موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٢

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٢

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

الجسر النافذ إلى الجانب الشرقي من البلد الممتد من مسناة الجسر إلى القهوة الشهيرة بقهوة زنبور فيه ضيق على المجتازين بسببه يحصل ازدحام ومشقة للمارين خصوصا من ضعف منهم كالصبيان والشيوخ والزمنين ، وسبب ذلك أنه جادة واحدة ليس لها ثانية ، ويقابله من طرف الجسر الآخر الغربي ثلاث طرق متحاذية متباينة ، فطلبوا منه أن يعرض هذا الحال لحضرة الوزير ... داود ... ويرجو منه أن يفتح بابا للجسر آخر ، ويجعل داخل الباب طريقا عاما يسلك منه الصغير والكبير فيكون في ذلك تيسير للسالكين وأن يفتح الباب من مكان في حذاء الجسر هدمت عمارته وهو الآن خراب ليس فيه منفعة دنيوية ولا مصلحة أخروية ، ومع ذلك فهو مأوى المفسدين والزناة والفسقة. وبعد الإلحاح على القاضي أجابهم معتذرا بأنه لقرب عهده لم يميز أمور البلد الخيرية عن الشرية. وفي اليوم الثاني جاءه أعيان العلماء بأجمعهم وبينهم مفتي الحنفية محمد أسعد أفندي ، ومفتي الشافعية عبيد الله أفندي ، والسيد محمود أفندي نقيب الأشراف فالتمسوا منه أن يعرض الحال على الوزير الذي منذ جلس على تخت المملكة باشر بتعمير الجوامع والمساجد والقناطر والجسور. فذهبوا جميعا إلى المكان لرؤيته ، ومشاهدة الازدحام وما فيه من الأذى ... ومن ثم تحققت له المنفعة فعرض حينئذ الحالة على حضرة الوزير ... فلما اطلع الوزير على إعلام حاكم الشرع الشريف وعلم أن في ذلك مصلحة شرع في عمارة الباب والطريق العام. وعمر عمارات في رأس الطريق فجعل قهوة مشرفة على الدجلة العظمى وخانا للتجار و٢٦ دكانا ، ودكة صراف وكرخانة يحمس فيها قهوة البن تسمى بالتحميس ، وكرخانة أخرى يعمل فيها الخبز وبنى بحذاء الطريق (جامعا) حسنا في داخله مدرستان وحجر كثيرة لسكنى طلبة العلم .. وفي طرفيه مأذنتان. ثم إن حضرة الوزير .. لما فرغ من هذه العمارات وقفها على (جامع الآصفية) الذي أنشأه وعدد شروط الوقف ومصارف الجامع والمدرستين.

١٢١

وعلى كل لا يزال يسمى الجامع ب (الآصفية) وب (المولى خانة) وقد ذكر في تاريخ مساجد بغداد ما قيل من الشعر في تاريخ تجديده وفصلت أمور أخرى مهمة لا نرى حاجة في تكرارها .. والأصل من مؤسسات مخدوم شاه المذكورة. ولا يعرف بالتحقيق ما كان قبل ذلك.

وفيات

١ ـ ابن الدريهم الموصلي :

هو تاج الدين علي بن محمد بن عبد العزيز الثعلبي المعروف بابن الدريهم ، وهو لقب أحد أجداده سعيد ولد في شعبان سنة ٧١٢ ه‍ ؛ وقرأ القرآن بالروايات على أبي بكر بن العلم سنجر الموصلي ، وتفقه على الشيخ نور الدين علي ابن شيخ العوينة ، وأخذ عن علاء الدين بن التركماني ، وشمس الدين الأصفهاني .. وسافر إلى دمشق ثم القاهرة فأثرى وتمول ، وله حوادث في مصر وسورية ؛ ثم رتب مدرسا بالجامع الأموي ، ثم في صحابة ديوان الجامع ؛ ثم رتب في ديوان الأسرى.

دخل مصر فبعثه الناصر حسن رسولا إلى الحبشة وهو مكره على ذلك فوصل إلى قوص فمات في صفر هذه السنة (٧٦٢ ه‍).

وكان ماهرا في الأحاجي والألغاز وحل المترجم والأوفاق والكلام على الحروف وخواصها.

وفي كشف الظنون توفي سنة ٧٦٣ ه‍ وله منظومة في المعمى شرحها في كتاب سماه مفتاح (الكنوز في حل الرموز) (١) ..

٢ ـ شمس الدين محمد بن عيسى بن كر :

ويروى كثير عوض (كر) وهو مرواني بغدادي ثم مصري حنبلي.

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ١٠٧ وكشف الظنون ج ٢ ص ٤٨٦.

١٢٢

ولد سنة ٦٨١ ه‍ وكان قدم أبوه من بغداد إلى القاهرة حين غلب عليها هلاكو. ولي مشيخة الزاوية التي بجوار المشهد الحسيني ، وأخرى بالقرب من الدكة ... كان موسيقيا ، أخذها عن غير واحد ففاق الأقران وصنف فيها تصنيفا بديعا في فنه فهو فرد لا يلحق ، فقد نقل مذاهب القدماء وحررها ، وأخذ على نفسه بأن لا يمر به صوت مما ذكره الأصبهاني إلا ويجيء به على وجهه ، ولم يتكسب ببضاعة الموسقى ، ذكر ذلك ابن فضل الله وقال لقد رأيته يوما غنى فأضحك ، ثم غنى فأبكى ، ثم غنى فنوم فرأيت بعيني ما كنت سمعت بأذني عن الفارابي. مات سنة ٧٦٣ ه‍ (١).

حوادث سنة ٧٦٤ ه‍ ـ ١٣٦٣ م

وفيات

محمد بن الحسين الربعي (ابن الكويك):

هو شرف الدين محمد بن الحسين بن محمود بن أبي الفتح المعروف بابن الكويك الربعي التكريتي ثم المصري كان من أعيان التجار الكارمية ، وهو صاحب المدرسة الكبيرة بمصر ، جعلها دار الحديث ، ورصد لها أوقافا كثيرة. مات بمكة مجاورا سنة ٧٦٤ ه‍ وترك مالا كثيرا جدا فأفسده ولده محمد في سنة واحدة فيقال إنه أتلف فيها سبعين ألف مثقال ذهبا (٢).

__________________

(١) الدرر الكامنة ج ٤ ص ١٢٨.

(٢) الدرر الكامنة ص ٤٢٩.

١٢٣

حوادث سنة ٧٦٥ ه‍ ـ ١٣٦٤ م

عصيان والي بغداد الخواجة مرجان :

كان السلطان قد بقي في تبريز إلى هذه الأيام ، وفيها عصى الوالي الذي كان قد نصبه على بغداد من حين ذهب ، وحاول أن يستقل في بغداد ، وأعلن حكومته ، وجاهر بمخالفة السلطان .. وهذا هو صاحب الأوقاف المذكورة سابقا فسار السلطان إليه من حين سمع ؛ وعزم على دفع غائلته ، فتأهب الفريقان للقتال. وفي أثناء تقابل الجيوش قام الأمير زكريا وزير السلطان أويس ونادى الأمراء الذين مع الخواجة مرجان كلّا باسمه (يا فلان) فقالوا نعم : فقال إننا إذا جاء أمر ربنا وبذلنا نفوسنا في سبيل السلطان فلنا العذر ، وأما أنتم فتبذلون أنفسكم لطواشي قليل القيمة والقدر. فلما سمعوا هذا الكلام انحازوا إلى عسكر السلطان ، وبقي مرجان وحده فريدا ففر إلى المدينة وخرب جسر دجلة. وفي اليوم التالي طلب رحمة السلطان ولطفه به ورأفته وفتح له أبواب بغداد ، وإن العلماء والسادة والمشايخ والعارفين قد استقبلوا موكب السلطان ؛ كما أوصاهم الخواجة مرجان وشفعوا في العفو عنه فدخل بغداد. وحينئذ عفا عن الخواجة مرجان إذ تبين له أن الأمراء كانوا قد شوشوا عليه أمره ؛ وأشاروا إليه أن يعصي فلم يستطع أن يخالفهم خوفا على نفسه فقبلت معذرته (١).

وما جاء في الدرر من أن سبب عصيانه كان أحمد بن حسين أخي السلطان أويس وأن السلطان قتل أخاه حسينا المذكور فلا أثر له في التواريخ الأخرى كما أن الوقعة لم تكن سنة ٧٦٧ ه‍.

هذا وكان الخواجة مرجان قد فتح سدود دجلة فأغرق أطراف

__________________

(١) حبيب السير ج ٣ ص ٨١ وسمي الوالي ب «أمير جان».

١٢٤

بغداد لمسافة أربع ساعات فقد كسر سد (قورج) وقطع الطريق فلم يتمكن السلطان من الاستيلاء على البلد ومضت أيام والوضع في توقف ولم يتيسر الأمر ومن ثم أمر السلطان جماعة من أمرائه أن يذهبوا إلى النعمانية ويحصلوا على سفن. وفي هذه الأيام وافى لخدمة الملك قرا محمد حاكم واسط وسارع بإمداد السلطان وقدم له سفنا كثيرة فتمكن من العبور والاستيلاء على بغداد وألقى القبض على الخواجة مرجان بالوجه المذكور.

والخواجة مرجان كان طواشا (١) ، رومي الأصل ويلقب بأمين الدين ابن عبد الله بن عبد الرحمن الأولجايتي نسبة إلى السلطان أولجايتو (محمد خدابنده) أحد سلاطين المغول وكان من مماليكه ... ومن المقطوع به أنه لم يرجع إلى ولاية بغداد ثانية إلا بعد مدة. وبيانه في نص الوقفية يشعر بمجمل حياته .. والأمراء أساس الفتن ومنبع الغوائل ، وهم الذين اضطروه على القيام فلم يره صالحا للحكم إذ تحقق ضعف نفسه. وفي هذه الوقعة قتل السلطان من أمرائه كيخسرو ، وشيخ علي ، ومحمد بيلتن ، وعلي خواجة وجماعة آخرين كان قد ارتاب فيهم ... ولهذه دخل على ما يظهر في أصل الحادث (٢).

وللخواجة سلمان الساوجي قصيدة في هذه الوقعة ذكرها صاحب روضة الصفا ومثبتة في ديوانه وفي كتاب سلمان الساوجي لرشيد ياسمي (٣).

__________________

(١) في لغة جغتاي «تواشي» يطلق على رئيس الخدم ، أو رئيس خدم البلاط الداخلي ، أو آغا الحرم ، ومخرج التاء قريب من مخرج الطاء فعرب إلى «طواشي».

(٢) تاريخ مفصل إيران ص ٤٥٧ وروضة الصفا ج ٥ ص ١٧١ ، وكلشن خلفا ص ٤٩ ـ ١ ، والغياثي ص ١٨٢.

(٣) سلمان ساوجي ص ١١٣.

١٢٥

فتح فارس :

في هذه السنة أشار الخواجة سلمان في قصيدة له إلى استيلاء السلطان على فارس ولكن هذه مساعدة من السلطان أويس لشاه محمود المظفري ، وفيها تسلطت الجيوش على شاه شجاع وجعلت هذه الوقعة نفوذا للجلايرية وصيتا ذائعا إلى حدود كرمان وهرمز وخليج فارس ... وصار يخطب ود هذه الحكومة كل من شاه شجاع وأخيه شاه محمود ويريد أن يكون له حماية وصلة بها.

وفيات

١ ـ مدرس البشيرية :

القاضي جمال الدين عبد الصمد بن إبراهيم بن خليل ويعرف بابن الخضري (الحصري) الحنبلي ، محدث بغداد ؛ المدرس في البشيرية ، اختصر تفسير الرسعني ، كان يحدث ويحضره خلق منهم المدرسون والأكابر ، وله ديوان شعر حسن ، وخطب ووعظ. مدح الشيخ تقي الدين الزريراني (١) ورثاه. ورثى الشيخ تقي الدين ابن تيمية أيضا توفي ببغداد في رمضان ودفن في مقبرة الإمام أحمد (٢).

٢ ـ شهاب الدين الشيرجي (السرحي):

هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن سليمان الشيرجي (السرحي) مرت ترجمته في هذا المجلد وهو من وفيات هذه السنة فذكر هناك سهوا (٣).

__________________

(١) زريران مرت سابقا في هذا المجلد وهذه القرية شاهدها ابن جبير ووصفها أجمل وصف في رحلته صحفة ٢١٥ طبع أوروبا ...

(٢) الشذرات والدرر ج ٢ ص ٣٦٧.

(٣) الشذرات ج ٦ ص ٢٠٤.

١٢٦

٣ ـ أبو عبد الله محمد الواسطي :

هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عبد الله الحسيني الواسطي المؤرخ ولد سنة ٧١٧ ه‍ درس بالصارمية وأعاد بالشامية البرانية وكتب الكثير نسخا وتصنيفا بخطه الحسن. فمن تصانيفه مختصر الحلية لأبي نعيم في مجلدات سماه مجمع الأحباب ، وتفسير كبير ، وشرح مختصر ابن الحاجب في ثلاثة مجلدات ، وكتاب في أصول الدين في مجلد ، وكتاب في الرد على الإسنوي في تناقضه وكان منجمعا عن الناس والفقهاء خصوصا توفي في ربيع الأول ودفن عند مسجد القدم (١).

٤ ـ القاضي جمال الدين الشهيد :

جمال الدين أبو حفص عمر بن عبد المحسن بن إدريس الأنباري ثم البغدادي الحنبلي الشهيد الإمام الفاضل قرأ على جمال الدين أحمد ابن علي البابصري وغيره وتفقه حتى مهر في المذهب ونصره وأقام في قمع البدع ... وكان إماما في الترسل والنظم. وله نظم في مسائل الفرائض وارتفع حتى لم يكن في المذهب أجل منه من زمانه. استشهد في هذه السنة. وفي الدرر سنة ٧٦٦ ه‍. وقال «كان من قضاة العدل ، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، تعصب عليه جماعة ... ونسبوه إلى ما لا يصح عنه فضرب بين يدي الوزير ، ضربا مبرحا فمات» ا ه. دفن في مقبرة الإمام أحمد في المدرسة التي عمرها (٢).

٥ ـ مجد الدين أحمد بن علي بن الحسن بن خليفة البغدادي :

الحسيني التاجر ولد سنة ٦٩١ ه‍. أخذ عن ابن المطهر الحلي في

__________________

(١) الشذرات والدرر ج ٣ ص ٤٢٠.

(٢) الشذرات والدرر ج ٣ ص ١٥٤ و١٧٣ وكررت ترجمته في الدرر.

١٢٧

المعقول ، وقدم دمشق فشغل الناس وانتفع به جماعة وخلف ثروة جيدة مات في رمضان سنة ٧٦٥ ه‍ (١).

حوادث سنة ٧٦٦ ه‍ ـ ١٣٦٤ م

سفر السلطان ـ والي بغداد الجديد :

إن السلطان أويس قضى ـ بعد وقعة الخواجة مرجان ـ نحو ١١ شهرا براحة وطمأنينة وفوض منصب ولاية بغداد إلى (سلطان شاه خازن) (٢) وهذا الوالي هو والد بيرام شاه (بيك) المذكور سابقا ...

وقائع الموصل وما جاورها :

ثم توجه إلى الموصل فاستولى عليها وانتزعها من يد مراد خواجة أخي بيرام خواجة التركماني مؤسس حكومة قرا قوينلو وللخواجة سلمان الساوجي قصيدة في فتح الموصل ذكرها صاحب روضة الصفا ... ومن هناك سار إلى صحراء موش فحارب بيرام خواجة هناك ودمره وقبائله ، ثم مال من طريق قرا كليا تبريز فأقام بها .. ودامت مدة إقامته فيها إلى آخر أيام حياته ...

وقد تعرض لهذه الوقائع صاحب الشرفنامة في حوادث سنة ٧٦٦ ه‍ كما أن سلمان الساوجي جمعها مع فتح فارس سنة ٧٦٦ في قصيدة واحدة مدح بها السلطان ، وسماها (مفتاح الفتح) فمنحه السلطان من أجلها خمسة آلاف دينار أعطاها له من أموال الغنائم (٣) ...

__________________

(١) الدرر ج ١ ص ٢٠٧.

(٢) ورد في روضة الصفا سليمان شاه خازن ج ٥ ص ١٧١.

(٣) حبيب السير ج ٣ ص ٨١ وسلمان ساوجي. وروضة الصفا ج ٥ ص ١٧١.

١٢٨

وفيات

١ ـ الشيخ نور الدين محمد بن محمود البغدادي :

هو الإمام المقرىء الحنبلي. سمع وخرج وقرأ واقرأ ، وتميز وولي الحديث بمسجد يانس (كذا) بعد القاضي جمال الدين عبد الصمد المذكور في وفيات السنة السابقة. توفي ببغداد سنة ٧٦٦ ه‍ ودفن بمقبرة الإمام أحمد (١).

حوادث سنة ٧٦٧ ه‍ ـ ١٣٦٥ م

١ ـ الصاحب عز الدين أبو المكارم الحسين بن محمد الحسيني الأسدي :

البغدادي المعمر أبو المكارم بن كمال الدين بن تاج الدين المعروف بابن النيار ولد سنة ٦٧٤ ه‍ سمع من أبيه والرشيد بن أبي القاسم ... وأجاز له المجد بن بلدجي (٢) وابن الطبال وغيرهما من شيوخ بغداد كما أنه أخذ عن غيرهم ، وناب في الحكم ببغداد على مذهب الشافعي. وكان ممن ثبتت رياسته مات في صفر سنة ٧٦٧ ه‍ (٣).

٢ ـ علي بن محمد بن يحيى بن هبة الله العباسي :

الحنفي البغدادي. سمع على عبد الكريم بن بلدجي (٤) وعلى

__________________

(١) الشذرات ج ٦ ص ٢٠٧.

(٢) ترجمته في المجلد الأول وهو صاحب كتاب المختار المتن الفقهي المعتبر المشهور ، وشرحه المسمى بالاختيار ... وله ثلاثة إخوة هم عبد الدائم وعبد العزيز وعبد الكريم وقد فصل القول فيه صاحب الفوائد البهية في صحيفة ١٠٦ وسماه مجد الدين عبد الله بن محمود.

(٣) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٦٩.

(٤) هو أخو مجد الدين عبد الله بن بلدجي المذكور في الترجمة السابقة.

١٢٩

الرشيد بن أبي القاسم وولي قضاء بغداد ، ونقابة الأشراف ، ودرس وخطب. مات في رجب سنة ٧٦٧ ه‍ (١).

حوادث سنة ٧٦٨ ه‍ ـ ١٣٦٦ م

وفيات

١ ـ ابن العاقولي :

هو محيي الدين محمد بن جمال الدين عبد الله بن محمد بن علي ابن حماد بن ثابت الواسطي الأصل البغدادي المعروف (بابن العاقولي). أخذ عن والده (٢) وغيره ، ودرس بالمستنصرية للشافعية ، وانتهت إليه رئاسة العلم والتدريس ببغداد قال ابن رافع بلغنا أن والده كان يقول «ولدي محمد ممن أوتي الحكم صبيا». وهو والد الشيخ غياث الدين محمد (٣). مات في ١٤ ، أو ١٧ رمضان سنة ٧٦٨ ه‍ عن ٦٤ سنة ، ومولده سنة ٧٠٤ ه‍ وأبوه ذكره الإسنوي في طبقاته (٤).

حوادث سنة ٧٦٩ ه‍ ـ ١٣٦٧ م

حكومة شروان :

هذه الحكومة أيام ملكها كاوس بن كيقباد كانت قد عاثت في أنحاء آذربيجان استفادة من غياب السلطان أويس فعزم على تأديبها والوقيعة بها .. فلما رأى كاوس ذلك أرسل جماعة من الأئمة والمشايخ في طلب العفو ... فعنا السلطان عنه وهدأت الأمور (٥).

__________________

(١) الدرر ج ٣ ص ١٢٢.

(٢) ترجمته في المجلد الأول من هذا الكتاب.

(٣) ستأتي ترجمة ابنة غياث الدين محمد في حوادث سنة ٧٩٧ ه‍.

(٤) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٤٨٣.

(٥) روضة الصفا ج ٥ ص ١٧١.

١٣٠

فيضان ـ غرق :

في هذه السنة فاضت دجلة ودخل الماء بغداد ، فاض ليلا ودخل المدينة ، وعند الصباح نقص الماء (١) ...

والي بغداد :

في هذه السنة توفي والي بغداد سلطان شاه خازن وهذا لم يظهر في أيامه ما يستحق التدوين أو لم يصل إلينا من حوادث أيامه شيء يذكر (٢).

والي بغداد الجديد :

عاد للمرة الثانية الخواجة مرجان وأعطاه السلطان الطوغ والعلم والنقارة ... ودامت إيالته في بغداد لمدة ست سنوات (إلى سنة ٧٧٤ ه‍) وقد بذل العدل وأمن السبل ... وبنى العمارة العالية الجديدة وأتم ما كان قد شرع به سابقا من الأبنية (٣) ...

وفيات

١ ـ الأمير قاسم ابن السلطان الشيخ حسن :

في هذه السنة توفي الأمير قاسم أخو السلطان أويس بمرض الدق فأجريت له مراسم الحداد فنقل إلى النجف الأشرف ودفن بجوار والده الشيخ حسن الايلگاني وكان قد ولد في جمادى الأولى سنة ٧٤٨ ه‍. ومقبرتهم موجودة داخل الصحن ، عثر عليها في الأيام الأخيرة فأعيدت إلى ما كانت عليه ... وللخواجة سلمان مرثية فيه (٤) ...

__________________

(١) الدر المكنون.

(٢) روضة الصفا ج ٥ ص ١٧١.

(٣) تاريخ مفصل إيران ، ص ٤٥٨ وروضة الصفا ج ٥ ص ١٧١.

(٤) سلمان ساوجي ص ١٨ وروضة الصفا ج ٥ ، ص ١٧١.

١٣١

٢ ـ بيرام شاه بن سلطان شاه خازن :

توفي في هذه السنة بيرام شاه ابن والي بغداد ... فارتبك السلطان لموته واضطرب ، فتنغصت حياته وزاد حزنه عليه بحيث لم يفتر لحظة عن ادكاره ... وقد مر بنا في سنة ٧٦١ ه‍ حادث انفعاله من بعض الندماء وذهابه إلى بغداد ثم استعادته إلى تبريز ... وإن مصابه أثر تأثيرا عظيما على السلطان. وقد أشرنا إلى ما كلف به الخواجة سلمان من نظم قصة فراقه (فراقنامه) وكان قد نظمها سنة ٧٧٠ ه‍ ... فلا نرى حاجة لإعادة الكلام هنا ... وكان سبب وفاته إدمان الشرب (١) ...

حوادث سنة ٧٧٠ ه‍ ـ ١٣٦٨ م

أمير العرب :

ولي في هذه السنة زامل بن موسى بن عيسى بن مهنا ، ولاه الأشرف عوضا عن جماز بن مهنا أمير آل علي من طيئ ، وكان قد تقلد جماز مكان مهنا بن موسى. ولما مات جماز أمر الناصر ولده رملة بن جماز (٢).

وفاة الحاجة ماما خاتون :

في أوائل هذه السنة توفيت الحاجة ماما خاتون زوجة السلطان أويس وأم أولاده. فحزن عليها السلطان وأجريت لها مراسم الحداد (٣) ...

__________________

(١) روضة الصفا ج ٥ ص ١٧١.

(٢) الدرر ج ٢ ص ١١٠.

(٣) روضة الصفا ج ٥ ص ١٧١.

١٣٢

حوادث سنة ٧٧١ ه‍ ـ ١٣٦٩ م

طاعون عظيم :

حدث في تبريز طاعون عظيم ، وكذلك في البلدان الشمالية ، وقد بالغ المؤرخون في وفياته كثيرا فهو وباء فتاك جدّا (١) ..

وفيات

١ ـ ابن العلامة الحلي :

هو الشيخ فخر الدين أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي. مضت ترجمة والده في حوادث سنة ٧٢٦ ه‍ ، والمترجم ولد في ٢٢ جمادى الأولى سنة ٦٨٢ ه‍ ذكره جماعة من علماء الرجال منهم صاحب لؤلؤة البحرين وصاحب روضات الجنات .. وهو من مشاهير رجال الشيعة في الفقه والكلام وعلوم أخرى إلا أنه لم يبلغ درجة والده العلامة ، وغالب مؤلفاته شروح وحواش أو توضيحات لكتب والده ... وله المكانة الرفيعة عند الشيعة والمعروف أنه أخذ عن عمه الشيخ رضي الدين علي بن المطهر وعن والده دون بيان سائر شيوخه. ولعل شهرة والده غطت على الكل. والحق أن فقه والده لا يزال معمولا به من الفقهاء المعاصرين حتى الآن فيراعون غالب اختياراته وآرائه الفقهية في فقه الشيعة فلا غرابة أن يميل المترجم إلى جهة إيضاحها وشرحها ومن مؤلفاته :

١ ـ شرح القواعد سماه (إيضاح الفوائد في حل مشكلات القواعد) والأصل لوالده.

٢ ـ شرح خطبة القواعد.

__________________

(١) روضة الصفا ج ٥ ص ١٧٠.

١٣٣

٣ ـ حاشية الإرشاد.

٥ ـ الكافية الوافية في الكلام.

٦ ـ شرح نهج المسترشدين والأصل لوالده.

٧ ـ شرح مبادىء الأصول.

٨ ـ شرح تهذيب الأصول.

أخذ عنه من المشاهير :

١ ـ الشهيد.

٢ ـ السيد بدر الدين حسن بن نجم الدين المدني.

٣ ـ فخر الدين أحمد بن عبد الله المتوج البحراني.

٤ ـ السيد تاج الدين بن معية.

٥ ـ الشيخ ظهير الدين ابن السيد تاج الدين المذكور.

٦ ـ الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي من مشايخ ابن فهد الحلي.

توفي في ١٥ جمادى الآخرة سنة ٧٧١ ه‍ (١). وله ابن اسمه الشيخ ظهير الدين محمد ...

٢ ـ شمس الدين ابن المعافى الموصلي :

هو محمد بن تاج الدين عبد الله بن عز الدين علي بن المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن الحسن بن أبي سنان الموصلي الدمشقي. سمع بالموصل ودمشق وحدث عن أبي نصر بن الشيرازي ، وولي إمامة العدلية

__________________

(١) روضات الجنات ص ١٥٤ و٣٩٧ ولؤلؤة البحرين.

١٣٤

١٣٥

١٣٦

بدمشق ، وكان له حانوت يتجر فيه .. وكان قد أضر ، وكان خيرا ، ساكنا ، يلازم مواعيد الحديث ...

مات في سادس ذي القعدة سنة ٧٧١ ه‍ وجده المعافى المذكور من العلماء المشاهير توفي سنة ٧٣٠ ه‍ (١).

حوادث سنة ٧٧٢ ه‍ ـ ١٣٧٠ م

الأمير ولي والسلطان أويس :

إن السلطان كان قد فتح فارس ، ثم حدثت له منازعات مع الأمير ولي. وذلك أنه بعد قتلة والده طغاي تيمور استولى على مازندران وجرجان وقومس ولم يخل من مقارعات فهزمه السلطان أويس وجعل حكومة الري التي انتزعها منه إلى أحد أمرائه قتلغشاه. وبعد سنتين توفي المزبور فنصب السلطان مكانه (عادل آغا) وهذا كان شحنة بغداد فتعالت رتبته حتى صار من متميزي أمراء الدولة الإيلگانية المعروفين.

وللخواجة سلمان الساوجي قصيدة يهنىء بها السلطان في انتصاره على عدوه الذي كان قد عاث في ساوة (بلدة الشاعر) وخربها (٢).

حوادث سنة ٧٧٣ ه‍ ـ ١٣٧١ م

شعار السادة :

أمر الملك الأشرف (ملك مصر) في هذه السنة أن تلف عصائب خضر على العمائم علامة للعلويين فعمت في الأقطار ، وشاعت ، ولا

__________________

(١) الدرر ج ٣ ص ٤٧٩.

(٢) روضة الصفا ج ٥ ص ١٧٢ وسلمان ساوجي ص ٣٠ وتاريخ مفصل إيران ص ٤٥٨.

١٣٧

يزال أثرها باقيا إلى اليوم ... وقال في هذا الحادث عبد الله بن جابر الأندلسي نزيل حلب :

جعلوا لأبناء الرسول علامة

إن العلامة شأن من لم يشهر

نور النبوة في كريم وجوههم

يغني الشريف عن الطراز الأخضر

وقال الأديب شمس الدين محمد بن إبراهيم بن بركة الدمشقي :

أطراف تيجان أتت من سندس

خضر بأعلام على الأشراف

والأشرف السلطان خصهم بها

شرفا ليفرقهم من الأطراف

وهكذا شاع لقب (السيد) للاختصاص في العلوية ولكن هذا لم يعين بمرسوم من أحد الملوك. ولا ذاع في زمن ما تعيينه. وفي الأيام الأخيرة اكتسب شمولا (١).

ظهور تيمور لنك ـ أوليته :

في هذه السنة كان أول خروج تيمور لنك واستقلاله بالملك في تركستان وما وراء النهر وهو تيمور لنك (٢) بن طرغاي (ترغاي) بن ابغاي الجغطايي ظهر بين كش وسمرقند .. قام كفاتح عظيم وقد أرخ بعضهم ذلك بكلمة (عذاب) وفيها من الرمز والإشارة إلى أنه كان فاتكا قاسيا ... ووقائعه في العراق لا تزال ترن في الآذان ، وتتناقلها الألسن ، فنرى التعريف بأوليته لازم كتمهيد لتفسير وقائعه وما قام به من أعمال في الأقطار الإسلامية. ويعد من أكبر الفاتحين وحاول أن يقوم بأكبر مما قام به جنكيز خان المشهور ... وقد أفرد جماعة من المؤرخين أيام نهضته بالتأليف لما قام به من أعمال جليلة تركت أثرا عظيما في النفوس ...

__________________

(١) إنباء الغمر في أبناء العمر مخطوط.

(٢) تيمور هو لفظه المشهور ويقال تمر لنك وتمور ومعنى تيمور الحديد ويلفظ في لغة الترك العثمانيين «دمير» ...

١٣٨

كان عام ٧٧٣ ه‍ تاريخ نهضة تيمور ومبدأ فتوحه واستقلاله ... ومولده كان سنة ٧٢٨ ه‍ في قرية تسمى خواجة إيلغار من أعمال كش إحدى مدن ما وراء النهر ... كان أبوه من الفلاحين ونشأ خاملا إلا أنه كان قوي القلب ، شديد البطش ذكيا ، فطنا. مطبوعا على الشر ... ولما بلغ أشده وترعرع صار يتجرم فسرق مرة غنما فرماه راعيها بسهم فأصاب رجله فعرج منه فمن حينئذ قيل له (اللنك) وتعني في لغة العجم الأعرج ، والترك يدعونه (آقساق تيمور) ويقصدون عين الغرض ...

ثم انضمت إليه طائفة فصار يقطع الطريق ... وكان لا يتوجه إلى جهة فيرجع خائبا ، وكان يلهج بأنه يملك البلاد ويبيد العباد. وكان له اتصال بشمس الدين الفاخوري وببركة أحد الزهاد المشهورين في أيامه ... مما جعل الناس يتقولون بنسبة كرامات منهما أو دعوات له ... لأنهم مشبعون في هذه النسبة إلى أمثال هؤلاء الشيوخ والزهاد ... وإنما كانت نفسه كبيرة ، وعزمه قويا وهميته عالية وإرادته لا تتزعزع في تطلعه إلى الملك ، وهو ذو عقل وافر جدا فكان ذلك كله من أسباب نجاحه وأقوى الكرامات التي يجب أن تعزى إليه .. لا إلى شيخ أو درويش.

اشتهر أولا بمعرفة الخيل فطلبه صاحب خيل السلطان بسمرقند فقرره في خدمته ، وحظي عنده فاتفق أنه مات عن قريب فقرره السلطان مكانه ، وكان اسمه حسين من ذرية جنكز خان فكانت هراة وغيرها من بلاد المشرق في ملكه فاستمر اللنك في خدمته إلى أن بدا منه إجرام فخشي على نفسه فهرب وانضم إليه جمع وعاد إلى قطع الطريق ، فاهتم السلطان بأمره وجهز إليه جيشا ، فظفروا به ، فلما أحضروه استوهبه بعض أقارب السلطان ، فاستتابه وأقره في خدمته رغبة في شهامته فاستمر إلى أن خرج خارج بسجستان وكان ينوب فيها ، فجهز إليه السلطان عسكرا رأسهم اللنك فأوقعوا بذلك النائب ، واستولى اللنك منه على مال كبير

١٣٩

فقسم بين العسكر الذين صحبته واستتبوا هم في الاستبعاد في ذلك البلد وما حوله ، فأطاعوه وعصوا على السلطان فاتفق في تلك الأيام موت السلطان حسين المذكور ، وقام بعده ولده غياث الدين في المملكة فجهز إلى اللنك عسكرا كثيفا فلم يكن له بهم طاقة ففر منهم إلى أن اضطروه إلى نهر جيحون فترجل عن فرسه وأخذ معرفتها بيده ودلج النهر سابحا إلى أن قطعه ونجا إلى البر الآخر فتبعه جماعة من أصحابه على ما فعل وانضموا إليه ، وتبعهم جمع كانوا على طريقتهم الأولى فالتفوا عليه وقصدوا نخشب (مدينة حصينة) فطرقوها بغتة فقتل أميرها واستولى اللنك على قلعتها واتخذها حصنا له فلجأ إليه ، ثم توجه إلى بدخشان وبها أميران من جهة السلطان وكانا قريبي العهد بغرامة ألزمهما بها السلطان لجناية صدرت منهما فكانا حاقدين عليه فانضما إلى اللنك فكثر جمعه واتفق في تلك الأيام خروج طائفة من المغل على قمر خان صاحب هراة فجمع لهم والتقوا فهزموه فبلغ ذلك اللنك فسار إليهم وصاروا على كلمة واحدة فتوجه صاحب هراة إلى بلخ وتوجه اللنك بمن معه إلى سمرقند فنازلها فصالحه النائب بها واسمه (علي شير) على أن تكون المملكة بينهما نصفين ، فأقر بسمرقند وتوجه إلى بلخ فتحصن السلطان منه فحاصره إلى أن نزل إليه بالأمان فقبض عليه وتسلم البلد ورجع إلى سمرقند فدخلها آمنا وذلك في أوائل هذه السنة (سنة ٧٧٣ ه‍) فأقام رجلا من ذرية جنكز خان يقال له صرقتمش. وكانت السلطة يومئذ قد أنهيت إلى طقتمش خان بالدشت وتركستان وذلك بعد مجاهدات عظيمة ووقائع وبيلة كان تيمور لنك قد ساعده في غالبها ... ولكن تيمور لنك انقلب عليه في وقائع لها مساس في العراق على ما سيوضح .. وقد جعل صاحب الأنباء وقعة انتصاره على طقتمش في حوادث هذه السنة وليس بصحيح ...

وعلى كل استولى اللنك على ممالك كثيرة ، فبلغه ما اتفق

١٤٠