موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٢

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٢

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

مصالحها ، كما شرح في الوقفية الموقعة بتوقيع قضاة الإسلام ، الموشحة بشهادة الأمراء والوزراء العظام بالريحانيين (١) أربعة وأربعين دكانا ، واثنتي عشرة عصارة في السوق الجديد المجاور للمدرسة والصاغة ، وتسعة وعشرين دكانا أخرى ، وثلاث خانات ونصف خان إحداهن إنشاء الواقف ، ومواضع بالبدرية والامشاطيين ثلاثة داكين ؛ وبالمشرعة أربعة عشر دكانا وخانا جديدا من إنشاء الواقف تقبل الله منه صالح الأعمال ، وبالحلبة ثلاثة عشر دكانا وعصارة وخانا فيه اثنتان وخمسون حجرة ، وفي الجانب الغربي من محلة القصر دارا ومدارا وخانا يعرف بالجواري ؛ وفي الخليلات خان الزاوية ومدارا هي الآن من حقوق الخان المذكور. وبالحريم دكان الكاغد. وبنهر عيسى ناحية عقر قوف ونصف القائمية ، وتل دحيم (٢) وبساتين بالمخرمية وبساتين بقرية البرك ، والجوبة ، وقراح الجاموس ، وبالعراة مزرعة ، وبالقاطون ناحية زادمان ، وبجلولا من خان آباد النصف ، ومن بساتين ببعقوبة وببوهريز النصف وبخانقين دوري ونصف دور جوري وأرحية الماء وبغمايا ، ودولتاباد وبساتين في البندنيجين ، وبستان جديد في بوهريز إنشاء الواقف ، ونهر خرناباد وسائر أراضيها ومزارعها المدعو هرارشته وذلك بين جبل حمرين وخانقين وقفا صحيحا شرعيا مؤبدا مخلدا ، محرما بجميع ما حرم الله مكة والبيت الحرام والركن والمقام لا زال ذلك كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ، لا يندرس بكرور الأعصار ، ولا ينطمس بمرور الأدوار ، لا يؤجر من متغلب ومتعزز وجندي ومن يخاف غائلته بل يؤجر من رجل مسلم ، معامل بتمكين الوالي على هذا الوقف

__________________

(١) هو سوق العطارين. كذا قال المرحوم السيد نعمان خير الدين الآلوسي.

(٢) دحيم بالدال المضمومة من قرى نهر ملك وهي من نهر عيسى قال في مراصد الاطلاع. أقول ونهر عيسى يسمى الآن المسعودي وهو قرب قبر الجنيد نقلا عن المرحوم السيد نعمان الآلوسي.

١٠١

١٠٢

من مرافعته بين يدي الحكام ، وقضاة الإسلام ، قادرا على أداء ما يتوجب عليه من ضمان الوقف ، ومن فعل ذلك فتلك الإجارة باطلة ، وتصرفه حرام سحت ، ووصيتي إلى حكام كل زمان وعصر وأوان ، وإلى قاضي القضاة ببغداد أن يساعد الوالي على هذا الوقف واستخلاص الحقوق الواجبة ، لوقف هذه المدرسة ، وأن ينظروا إليهم بنظر الرحمة والرأفة ، فإن الحاكم العادل في رعيته كالوالد الشفيق على ولده ألا وإن كل من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة ، وأن لا يتعرضوا بمتولي هذا الوقف ومستوفيه ومشرفه من استرفاع حساب أو نصب أو ترتيب ولا يداخلوهم في ذلك بشبهة من الشبه ولا يعقد بهذه المدرسة ديوانا لفصل القضايا الشرعية ، أو ينازعوا فيه. فإن هذا الموضع موطن العلماء ومنزل الصلحاء فطوبى ثم طوبى لمن استجلب ترحما لنفسه ؛ وويل ثم ويل لمن صاحبته اللعنة في رمسه ، فيمثل ما تعاملون في حياتكم تعاملون في مخلفاتكم بعد مماتكم فإن المكافأة من الطبيعة واجبة ، كما تدين تدان ، وكما تزرع تحصد ، فإن الدنيا غدارة غرارة وإن طالت مدتها فما طالت ، وإن نالت لصاحبها فما نالت. ومن غير شروط هذه الأوقاف ، أو تصرف فيها خلاف ما شرطت في الوقفية فهو ظالم عند الله ألا لعنة الله على الظالمين ؛ وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ؛ ومأواه جهنم وبئس المصير وألحق بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وما ذلك على الله بعزيز ؛ وشرط الواقف تقبل الله منه الحسنات ولا واخذه ما كسبت يداه من السيئات أن لا يسلم من الأراضي الموقوفة من النواحي والبساتين والبسوط بالقرار الشمسي شيئا أصلا ؛ ولا من المسقفات من الدكاكين والخانات والطواحين بالعرضة أبدا ، ومن فعل ذلك فحكمه باطل ؛ وشرطه مفسوخ ؛ وتصرف من تصرف فيها بهذه

١٠٣

الشبهة حرام سحت وفاعله مأثوم ، ملوم الخالق والخلق (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وكتب في شهور سنة ثمان وخمسين وسبعمائة والحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبي الرحمة وشفيع الأمة ؛ وكاشف الغمة النبي الأمي العربي الهاشمي القرشي المكي المدني سيد المرسلين ورسول رب العالمين وخاتم النبيين وعلى آله الطاهرين الكرام وصحبه المنتخبين البررة وسلم تسليما كثيرا. ا ه.

الكتابات المنقورة على الجدران :

وفي المدرسة كتابات أخرى في مواطن متعددة تتعلق بالموقوفات نقلها بوقتها المرحوم السيد نعمان خير الدين الآلوسي وعليه اعتمدت في ذكر نص الوقفية والكتابات الأخرى في المدرسة. وهذا نص المكتوب في إيوان المزملات : «بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حق حمده ، والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد وآله وصحبه من بعده. يقول الواقف مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطاني الأولجايتي (١) من غير شروط أوقافي ، أو تصرف فيها خلاف ما شرطت لعن في الدنيا والآخرة ، وألحق (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) وشرطت (٢) أن لا يؤجر أكثر من سنة واحدة : ولا يعقد عقد إجارة قبل انقضاء العقد الأول ، ولا يوفر من الموقوفات شيء بوجه المرسومات بعد المرتزقة بها مما ذكر فهو ظالم عند الله. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي. وعلى آله

__________________

(١) نسبة إلى أولجايتو خان وهو محمد خدابنده المعروف بخربنده أحد ملوك المغول من ذرية هلاكو وهو من مواليه.

(٢) وردت بلفظ «وشرط».

١٠٤

الطيبين الطاهرين وصحبه وسلم. وذلك في شهور سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. كتبه أضعف عباد الله تعالى أحمد شاه النقاش التبريزي أحسن الله إليه في الدنيا والآخرة». ا ه.

وهذه الكتابة سقطت من مدة وقد احتفظ بأحجارها ... ولكنها لم تعد إلى موطنها ...

وهذا نص الكتابة المحفورة على ظاهر جدار المصلى والموجودة فوق سطح الطارمة :

«بسم الله الرحمن الرحيم. في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله. أنشأه المفتقر لمغفرة الملك المنان مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطاني الأولجايتي. تقبل الله منه في الدارين طاعاته ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم». ا ه.

والمكتوب على باب الجامع : (المدرسة)

بسم الله الرحمن الرحيم. (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) و(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ). هذه مدرسة رصينة البناء ؛ مشيدة الأرجاء ، أنشأها المفتقر إلى عفو ربه الملك المنان مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن. ابتدأ بها في أيام دولة المخدوم المكرم ؛ والنويان (١) الأعظم ؛ السلطان حسن أنار الله برهانه ، وكملت في أيام ايالة ولده النويان الأعظم (٢) ، سر العدالة في العالم ؛ سلطان السلاطين ، غياث الدنيا والدين (٣) ومغيث

__________________

(١) مر تفسيره وهو آمر الفرقة أو قائد الجيش ويطلق أيضا على الأمير «الشهزاده» راجع المجلد الأول من هذا الكتاب.

(٢) لعلها كما قال الفاضل بهجة الأثري «ناشر» لا «سر» راجع مساجد بغداد ص ٧٠.

(٣) ورد بلفظ «غاية الدنيا والدين» والصحيح أن لقب السلطان أويس غياث الدين وهو الصحيح كما علق الفاضل الأثري.

١٠٥

الإسلام والمسلمين ، الشيخ أويس ، لا زال هذا الملك الأعظم ملجأ وملاذا للأمم ؛ على أن يدرس فيها مذهبا الإمامين الهمامين ، والمجتهدين الأعظمين الإمام أبي حنيفة والإمام محمد بن إدريس الشافعي عليهما الرحمة والرضوان. وذلك في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. بقلم الفقير إليه تعالى أحمد شاه النقاش التبريزي عفا الله عن تقصيره» ا ه.

هذا ما نقله صاحب مساجد بغداد وقال نعمان الآلوسي بعد أن ذكر الآية إلى آخرها وأنه أتمها في زمن أويس أن بعد ذلك أسطرا قد محيت واندرست ومسح عليها بالجص أيضا ككثير مما كتب على جدران أوقافه .. وفي لغة العرب ذكر الأديب الفاضل مصطفى جواد نص ما تمكن من قراءته (١) ...

وقد رمم باب الجامع واحتفظ بوضعه القديم وأعيد المنهدم إلى مثل ما كان عليه كما أصلح مصلاه وعليت أرضه في أيام تولية المرحوم الشيخ أمين عالي آل باش أعيان العباسي وزارة الأوقاف سنة ١٣٤٥ ه‍ فاحتفظ بهذا الأثر الجليل (٢).

وهذه المدرسة قويت على الأيام ولا تزال قائمة وكان قد أمر سليمان باشا الكبير والي بغداد أن يوسع المصلى بهدم بعض الحجر المبنية وإدخالها فيه ، وجعل فيها عبد الله الراوي أو عبد الرحمن الراوي مدرسا فأرخ ذلك بهذه الأبيات :

تبارك من أنشا الأنام وأوجدا

وقيض منهم من يقام به الهدى

ففي كل قرن يبدو منه مجدد

حديث أتى عن سيد الرسل مسندا

__________________

(١) لغة العرب ج ٩ سنة ٧ ص ٦٩٠.

(٢) تاريخ مساجد بغداد تعليق الفاضل الأثري.

١٠٦

فكان بهذا القرن حقا مجددا

وزير محا رجس الضلالة والردى

فأحيا ربوع العلم بعد دروسها

وكم جامع أحيا وجدد مسجدا

ومذ بان في هذا المكان تخلخل

تداركه فورا فأضحى مشيدا

هنيئا له حاز الثواب لأنه

نوى عملا لله صرفا مجردا

وفيه روى الراوي الحديث مؤرخا

سليمان أضحى عادلا بل مجددا

١٢٠٠ ه‍

هذا ما ذكره السيد نعمان الآلوسي ومن دفتره نقلت ويقاربه ما جاء في مساجد بغداد. والملحوظ أن باب المصلى قد كتبت عليه هذه الأبيات منقوشة على الكاشي في التاريخ المذكور أعلاه بخط الخطاط العراقي الشهير نعمان الذكائي (١).

٢ ـ دار الشفاء :

من آثار الخواجة مرجان دار الشفاء. وهذه عادت اليوم قهوة تحتانية وأخرى فوقانية وتعرف ب (قهوة الشط). ثم صارت التحتانية محلا معدا للأعمال التجارية ولا تزال الأخرى قهوة. وكانت تؤدى (إجارة عرصة) للأوقاف ، وهي الآن من أوقاف (مدرسة اليانس) اليهودية وكذا الأملاك المتصلة بها .. وقد نبه على ذلك المرحوم السيد نعمان خير الدين وعينها في هامش دائرة المعارف للبستاني الموقوفة بين كتب مكتبته التي انضمت إلى دار كتب الأوقاف العامة. وأيد ذلك الأستاذ السيد محمود شكري الآلوسي في تاريخ مساجد بغداد (٢) ..

ومن الموقوفات على المدرسة وعلى دار الشفاء (خان الأورتمة) وسيأتي الكلام عليه في حينه. وقد اندرس غالب الموقوفات لهما ، فلا

__________________

(١) هو من تلامذة محمد أمين الأنسي كما يستفاد من إجازة الخطاط سفيان لمحمود الثنائي.

(٢) تاريخ مساجد بغداد ص ٧١.

١٠٧

١٠٨

يفيد مع النفوس الشريرة اللعن والتهديد بغضب الله ... مما ذكره الواقف رحمه الله تعالى في متن وقفيته وسائر ما حفره على الأحجار (١) ..

والواقف أول من التفت إلى عمل مثل هذا الأثر الجليل من عهد انقراض الحكومة العباسية فلم تهتم هذه الحكومة بمثل هذه الأمور ...

والأهلون مهملون من ناحية الصحة والثقافة لو لا أن أهل الخير شخصيا ، والواقفين السابقين أسسوا هذه المؤسسات النافعة .. فالحكومة لا هم لها إلا الجباية وسلب الأموال ... ولم تقلل من جشعها حتى في أيام اتخذت فيها بغداد عاصمة وزاد الاعتناء بها ... وإنما قام بالأعمال الخيرية أفراد حبا في الثواب ...

الملك الأشرف ـ انقراض الحكومة الجوبانية :

كان قد ولي الملك الأشرف بعد أخيه الشيخ حسن الصغير كما

__________________

(١) قال ابن فضل الله العمري في المسالك : «وسألت الفاضل نظام الدين أبا الفضائل يحيى بن الحكيم إن كانت الأوقاف باقية في نواحي هذه المملكة (مملكة بني هلاكو) كما هي عليها الآن؟ أم تناولتها أيدي العدوان؟ فأخبرني بأنها جميعها جارية في مجاريها لم يتعرض إليها متعرض لا في دولة هولاكو ولا في ما بعدها بل كل وقف بيد متوليه ومن له الولاية عليه. وكل ما يقال من نقص أحوال الأوقاف بإيران جميعا هو من سوء ولاة أمورها أكثر من سواهم» ا ه ذكره الأستاذ الفاضل مصطفى جواد وقال : أما أوقاف المدرسة المرجانية فقد كانت ثابتة إلى ما بعد القرن الحادي عشر للهجرة. قال أحمد بن عبد الله البغدادي في تاريخه «عيون أخبار الأعيان» في ترجمة مرجان عرضا مع الحوادث «وهو المعروف بالصاحب الأعظم أمين الدين مرجان ... صاحب الخيرات العظام في بلدة بغداد آثار خيراته إلى الآن موجودة تنتفع منها الفقراء والفقهاء وكل وقف كان لمن سلف من الملوك اندرس وذهب سوى وقفه فإنه بقي منه ما يوجب تذكره وطلب الرحمة له ـ رحمه الله ـ» ا ه.

__________________

(*) المتوفى سنة ١١٠٢ ه‍ بالطاعون. ذكره صديقه وناشر كتابه بعد موته فتح الله بن عبد القادر لقمان. للفاضل الأستاذ مصطفى جواد.

١٠٩

مر سابقا وهذا نصب (نوشيروان العادل) من ذرية هلاكو ملكا ، ثم عزله وأعلن حكومته مستقلا فضربت باسمه النقود ، وقرئت له الخطب وكان سيئ السيرة جدا. وفي أيامه ترك غالب المسلمين أوطانهم وهاجروا إلى الأنحاء الأخرى ، فلم يطيقوا الصبر على شراسته وقسوته. وكان بين هؤلاء النازحين القاضي محيي الدين البردعي فقد هرب من وجهه ، وترك تبريز فالتجأ إلى جاني بيك (١) ملك القفجاق ؛ وكان قد ولي هذا بعد والده أوزبك (٢) أما القاضي المزبور فإنه عدد مساوي الملك الأشرف وقصها على جاني بيك وحضار ديوانه فلم يتمالكوا استماع ما ذكره فأجهشوا بالبكاء ... ذلك ما دعا أن يجهز الملك عليه في مدة قليلة جيشا لجبا ، ويحضر الحرب بنفسه فدخل آذربيجان سنة ٧٥٨ ه‍ وتصادم مع جيش الملك الأشرف في خوي. وفي هذه المعركة تغلب القفجاق على الملك الأشرف السلدوزي فقتل واستولى السلطان على خزائنه ...

وكان الأشرف قد ظلم الخلق واكتنز الخزائن فاستفاد غيره منها وقد قيل في ذلك :

ديدي كه چه كرد أشرف خر

أو مظلمه برد وديكري زر

فانقرضت بهذا الحكومة الجوبانية وهي من متغلبة المغول وقد بسطنا القول في غالب حوادثها مع العراق فصارت في خبر كان. أما جاني بيك ملك القفجاق فإنه أسر تيمورتاش ابن الملك الأشرف وسلطان بخت بنته وعاد إلى عاصمته (السراي) ، وأبقى ابنه بردي بيك (٣)

__________________

(١) ورد بلفظ جان بيك أيضا.

(٢) مر ذكره في المجلد الأول توفي في شوال سنة ٧٤٢ ه‍ وهذا هو محمد أوزبك بن طغرلجا بن منكو تيمر بن طغان بن باتو بن دوشي خان بن جنكيز خان. وكان قد ولي بعد عمه الملك طقطاي في أواخر رمضان سنة ٧١٢ ه‍.

(٣) ورد بلفظ بري بيك كما في حبيب السير والصحيح بردي بيك.

١١٠

بخمسين ألفا في آذربيجان ولكن ابنه لم يلبث إلا قليلا فعاد إلى مملكته (القفجاق) لمرض أصاب والده جاني بيك فجعل بردي بيك عوضه الأمير أخي جوق نائبا عنه في تبريز (١).

وقد بسط صاحب (تلفيق الأخبار وتلقيح الآثار) القول في هذه الوقعة ونقل عن مؤرخين كثيرين وبحث عن ملوكهم مفصلا وذكر أن محمود جاني بيك مرض في الطريق أثناء عودته إلى مملكته فأرسل أمراؤه وراء ابنه بردي بيك يعلمونه بالخبر ويطلبونه للحضور سريعا وحينئذ ولى على تبريز أميرا قيل هو وزيره سراي تيمر ، وقيل أخي جوق وزير الملك الأشرف ووصل بردي بيك إلى (سراي) وقد توفي أبوه السلطان في هذه السنة (٧٥٨ ه‍) .. فنصب الابن بردي بيك ملكا مكانه في تلك السنة. قال أبو الغازي صاحب شجرة الترك : «إن بردي بيك كان ظالما غشوما فاسقا قاسي القلب ما ترك أحدا من إخوانه وأقاربه بل قتل الكل ، وظن أن الملك يدوم له ولم يدر أن الدنيا فانية سريعة الزوال فلم يدم له الملك إلا مقدار سنتين فمات في سنة ٧٦٢ ه‍ ، وانقطع بموته نسب صاين خان يعني الملك باتو ..» ا ه. وقال ابن خلدون : «استقل بالدولة لثلاث سنين من ملكه» ا ه ، فيكون جلوسه سنة ٧٥٩ ه‍ ، وبموته وقع الاختلال في دولتهم وكثر الهرج والمرج فتفرقوا إلى دويلات صغيرة (٢) ...

حوادث سنة ٧٥٩ ه‍ ـ ١٣٥٨ م

السلطان ـ فتح آذربيجان :

في هذه السنة أيام الربيع علم السلطان أويس أن بردي بيك خان رجع إلى مملكة الدشت (القفجاق) وإن أخي جوق بالنيابة عنه استولى

__________________

(١) شجرة الترك ص ١٧٤ وحبيب السير ج ٣ ص ٨١ ، وتقويم التواريخ ص ٩٤.

(٢) تلفيق الأخبار ج ١ ص ٥٥٦.

١١١

على آذربيجان بالوجه المذكور أعلاه ، أو أنه تغلب على الأمير المنصوب .. فجهز السلطان جيشا عرمرما من بغداد وتوجه تلقاء تبريز. أما أخي جوق فقد تأهب للنضال وسارع لقتاله وصار ينتظره بجيشه عازما على حربه فكانت المعركة بينهما شديدة والصدام قويا إلا أن الحرب لم تسفر في اليوم الأول عن نتيجة ، ولم يظهر الغالب من المغلوب وهكذا استمرت إلى اليوم الثاني فأصابت أخي جوق الهزيمة فمال إلى أنحاء تبريز فارا ولكن السلطان أويس لم يمهله وتعقب أثره فقطع أخي جوق أن السلطان لاحق به فهرب إلى جهات نخچوان وحينئذ ورد السلطان تبريز ونزل (الربع الرشيدي) في رمضان سنة ٧٥٩ ه‍. ومن ثم وافى أمراء الشرق لعرض الطاعة له وتقديم الإخلاص ... إلا أنه لم تمض عليهم بضعة أيام حتى نووا الغدر بالسلطان وعلى هذا طبق عليهم «الياسا» أي أنه قتل منهم في رمضان هذه السنة ما يقرب من ٤٧ أميرا. والباقون ذهبوا إلى أخي جوق ولحقوا به ، وهذا سار من نخچوان إلى قراباغ اران ، وعند ذلك رشح السلطان الأمير علي بيلتن لحرب هؤلاء المخالفين فتوجه نحو أخي جوه ولكنه تهاون كثيرا وأبدى تكاسلا ، ولم يبال بالأمر فأصابته الكسرة وانتصر عليه أعداؤه فقدر لهذه البلاد أن يستولي عليها هذا الأمير ثانية. فاضطر السلطان أن يعود إلى بغداد ويعد للأمر عدته .. وتمكن أخي جوق من التغلب عليها مرة أخرى. وقد أصاب هذه الأنحاء من الأضرار في النفوس والأموال ما لا يدخله إحصاء (١) ...

حوادث سنة ٧٦٠ ه‍ ـ ١٣٥٩ م

عود إلى وقائع آذربيجان :

مرت حوادث تبريز في السنة الماضية. وفي فصل الربيع من هذه السنة جرد الأمير مبارز الدين محمد مظفر جيشا من شيراز وساقه إلى

__________________

(١) تاريخ مفصل إيران ص ٤٥٣ ، وحبيب السير ج ٣ ص ٨١.

١١٢

تبريز فلم يطق الأمير أخي جوق الصبر على مقارعته ففر من وجهه ... وفي ذلك الحين فاجأت الأخبار بمسير السلطان أويس وتوجهه تلقاء تبريز فلم ير الأمير مبارز الدين بدا من العودة إلى مملكته بخفي حنين وترك البلاد فدخل السلطان تبريز ونزل دار الخواجة الشيخ كج (١) من مشايخ وعلماء تبريز ...

وفي هذه الأثناء التجأ الأمير أخي جوق إلى صدر الدين الخاقاني ومن ثم دارت المفاوضات في الصلح وطلب العفو للأمير أخي جوق فنال عطف السلطان إلا أنه بعد أن اطمأن واستراح مدة أنبأ الخواجة الشيخ السلطان أويس دخيلة الأمير وما عزم كل من علي بيلتن وجلال الدين على الغدر به فأمر السلطان أن يقتل هؤلاء الثلاثة فقتلوا ونجا الناس من فتنهم وغوائلهم ...

ومن ثم دخلت تبريز في حوزة السلطان وكذا آذربيجان واران وموقان والأنحاء المجاورة الأخرى حتى سواحل بحر الخزر فوسعت مملكة الجلايرية توسعا كبيرا وصارت آذربيجان مصيفا ، والعراق مشتى لها كما كانت على عهد المغول (٢).

خان الاورتمة : (أثر تاريخي)

في هذه السنة بني هذا الخان. ولا يزال قائما إلا أنه تداعت بعض أركانه فرممته دائرة الآثار وأصلحت بعض نواحيه في هذه السنة (سنة ١٣٥٥ ه‍) ، وهو شاهد الاعتناء في اتقان العمارة وإحكامها ... وهذا نص ما جاء مكتوبا على بابه نقلا عن السيد نعمان خير الدين الآلوسي قال :

__________________

(١) وجاء بلفظ كحج. والكحجاني أو الكجحاني كما في ساوجي ص ٤٠.

(٢) حبيب السير ج ٣ ص ٨١ ، وتاريخ مفصل إيران ص ٤٥٦.

١١٣

١١٤

صورة ما حرر في الحجر في باب الخان المعروف بخان الأورتمة أي المسقف بالأحجار ، وقد ذهب بعض الأسطر من أعلى المكتوب والذي بقي هو هذا :

«... الاولجايتي وقفها على المدرسة المرجانية ودار الشفاء بباب الغربة (كذلك عقرقوف) ، والنصف للقائمة (من القائمية) ، وتل دحيم ، ومزرعة بالصراة ، وبساتين بالمخرمية (١) وبساتين بقرية البزل (الترك) ، والرادماز ، وخرم آباد ورباط جلولا المعروف بقزلرباط ، وزرين جوي ، ونصف دوري ، وبساتين ببعقوبة وبوهريز وبالبدنيجين ، وخان ودكاكين بالحلبة (٢) ، وأربع خانات ودكاكين بالجوهريين ، وخان بالجانب الغربي ، ودكان كاغد بالحريم كما هو محدود مشروح في الوقفية وقفا صحيحا شرعيا ، تقبل الله تعالى منه الطاعات في الدارين و(بلغه) نهاية المراد ، وكان الفراغ منه سنة ستين وسبعمائة. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي العربي الصادق ، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه وسلم.

كتبه الفقير إلى رحمة ربه احمد شاه النقاش المعروف بزرين قلم. غفر الله ذنوبه» ا ه.

هذا ما وجد بخطه.

وجاء في لغة العرب نص المكتوب بقراءة الأديب الفاضل مصطفى جواد :

«بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بإنشاء هذا النيم والمنازل

__________________

(١) محلة بين الرصافة ونهر المعلى وتسمى الآن رأس القرية. قاله السيد نعمان خير الدين الآلوسي.

(٢) الحلبة محلة فيها قبر عبد الوهاب ابن الشيخ عبد القادر الجيلي. عن المرحوم السيد نعمان خير الدين الآلوسي.

١١٥

والدكاكين المولى المخدوم الأمر الصاحب الأعظم الأعدل ملك ملوك الأمر في العالم. صاحب العدل الموفور. عضد السلطنة والإمارة ، حاوي مرتبة الإمارة والوزارة ، افتخار شهد الأوان ، المخصوص بعناية الرحمن ، أمين الدين مرجان الأولجايتي (١) وقفها على المدرسة. الخ» ا ه (٢).

والباقي لا يختلف عن النص السابق إلا في بعض الألفاظ ، ذكرتها بين قوسين في النص المنقول عن الآلوسي والنص في تاريخ مساجد بغداد غير صحيح ..

وكتب على صخرة في مدخل باب الخان ما نصه :

«بسم الله الرحمن الرحيم. في أيام حضرة السلطان الوالي الدال على المذهب الإمامي شاه إسماعيل بن حيدر الصفوي الحسني. أيدت دولته ووقف عالي جناب الأمير الكبير ، المخصوص من الله بالعناية والإحسان ، الأمير العادل (قنغرار) سلطان على قول الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) واعلم أن عواقب الظلم ذميمة ، وموارده وخيمة ، فصدر الأمر العالي بألا يؤخذ من دلالي الإبريسم ومن غرة (الظاهر غير) الأقمشة شيء بعلة التمغا ومن غير ذلك أو شيئا منه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، وكتبه في ذي الحجة سنة ٩٢١ والحمد لله وحده» ا ه.

ذكره الأديب الفاضل مصطفى جواد (٣).

__________________

(١) ورد الأولاقايتي والصحيح ما ذكر في الأصل كما تبين من مشاهدته وقد التبست اللفظة بسبب تركيب الحروف.

(٢) لغة العرب ج ٨ من السنة ٧ ص ٦١٥.

(٣) لغة العرب ج ٨ سنة ٧ ص ٦١٧.

١١٦

وفيات

١ ـ الأمير سيف بن فضل :

مرت حوادثه سنة ٧٤٨ ه‍ وقد دامت الحروب مع سائر الأمراء إلى أن قتل في هذه السنة أو التي قبلها. وجاء في عقد الجمان أنه توفي سنة ٧٦٠ ه‍ مقتولا ، والتفصيل عنه في الدرر الكامنة (١).

٢ ـ محمد بن علي بن أحمد السهروردي :

مات ببغداد سنة ٧٦٠ ه‍ ، وكان مولدته في رجب سنة ٦٨٦ ه‍ سمع من الرشيد بن أبي القاسم العوارف للسهروردي ، ومنه أخذ مشيخة السهروردي ولبس الخرقة ؛ وأجاز له جماعة (٢).

حوادث سنة ٧٦١ ه‍ ـ ١٣٦٠ م

بيرام بيك ابن سلطان شاه ـ السلطان أويس :

إن هذا الأمير كان محبوب السلطان أويس ، ونديمه الملازم له ، أحبه حبا جما .. وفي بعض مجالس الشراب تعارك مرة مع أحد الندماء فغضب مما ناله وذهب إلى بغداد ، وترك السلطان في تبريز ، وإن الخواجة سلمان الساوجي نظم للسلطان «فراقنامه» ولكن السلطان لم يطق فراقه وعظم عليه الأمر فأرسل إليه بعض رجاله فطلبه إلى تبريز واستعاده إليه. كذا في حبيب السير (٣).

وفراقنامه هذه مثنوي فارسي يحتوي ما يقرب من ألف بيت وهو

__________________

(١) عقد الجمان ج ٢٣ والدرر ج ٢ ص ١٨٣.

(٢) الدرر ج ٤ ص ٥٥.

(٣) ج ٢ ص ٨١.

١١٧

مبتن على أن بيرام شاه (بيرام بيك) كان معشوق السلطان بحيث لا يستطيع أن يفارقه لحظة. إلا أن هذا المثنوي نظمه الخواجه سلمان الساوجي في حادث وفاته سنة ٧٦٩ ه‍ لا في هذه الأيام ، وكان تاريخ نظمه عام ٧٧٠ ه‍ بعد أن رأى أن قد نفدت الحيل والوسائل في صرف السلطان وتسليته إلى ناحية أخرى بسبب وفاة بيرام شاه فقد كان يورد له قصصا أدبية لمشاهير الشعراء مثل (فراق شمس وقمر) و(روز وشب) ، و(گل وبلبل) ، و(شيرين وفرهاد) ، و(ليلى ومجنون) ، و(وامق وعذراء) ... فلم يجد فيها ما يسكن ملتهب شوقه وعلى هذا الحادث نظم الشاعر له فراقنامه هذه فكانت تعد من الآثار المهمة ذات المكانة الأدبية الممتازة. قال الجامي عنها إنها «كتاب بديع ونظم لطيف» وهذه شهادة كافية للتعريف بقيمتها الأدبية (١) ...

وكان السلطان أويس أمره بنظم حكاية تناسب الحالة ولكنه فضح بها السلطان وأذاع حادث حبه وولهه ... لبس عليه السواد ، حزن حزنا عظيما فحكى الخواجة سلمان قصة عشقه هذه ، وما ناله من نصب الفراق وعودته له ثم وفاته ... فانكشف أمره بهذه القصيدة ، ودعت إلى التقول عليه ..

وفيات

١ ـ فياض بن مهنا بن عيسى :

من آل فضل ، أمير العرب. ولي الإمرة من الناصر ، ثم وليها بعد أخيه أحمد وبعدها عزل ... وهكذا حتى جاء العراق فتوفي سنة ٧٦١ ه‍ وكان سيئ السيرة (٢).

__________________

(١) ساوجي ص ١٢٠.

(٢) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٢٣٤.

١١٨

حوادث سنة ٧٦٢ ه‍ ـ ١٣٦١ م

مخدوم شاه داية السلطان :

في هذه السنة تزوج سلمان بك داية السلطان (مرضعته) وتسمى مخدوم شاه وتلقب ايكجي. وكانت تعد من الأميرات ، وهي عظيمة الشأن ، صائبة الرأي وكان يهرع إليها في حل القضايا المهمة والخطوب المدلهمة .. وبهذا نال زوجها منصب الإمارة ... فإن هذا الزواج كان بأمر من السلطان ورغبته ، وكان السلطان لا يزال في تبريز (١) ...

ومن ثم صار يدعى هذا الأمير (سليمان أتابك) ، وهو أمير الأمراء كما أن الوزارة نالها الخواجة نجيب الدين وقد نظم المولى الياس قلندر أبياتا فارسية في ذلك ذكرها صاحب روضة الصفا (ج ٥ ص ١٧٠).

حوادث سنة ٧٦٣ ه‍ ـ ١٣٦٢ م

مدرسة ودار شفاء

آثار مخدوم شاه :

في هذه السنة ذهبت مخدوم شاه إلى الحج وقامت بالعمارات التالية :

١ ـ عمارة الايكجية :

لقبت مخدوم شاه المذكورة باسم عمارتها هذه. فقيل لها ايكجية ، أو أن لقبها هذا انتقل إلى عمارتها (٢) والظاهر أنها عمارة سوق الغزل. ولفظ إيكجية يعني أصحاب المغازل وهو سوق المغازل ولا يزال إلى

__________________

(١) حبيب السير ج ٣ ص ٨١ ، وتاريخ الغياثي ص ١٨٣.

(٢) تاريخ الغياثي ص ١٨٣.

١١٩

اليوم معروفا بسوق الغزل وتباع فيه المغازل وبعد أن خرب الجامع واندثرت موقوفاته عمرتها مجددا ... وأحيت (جامع الخلفاء) الذي لا يزال يسمى جامع سوق الغزل أيضا. وقد ضاعت عنا تفاصيل أخبارها.

٢ ـ المدرسة :

وهذه لا يعرف مكانها بالتحقيق وإنما جاء في الغياثي «لها مدرسة عظيمة» ولم يعين موقعها (١) ... والصلة قد انقطعت فلم تعد تعرف ما كانت عليه ... وإلى إين صارت ...

٣ ـ دار الشفاء :

وهذه أيضا من آثارها ، وعلى ما جاء في تاريخ الغياثي كانت دار الشفاء على جانب دجلة. فبنى السلطان أحمد في وجهها القلندر خانة.

المولى خانة أو جامع الآصفية

والقلندر خانة هذه هي المعروفة بعد ذلك ب (المولى خانة) أو (المولوي خانة) بناها محمد چلبي كاتب الديوان وكاتم السر في عهد أحد المتغلبة على بغداد أحمد الطويل سنة ١٠١٧ ه‍ ، وجعلها تكية لدراويش المولوية (٢). وحافظت على اسمها إلى أيام داود باشا فجدد عمارتها ومن ثم صارت تسمى ب «جامع الآصفية» نسبة إلى داود باشا المنعوت بآصف زمانه .. وقد جاء في الوقفية المؤرخة في غرة رجب سنة ١٢٤٣ ه‍ أن القاضي بمدينة بغداد إبراهيم أفندي بن محمد أفندي قد ثبت عنه أنه في ٢ رجب سنة ١٢٤١ ه‍ جاء جماعة من العلماء إلى قاضي بغداد يومئذ محمد راشد أفندي بن فخر الدين فأخبروه بأن طريق

__________________

(١) ص ١٨٣.

(٢) كلشن خلفا ص ٦٦ ـ ١.

١٢٠