطويا على دين وشجاعة وسلامة باطن ، وجاوز السبعين. وفي سنة وفاته أرسل نعير عمه صول بن حيار ليأخذ له الإمارة فلم يفلح في مسعاه وسجن (٣) ...

حوادث سنة ٧٨٢ ه‍ ـ ١٣٨٠ م

اضطراب الحالة :

لا تزال الاضطربات كما عرفت في حوادث سنة ٧٨٠ ه‍ والحروب بين الأمراء (إخوة الملك) وبين السلطان حسين لم تسفر عن نتيجة بعد وقد امتد لهيبها إلى ما بعد هذا التاريخ أي إلى سنة ٧٨٤ ه‍. وحادث قتلة الأمير إسماعيل أثار فتنا أخرى ... فالسلطان بعد أن أقر أخاه الشيخ عليا في بغداد رآه قد مد يده على الأطراف الأخرى وتمكن من الاستيلاء على كافة أنحاء العراق ... ذلك ما دعاه أن يسير إليه وأن ينتزع منه بغداد وغيرها .. ثم إن الشيخ عليا عاد للمرة الأخرى وكان قد جهز له عبد الملك التمغاتي أموالا كثيرة تبلغ ألفا وخمسمائة تومان فاستعان بها وتقدم ومن ثم رأى أن البغداديين قد طلبوه لما رأوه من أخيه من العسف والتطاول ... فرجع إليهم وحكم بغداد ...

__________________

(١) الدرر ج ٣ ص ٢٣٦.

(٢) عقد الجمان ج ٣.

(٣) الأنباء ج ١.

١٧٦

حوادث سنة ٧٨٣ ه‍ ـ ١٣٨١ م

قصاد السلطان إلى الشام :

في هذه السنة ذهب من قصاد السلطان جماعة إلى الشام بينهم القاضي زين الدين علي بن جلال الدين عبد الله بن نجم الدين سليمان العبايقي الشافعي قاضي بغداد وتبريز ، والصاحب شرف الدين ابن الحاج عز الدين الحسين الواسطي وزير السلطان وغيرهما (١).

وجاء في الأنباء في جمادى الأولى حضرت رسل حسين بن أويس صاحب بغداد وتبريز إلى برقوق وهم قاضي البلد الشيخ زين الدين علي ابن عبد الله بن سليمان بن السامي المغربي العبايقي (٢) الآمدي الشافعي ، وشرف الدين بن عطا ، ابن الحسن الواسطي الوزير ، وشمس الدين محمد بن أحمد البرادعي فأكرموا غاية الإكرام ، وذكر العبايقي أنه غرم على سفرته عشرة آلاف دينار ، وأنه جاء في مائة عليقة ، وكان يكثر الثناء على أهل الشام ، وتردد الكبار للسلام عليهم حتى القضاة ، ورتب لهم برقوق رواتب كثيرة ، وطلبهم عنده مرة ، ومد لهم سماطا حافلا. وكان سفرهم في ٢٥ من رجب (٣).

وهنا نرى الاختلاف في ضبط هذه الأعلام وتحقيقها يحتاج إلى مراجع أخرى .. وفي الغياثي أن هؤلاء الرسل إنما أرسلوا بناء على تملك السلطان حسين برقوق مصر وكان أول من تسلطن من الممالك الجراكسة.

__________________

(١) عجائب المقدور ص ١٦.

(٢) في الغياثي : الغناتقي.

(٣) الأنباء ج ١ حوادث هذه السنة ، والغياثي ص ١٨٧.

١٧٧

وفيات

١ ـ حسام الدين النعماني :

هو حسام الدين بن أبي الفرج أحمد بن عمر بن محمد بن ثابت ابن عثمان بن محمد بن عبد الرحمن بن ميمون بن حسان بن سمعان بن يوسف بن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة النعمان بن ثابت الفرغاني النعماني نزيل بغداد. اشتغل كثيرا ، وسمع الحديث من سراج الدين عمر القزويني ، وله من أبي الفضل صالح بن عبد الله بن جعفر بن الصباغ إجازة ، وأعاد بمشهد أبي حنيفة ببغداد ، ونقلت نسبه من خط ابن أخيه القاضي تاج الدين البغدادي لما قدم علينا من بغداد بعد العشرين وثمانمائة وكان قدم في أواخر زمن المؤيد فارا من ابن قرا يوسف لأنه كان آذاه وجدع أنفه ففر منه إلى القاهرة وألب عليه فهم المؤيد بغزو بغداد وصمم على ذلك ، ثم فاته الأجل فتحول تاج الدين بعد موت المؤيد إلى دمشق وولي بها بعض المدارس ومات بها. وكان تاج الدين حدث بمسند أبي حنيفة جمع أبي المؤيد محمد بن محمود بن محمد الخوارزمي بروايته عن عمه عن ابن الصباغ عن مؤلفه وبروايته عن عبد الرحمن بن لاحق الفيدي عن علي بن أبي القاسم بن لميم الدهساني إجازة عن مؤلفه سماعا. هذا ما قاله أنباء الغمر في أبناء العمر.

وقد مضى الكلام على تاج الدين في المجلد الأول وقد ترجمناه في حوادث سنة ٨٣٤ ه‍. وابنه قد ترجم في حوادث سنة ٨٦٨ ه‍ ...

جامع النعماني وجامع الشيخ سراج الدين

الآثار الإسلامية في هذا العصر كثيرة سواء كانت مدارس أو جوامع ، أو مستشفيات أو عمارات أخرى .. والسبب في ذلك اتخاذ بغداد عاصمة ، وأن الأمراء والأكابر صاروا يبذلون الثروة في سبيل الزينة

١٧٨

والعمارة من جهة ، وفي ناحية الثقافة والدين والصحة من أخرى. وكذا أصحاب البر يراعون الثواب فيعملون لصالح الجماعة ...

وبعض الجوامع لا تزال معروفة بأسماء أصحابها من أولئك المؤسسين ، والشهرة محتفظ بها. مما يجعلنا نميل إلى التقريب بينهما ونرى صحة التسمية والنسبة إلى الأشخاص المعروفين الذين ذاع اسمهم في هذا العصر من المشاهير من أقوى الأدلة وللذيوع والشيوع حكمه ..

ومن هذه الآثار :

١ ـ جامع النعماني :

وهذا لا يزال محفظا باسمه ، وسعته تدل على مكانته السابقة وهو الكائن اليوم في شارع الكيلاني (١) ونرى أنه من مؤسسات العالم المشهور حسام الدين النعماني المذكور في وفيات هذه السنة .. ، أو من أحد أصحاب الخير فسماه باسمه تخليدا لذكراه .. والشهرة والتسمية المحفوظة تنطبقان على هذا الجامع ومؤسسه .. وهما من أقوى ما نعول عليه ، فلا مانع من الركون إليهما .. وإن فقدان النصوص لا يمنع من قبول ذلك. وقد اكتفى المرحوم الأستاذ شكري الآلوسي بقوله في هذا الجامع إنه من مساجد بغداد القديمة ، فيه منارة بيضاء مطلة على الطريق ..

واشتهر في هذا البيت تاج الدين (٢) النعماني قاضي بغداد ابن أخي حسام الدين المذكور وهذا توفي عام ٨٣٤ ه‍ خارج بغداد. فزال احتمال بنائه منه ... ولتاج الدين هذا ابن له مكانته أيضا ومن دواعي بقاء هذا الجامع ظهور علماء كثيرين من أسرة واحدة مكنت من بقاء هذا الجامع ودوامه لما ناله علماؤهم من المكانة ...

__________________

(١) وهذا لا علاقة له ب «جامع النعمانية» المذكور في صحيفة ٧٥ من تاريخ مساجد بغداد فإنه من آثار القرن الثاني عشر الهجري ...

(٢) ترجمته في الضوء اللامع ج ٢ ص ٨٢ وابنه في ج ٧ ص ١٦ منه.

١٧٩

وكان قد عمره داود باشا سنة ١٢٣٩ ه‍ وفي الأيام الأخيرة آل إلى الخراب وهدمت منارته سنة ١٣٥٣ والآن بدأت دائرة الأوقاف بتعميره في هذه السنة ١٣٥٤ ه‍ ـ ١٩٣٦ م.

٢ ـ جامع سراج الدين :

وفي هذا العصر اشتهر الشيخ سراج الدين عمر القزويني المتوفى سنة ٧٥٠ ه‍ ولا يزال الجامع معروفا باسم (جامع الشيخ سراج الدين) ، وفي بغداد اليوم محلة تسمى ب (محلة سراج الدين) وقد مضت ترجمة هذا الشيخ في هذا الكتاب وهو من علماء الإجازة ، والكثيرون يفتخرون في الأخذ عنه فلا إبهام في النسبة .. وإن عدمت الصراحة في النصوص التاريخية .. ويقوي هذا مكانة ابنه المترجم ومهما يكن فلا يبعد أن نجد ما يؤيد رأينا هذا فيما يظهر من الوثائق والمخلدات التاريخية ...

وللتعرف بمنزلة الرجل ننقل نص ابن بطوطة فيه قال :

«لقيت بهذا المسجد ـ جامع الخليفة ـ الشيخ الإمام ، العالم ، الصالح ، مسند العراق سراج الدين ، أبا حفص عمر بن علي بن عمر القزويني ، وسمعت عليه فيه جميع مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن فضل بن بهرام الدارمي وذلك في شهر رجب الفرد عام ٧٢٧ ه‍ ... الخ» ا ه (١).

وفي هذا ما يعين أنه اشتغل بالتدريس بعد هذا لمدة ٢٣ سنة. وأمد مثابرته على الإفادة مما زاد في احترامه والاعتقاد في علمه ومكانته في القلوب (٢) ...

__________________

(١) تحفة النظار ج ١ ص ١٣٥.

(٢) جاء في ابن قاضي شهبة عند الكلام على وفاة محمد بن عمر بن علي بن عمر الشيخ العالم الرئيس محب الدين ابن الشيخ العلامة سراج الدين الحسيني القزويني شيخ بغداد ومسندها وإمام جامع الخليفة المتوفى سنة ٧٧٥ ه‍ أنه كان قد =

١٨٠