تاريخ مدينة دمشق - ج ٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

داود بن طوق الخليجي ، نا بشر بن عبد الله الدارسي (١) ، نا حازم بن بكر القرشي ، نا يزيد بن عياض ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من صلّى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب» [١٤٢٣].

٣١٦ ـ أحمد بن يحيى الأنطاكي (٢)

سمع بدمشق هشام بن عمّار ، وبحمص كثير بن عبيد الحذّاء ، ومحمد بن مصفّى الحمصيين.

روى عنه : أبو بكر أحمد بن سليمان بن الحسن النّجّاد الفقيه (٣).

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ـ لفظا ـ وأبو القاسم حمزة بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن علي الزبيري البغداديان ـ قراءة بدمشق ـ قالا : أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عبيد الله بن عبد الله الخرقي ، نا أحمد بن سليمان ، نا أحمد بن يحيى الأنطاكي ، نا هشام بن عمّار ، نا إسماعيل بن عياش ، عن سهل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله عزوجل أحبّ لكم ثلاثا ، وكره لكم ثلاثا : أحبّ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تنصحوا لمن ولاه الله أمركم ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ، وكره لكم ـ قيل وقال : وكثرة الجدال وإضاعة المال». المحفوظ : السؤال [١٤٢٤].

٣١٧ ـ أحمد بن يحيى أبو عبد الله بن الجلّاء (٤)

أحد مشايخ الصّوفية الكبار ، صحب أباه وذا النون بن إبراهيم المصري ، وأبا تراب النّخشبي (٥) ، وحكى عنهم.

__________________

(١) تقدم بشر بن عبيد الله.

(٢) ترجم له ابن العديم ٣ / ١٢٢٩ وذكر باسم : أحمد بن يحيى بن صفوان الأنطاكي أبو بكر الإمام ، وقيل فيه : أحمد بن محمد بن يحيى بن صفوان.

(٣) انظر فيمن روى عنه أحمد ، والرواة عن أحمد (ابن العديم ٣ / ١٢٢٩).

(٤) ترجم له في تاريخ بغداد ٥ / ٢١٣ حلية الأولياء ١٠ / ٣١٤ العبر ٢ / ١٣٢ الشذرات ٢ / ٢٤٨ بغية الطلب لابن العديم ٣ / ١٢٣٣ مختصر ابن منظور ٣ / ٣٢٢ الرسالة القشيرية ص ٤٠٣.

(٥) اختلف في اسمه قيل : عسكر بن حصين ، وقيل : عسكر بن محمد بن حصين ، والنخشبي ضبطت عن الأنساب وهذه النسبة إلى نخشب : بلدة من بلاد ما وراء النهر.

٨١

حكى عنه أبو عمر محمّد بن سليمان بن أبي داود اللّبّاد ، وأبو بكر محمّد بن داود الدقي (١) ، وأبو العباس الوراق الدمشقي ، وأبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي اليقطيني ، ومحمّد بن عبد الله الجلندى المقرئ (٢).

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنا أبو عبد الله محمّد بن أبي نصر الطالقاني بدمشق قال (٣) : قال أبو عبد الرّحمن السّلمي ومنهم : أبو عبد الله بن الجلّائي (٤) اسمه أحمد بن يحيى بن الجلّاء ، ويقال : محمّد بن يحيى ، وأحمد أصح ، كان أصله بغدادي أقام بالرملة ودمشق ، وكان من جلّة مشايخ الشام ، صحب أباه يحيى الجلّاء ، وأبا تراب النّخشبي ، وذا النون المصري ، وأبا عبيد البسري ، وكان استاذ محمّد بن داود الدقي ، وكان عالما ورعا.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا أبو بكر بن أبي زكريا المزكي ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : محمّد بن يحيى ، ويقال أحمد بن يحيى ـ وأحمد أصح ـ أبو عبد الله بن الجلّاء ، كان أصله بغداديا أقام بالرملة وبدمشق ، وكان من جلّة المشايخ وأئمة القوم ، صحب أبا تراب النّخشبي وسافر معه.

سئل أبو عبد الله ما معنى الصوفي؟ فقال : ليس يعرف من شرط العلم ومعناه مجرد من الأسباب ، كأنّ الله معه بكل مكان ، فلا يمنعه الحق من علم كل مكان ، فسمّي صوفي.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري قال : قال لنا والدي الأستاذ أبو القاسم : ومنهم أبو عبد الله أحمد بن يحيى بن الجلّاء ، بغداذي الأصل ، أقام بالرّملة ودمشق ، من أكابر مشايخ الشام ، صحب أبا تراب ، وذا النون وأبا عبيد البسري ، وأباه يحيى بن الجلّاء (٥).

أنبأنا أبو علي الحداد.

__________________

(١) ترجم له في الأنساب (الدقي) وضبطت الدقي عن الأنساب.

(٢) بغية الطلب لابن العديم ٣ / ١٢٣٦.

(٣) ابن العديم ٣ / ١٢٣٦.

(٤) عند ابن العديم : الجلاء.

(٥) الرسالة القشيرية ص ٤٠٣.

٨٢

وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (١).

قالا : أنا أبو نعيم الحافظ (٢) قال : أبو عبد الله أحمد بن يحيى ، بغدادي سكن الرملة ، صحب ذا النون ، وأبا تراب ، وأبوه (٣) يحيى الجلّاء ، له النكت اللطيفة ، أحد الأئمة. انتهى حديث الخطيب.

وقال الحداد : أحد (٤) أئمة القوم لم يكن بالشام في حاله له تشبيه مذكور ، تخرج به جماعة من المذكورين (٥).

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٦) : أحمد بن يحيى أبو عبد الله المعروف بابن الجلّاء ، من كبار مشايخ الصّوفية انتقل عن بغداد فسكن الشام.

أنبأنا أبو علي ، أنا أبو نعيم ، قال (٧) : سمعت والدي يذكر عن بعض أصحابه أنه ـ يعني ابن الجلّاء ـ كان يقول : يحتاج (٨) العبد أن يكون له شيء يعرف به كل شيء.

وكان يقول : من استوى عنده المدح والذم فهو زاهد ، ومن حافظ على الفرائض في أوّل مواقيتها فهو عابد ، ومن رأى الأفعال كلها من الله فهو موحّد.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت محمد بن عبد العزيز الطبري يقول : سمعت أبا عمر الدمشقي يقول : سمعت ابن الجلّاء يقول (٩) : قلت لأبي وأمي : أحبّ أن تهباني لله عزوجل

__________________

(١) تاريخ بغداد ٥ / ٢١٣ ـ ٢١٤ ابن العديم ٣ / ١٢٣٣ نقلا عن الخطيب.

(٢) حلية الأولياء ١٠ / ٣١٤.

(٣) بالأصل والحلية «وأباه» والمثبت عن تاريخ بغداد وابن العديم.

(٤) ما بين الرقمين موجود في الحلية وسقط من تاريخ بغداد ، وقد نبّه المصنف إلى ذلك.

(٥) ما بين الرقمين موجود في الحلية وسقط من تاريخ بغداد ، وقد نبّه المصنف إلى ذلك.

(٦) تاريخ بغداد ٥ / ٢١٣.

(٧) الحلية ١٠ / ٣١٤.

(٨) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن الحلية.

(٩) الرسالة القشيرية ص ٤٠٣ وابن العديم ٣ / ١٢٣٧.

٨٣

فقالا (١) : قد وهبناك لله ، فغبت عنهم (٢) مدة ، فلما رجعت كانت ليلة مطيرة (٣) ، فدققت (٤) الباب ، فقال أبي : من ذا (٥)؟ قلت : ولدك أحمد ، قال : قد كان لنا ولد فوهبناه لله عزوجل ، ونحن من العرب لا نسترجع شيئا وهبنا [ه] (٦) ، ولم يفتح [لي] (٧) الباب.

أخبرنا أبو المظفّر القشيري ، أنا أبي قال : وقال ابن الجلّاء كنت أمشي مع استاذي ، فرأيت حدثا جميلا ، فقلت : يا أستاذ يعذب الله هذه الصورة؟ قال : أفنظرت سترى غبّة ، قال : فنسيت القرآن بعده بعشرين سنة.

أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم ، أنا الحسين بن علي بن محمّد الشيرازي ، أنا علي بن عبد الله بن جهضم ، نا محمّد بن الحسين بن الجلندى المقرئ بطرسوس (٨) قال : سمعت أبا عبد الله بن الجلّاء يقول : كنت واقفا أنظر إلى غلام نصراني (٩) حسن الوجه ، فمرّ بي أبو عبد الله البلخي فقال : إيش وقوفك؟ فقلت : يا عم ما ترى ، هذه الصورة تعذب بالنار؟ فضرب بيده بين كتفي وقال : لتجدنّ غبّها ولو بعد حين. قال ابن الجلّاء ـ أبو عبد الله ـ فوجدت غبّها بعد أربعين سنة ، بلغني أنه قال : نسيت القرآن.

وسألت (١٠) الشيخ أبا بكر محمّد بن داود ـ رحمه‌الله ـ فقلت له حكاية بلغتني (١١) عن ابن الجلّاء فقال : ما هي؟ فذكرت (١٢) له الحكاية ، وقد كنت سمعتها قبل هذه الرواية فقال : نعم أنا سألته عنها فقال : نعم أجنيت (١٣) بعد أربعين سنة.

__________________

(١) عن الرسالة القشيرية وابن العديم ، وبالأصل : قال.

(٢) في المصدرين السابقين : «عنهما».

(٣) في الرسالة القشيرية : كانت الليلة مطيرة.

(٤) الرسالة القشيرية : فقرعت الباب.

(٥) الرسالة القشيرية : من الطارق.

(٦) الزيادة عن الرسالة القشيرية.

(٧) الزيادة عن الرسالة القشيرية.

(٨) ابن العديم ٣ / ١٢٣٧.

(٩) سقطت اللفظة عند ابن العديم.

(١٠) السائل هو علي بن عبد الله بن جهضم.

(١١) بالأصل «بلغني» والمثبت عن ابن العديم.

(١٢) بالأصل : «فذكر» والمثبت عن ابن العديم.

(١٣) كذا بالأصل ، وفي ابن العديم : «أنسيت» وهي أظهر.

٨٤

كتب إليّ أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن الطّيّوري عن عبد العزيز بن علي الأزجي ، حدّثني ابن جهضم ح.

وأنبأنا أبو جعفر المكي ، أنا الحسين بن يحيى ، أنا الحسن بن علي الشيرازي ، أنا علي بن عبد الله بن جهضم ، حدّثني أبو عبد الله الفرغاني ساكن دمشق ـ زاد المكي : مذاكرة ـ قال (١) : سمعت أبا الخير يقول : كنت جالسا ذات يوم في موضعي هذا على باب المسجد ، فرفعت رأسي ، فرأيت رجلا في الهواء وبيده ركوة ، فأومأ إليّ ، فقلت له : انزل ، فأبى ومرّ في الهواء ، فسئل الشيخ أبو الخير : عرفت الرجل؟ فقال : نعم ، قيل له من كان؟ قال : أبو عبد الله [بن] (٢) الجلّاء.

قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان بن عبد العزيز بن أحمد التميمي ، أنا تمام بن محمّد.

أخبرتنا أمّ الحسين سيدة بنت عبد الله بن مرحوم الماجدية (٣) ـ قراءة عليها ـ قالت : قال أبو بكر محمّد بن داود الدقي : وسمعت أبا عبد الله بن الجلّاء يقول ـ وقد قيل له : أكان (٤) يجلو المرايا والسيوف فسمي الجلّاء ـ قال : لا ، ولكن كان إذا تكلم على قلوب المؤمنين جلاها.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا محمّد بن يحيى بن إبراهيم ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، قال : سمعت الحسين بن أحمد يقول : سمعت الدقي يقول : سمعت أبا عبد الله بن الجلّاء يقول : ما جلا أبي شيئا قط ، ولكنه كان يعظ الناس فيقع في قلوبهم ، فسمي جلاء القلوب.

أخبرنا أبو الحسين بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أخبرني أحمد بن علي بن الحسين ، أنا محمّد بن الحسين النيسابوري ح.

وأنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا محمّد بن يحيى بن إبراهيم ، أنا

__________________

(١) الخبر في ابن العديم ٣ / ١٢٣٤ ومختصر ابن منظور ٣ / ٣٢٢.

(٢) زيادة عن المصدرين السابقين.

(٣) رسمت كالأصل ، ولم أعثر عليها.

(٤) كذا بالأصل والمختصر ، وفي ابن العديم : أكان أبوك يجلو ...

(٥) تاريخ بغداد ٥ / ٢١٤.

٨٥

أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين.

قال : سمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول : كان يقال إنّ في الدنيا من هذه الطبقة ثلاثة ـ وفي رواية : كان يقال في الدنيا ثلاثة ـ من أئمة الصّوفية وقالا : لا رابع لهم : أبو عثمان بنيسابور ، والجنيد ببغداد ، وأبو عبد الله بن الجلّاء بالشام.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد الحداد ـ إجازة ـ أنا علي بن الحنّائي ، نا عبدان بن عمر المنبجي ، وصدقة بن المظفّر الأنصاري ، وسيدة بنت عبد الله قالوا : أنا محمّد بن داود الدقي قال : وسمعت الفرغاني يقول : ما رأيت في عمري إلّا رجلا ونصف رجل ، فقيل له : من الرّجل؟ فقال أبو أمية الماحوزي والنصف رجل : أبو عبد الله الجلّاء ، فقيل له : بم جعلت ذاك واحدا وهذا نصفا؟ قال : أبو أمية كان يأكل شيئا ليس للمخلوقين فيه صنع (١) ، وأبو عبد الله بن الجلّاء يأكل (٢) من رحل أبي عبد الله العطّار (٣).

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٤) ، نا عبد العزيز بن علي الورّاق قال : سمعت علي بن عبد الله بن الحسن الهمذاني (٥) يقول : سمعت محمّد بن داود يقول : ما رأت عيناي بالعراق ولا بالحجاز ، ولا بالشام ولا بالجبل مثل أبي عبد الله بن الجلّاء ، وكان في ممشاذ خمس خصال لم يكن واحدة منها في ابن الجلّاء.

أنبأنا أبو الحسن بن إسماعيل ، أنا محمّد بن يحيى بن إبراهيم ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت عبد الله بن علي يقول : سمعت محمّد بن داود الدقي يقول : لقيت نيفا وثلاثمائة من المشايخ المشهورين ، فما لقيت أحدا بين يدي الله وهو يعلم أنه بين يدي الله أهيب من ابن الجلّاء.

أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد السّمرقندي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن

__________________

(١) كذا بالأصل والمختصر ، وفي الأنساب «الماحوزي» : صنيع.

(٢) في الأنساب : فكان يأكل من مال رجل يقال له علي بن عبد الله القطان.

(٣) في الأنساب : فكان يأكل من مال رجل يقال له علي بن عبد الله القطان.

(٤) تاريخ بغداد ٥ / ٢١٤.

(٥) عن تاريخ بغداد وابن العديم ، وبالأصل : الهمداني.

٨٦

محمّد الحداد ـ بدمشق ـ أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان بن أبي نصر ، نا أبو عمر محمّد بن سليمان بن أبي داود اللّبّاد قال : حضرت مجلس أبي عبد الله بن الجلّاء فحدّثنا أن هارون الرّشيد دخل (١) إلى بيت الله الحرام ومعه رجل من بني شيبة فأقام معه طويلا فقال له هارون : يا شيبي قد دخلت معي هذا البيت فهل لك من حاجة؟ فقال له : يا أمير المؤمنين إني لأستحي من الله أن أسأل في بيته غيره ، قال : فأعجب هارون ذلك الكلام ، فلما خرج هارون من البيت أمر له بسبع بدر (٢)(٣) ، فأعادها عليه مرارا ، فقال له ابن الجلاء : لم تردّدها إذا رأيت أحدا يعظم أمر الدنيا مقته قلبي.

وجدت هذه الحكاية بخط نصر بن الجبّان ، عن أبي محمّد بن أبي نصر ، قال : سمعت أبا طالب بن النجاد يقول : سمعت الحسن بن حبيب يقول : حضرت مجلس أبي عبد الله بن الجلّاء فذكرها.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن البروجردي ، أنا أبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي ، نا عبد الواحد بن بكر ، نا محمّد بن علي بن الجلندي قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن يحيى بن الجلّاء يقول ، وقد سئل عن المحبة ، فقال : ما لي وللمحبة إني أريد أن أتعلّم التوبة.

قال : وأنا ابن باكويه ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد الحنظلي ، أنا أحمد بن علي الإصطخري ، أنا أبو عمر الدّمشقي ، قال : خرجنا مع أبي عبد الله بن الجلّاء إلى مكة ، فمكثنا أيّاما لم نجد ما نأكل ، قال : فوقعنا (٤) إلى حي في البرية ، فإذا بأعرابية وعندها شاة فقلنا لها : بكم هذه الشاة؟ فقالت : بخمسين درهما ، فقلنا لها : أحسني ، فقالت : بخمسة دراهم ، فقلنا لها : تهزئين؟ فقالت : لا والله ولكن سألتموني الإحسان فلو أمكنني لم آخذ شيئا ، فقال أبو عبد الله بن الجلّاء : إيش الذي معكم ، قلنا : ستمائة درهم ، فقال : أعطوها ، واتركوا الشاة عليها فما سافرنا سفرة أطيب منها.

__________________

(١) بالأصل : «ودخل» والمثبت عن المختصر لابن منظور.

(٢) بدر جمع بدرة ، كيس فيه مال ، كمية اختلفت من عهد إلى عهد (اللسان).

(٣) بعدها في المختصر : فقال الحسن بن حبيب : لابن الجلاء يا حبيبي ، أمر له بسبع بدر؟!.

(٤) بالأصل «فوقفنا» والمثبت عن المختصر.

٨٧

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الأصبهاني الحافظ قال (١) : سمعت محمّد بن الحسين ح.

وأنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا محمّد بن يحيى بن إبراهيم المكي ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت أبا الحسين القزويني يقول : سمعت علي بن عبدك يقول : سمعت أبا عثمان (٢) الطبرستاني يقول : سمعت ابن المقرحي (٣) يقول : رأيت حول أبي تراب النخشبي من أصحابه عشرين ومائة ركوة قعودا (٤) حول الأساطين ما مات أحد منهم على الفقر إلّا ابن الجلاء وأبو عبيد (٥) البسري.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٦) : نا عبد العزيز بن علي ، نا علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم ـ بمكة ـ نا محمّد بن عبد الله بن الجلندي المقرئ قال : سمعت أبا عبد الله بن الجلّاء يقول : كنت بمكة مجاورا مع ذي النون فجعنا أياما كثيرة لم يفتح لنا بشيء ، فلما كان ذات يوم قام ذو النون قبل صلاة الظهر ليصعد إلى (٧) الجبل ليتوضأ إلى الصّلاة وأنا خلفه ، فرأيت قشور الموز مطروحا في الوادي وهو طري ، فقلت في نفسي : آخذ منه كفا أو كفين أتركه في كمي ولا يراني الشيخ حتى إذا صرنا في الجبل ، ومضى الشيخ يتمسح ، أكلته قال : فأخذته وتركته في كمي وعيني إلى الشيخ لئلا يراني. فلما صرنا في الجبل وانقطعنا عن الناس التفت إليّ وقال : اطرح ما في كمك يا شره ، فطرحته وأنا خجل. وتمسحنا للصّلاة ، ورجعنا إلى المسجد ، وصلينا الظهر والعصر والمغرب وعشاء الآخرة ، فلما كان بعد ساعة إذا إنسان قد جاء ومعه طعام عليه مكبة ، فوقف ينظر إلى ذي النون ، فقال له ذو النون : مر فدعه قدام ذاك وأومأ إليّ بيده ، فتركه بين يدي ؛ فانتظرت الشيخ ليأكل فلم أره يقوم [من] (٨) مكانه. ثم نظر إليّ وقال : كل ، فقلت : آكل

__________________

(١) حلية الأولياء ١٠ / ٤٨ في ترجمة أبي تراب النخشبي.

(٢) الحلية : عمران.

(٣) الحلية : ابن الفرحي.

(٤) عن الحلية وبالأصل «قعود».

(٥) في الحلية : «أبو عبيدة السري» تحريف.

(٦) تاريخ بغداد ٥ / ٢١٤.

(٧) تاريخ بغداد والمختصر : للصلاة.

(٨) زيادة عن تاريخ بغداد.

٨٨

وحدي؟ فقال : نعم ، أنت طلبت ، نحن ما طلبنا شيئا ، يأكل الطعام من طلبه ، فأقبلت آكل وأنا خجل مما جرى ، أو كما قال.

أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمّد المكي في كتابه ، أنا الحسين بن يحيى المكي ، أنا الحسين بن علي الشيرازي ، أنا علي بن عبد الله بن جهضم قال : وسمعت عبد الله (١) بن إبراهيم يقول : سئل أبو بكر بن الزانيار عن ابن الجلاء؟ فقال : مؤتمن على سرّ الله. وسئل عن الدّقّاق؟ فقال : حر إنه صدق.

وقال ابن جهضم : سمعت أبا بكر الدقي قال : بينما هو ـ يعني أبا عبد الله بن الجلاء ـ جالس في المسجد وحوله جماعة رأى بعض من حضر على لحيته قشرة تين فنحاها منه فأوراها له ، فصاح وقال : تأخذ من لحيتي وتطرح في المسجد ، ثم أخذها في يده وقام إلى باب المسجد فرماها وعاد فجلس.

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي ح.

وأخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي قال : سمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت الحسين بن أحمد بن جعفر يقول : سمعت محمد بن داود الدّينوري يقول : سمعت أبا عبد الله بن الجلّاء يقول : أعرف من أقام بمكة ثلاثين سنة لم يشرب من ماء زمزم إلّا ما استقاه بركوته ورشائه ولم يتناول من طعام جلب من مصر (٢). زاد زاهر : شيئا.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي أبو القاسم قال : وقال ابن الجلّاء : الزهد هو النظر إلى الدّنيا بعين الزوال لتصغر في عينك فيسهل عليك الإعراض عنها.

أنبأنا أبو علي الحداد.

وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٣).

__________________

(١) في ابن العديم ٣ (٢٣٦) عبيد الله.

(٢) الخبر في ابن العديم ٣ / ١٢٣٩.

(٣) تاريخ بغداد ٥ / ٢١٥.

٨٩

قالا : أنا أبو نعيم (١) الحافظ قال : سمعت محمّد بن الحسن بن علي اليقطيني يقول : حضرت أبا عبد الله بن الجلّاء وقيل له : هؤلاء الذين يدخلون البادية بلا زاد ولا عدة يزعمون أنهم متوكلة فيموتون؟ قال : هذا فعل رجال الحق ، فإن ماتوا فالدّية على القاتل.

سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت أبا عبد الله الرازي يقول : سمعت أبا محمّد بن ياسين يقول : سمعت ابن الجلّاء وقد سألته عن الفقر ، فسكت حتى خلا ، ثم ذهب ورجع عن قريب ثم قال : كان عندي أربعة (٢) دوانيق فاستحييت من الله أن أتكلم في الفقر ، فذهبت فأخرجته (٣) ، ثمّ قعد (٤) وتكلم في الفقر (٥).

قال (٦) وسمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت عبد الواحد بن بكر يقول : سمعت الدقي يقول : سمعت ابن الجلّاء يقول : لو لا شرف التواضع لكان حكم الفقير إذا مشى أن يتبختر.

أخبرنا أبو القاسم بن الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو محمّد بن يوسف ، قال : سمعت أبا بكر أحمد بن الحسن الصوفي يقول : سمعت أبا عبد الله بن الجلّاء يقول : آلة الفقير صيانة فقره ، وحفظ سره ، وأداء فرضه (٧).

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٨) : أنا أحمد بن علي المحتسب ، نا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت محمّد بن عبد الله الرازي يقول : سمعت أبا عمر الدّمشقي يقول : قال أبو عبد الله بن الجلّاء : لا تضيعنّ حقّ أخيك اتكالا على ما بينك وبينه من المودّة والصداقة ، فإن الله تعالى فرض

__________________

(١) حلية الأولياء ١٠ / ٣١٤.

(٢) عن ابن العديم والمختصر ، وبالأصل : أربع.

(٣) ابن العديم : «وأخرجته» وفي المختصر : «فأخرجتها».

(٤) بالأصل : «بعد نتكلم» والمثبت عن ابن العديم والمختصر.

(٥) الخبر في بغية الطلب لابن العديم ٣ / ١٢٣٨.

(٦) القاتل هو أبو القاسم القشيري.

(٧) سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٥٢ والمختصر.

(٨) تاريخ بغداد ٥ / ٢١٥.

٩٠

لكل مؤمن حقوقا لا يضيعها إلّا من لم يراع حقوق الله عليه.

أخبرنا أبو سعد عبد الله بن أسعد بن أحمد بن محمّد بن حبّان ، أنا أبو بكر بن خلف ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : حكي عن أبي عبد الله بن الجلّاء أنه قال : الدنيا أوسع رقعة ، وأكثر رحمة من أن يجفوك واحد ، فلا يرغب فيك آخر.

وقال (١) :

تلقى بكلّ بلاد إن حللت بها

أهلا بأهل وإخوانا بإخوان

أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمّد بن عبد الله السّنجي (٢) المؤدّب ، وأبو الحسن علي بن محمّد بن أبي الحسن الجوهري المروزيان بها ، قالا : أنا أبو العباس الفضل بن عبد الواحد بن الفضل بن عبد الصمد التاجر ـ بنيسابور ـ أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الله السراج قال : سمعت أبا نصر السراج ـ يعني عبد الله بن علي ـ يقول : سمعت أبا بكر الدقي يقول : سمعت أبا عبد الله أحمد بن يحيى الجلّاء يقول : لو أن رجلا عصى الله بين يدي معصية (٣) أنظر إليه ثم غاب فلا يجوز فيما بيني وبين الله عزوجل أن اعتقد فيه ذاك الذي رأيته بعيني ، لأنه يمكن أنه قد تاب ورجع إلى الله عزوجل حين غاب عني.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الحافظ قال (٤) : سمعت محمّد بن الحسين بن موسى يقول : سمعت أبا الحسين الفارسي يقول : سمعت أحمد بن علي يقول : سئل أبو عبد الله الجلّاء عن الحق؟ فقال : إذا كان الحق واحدا وجب أن يكون طالبه وحداني الذات وقال : سمعت همم المريدين إلى طلب الطريق إليه فأفنوا نفوسهم في الطلب ، وسمت همم العارفين إلى مولاهم فلم يعطف (٥) على شيء سواه.

قال (٦) وسمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت محمّد بن عبد الله الرازي

__________________

(١) في المختصر : وأنشد.

(٢) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى سنج بكسر السين المهملة وسكون النون ، وهي قرية كبيرة من قرى مرو على سبعة فراسخ منها.

(٣) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن المختصر.

(٤) حلية الأولياء ١٠ / ٣١٤.

(٥) الحلية : تعطف.

(٦) حلية الأولياء ١٠ / ٣١٤.

٩١

يقول : سمعت أبا عمر (١) الدمشقي يقول : سمعت أبا عبد الله بن الجلّاء يقول : الحق استصحب أقواما للكلام واستصحب أقواما للخلة فمن استصحبه الحق لمعنى ابتلاه بأنواع المحن ، فليحذر أحدكم طلبه رتبة الأكابر. وكان يقول : من بلغ نفسه إلى رتبة سقط عنها ومن بلغ به ثبت عليها. وكان إذ سئل عن المحبّة؟ فقال : ما لي وللمحبة أنا أريد أن أتعلم التوبة.

وسئل كيف تكون ليالي الأحباب ، فأنشأ يقول :

من لم يمت (٢) والحب حشو فؤاده

لم يدر كيف تفتّت الأكباد

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي أبو القاسم قال (٣) : وقال ابن الجلّاء : من استوى عنده المدح والذم فهو زاهد ، ومن حافظ على الفرائض في أول مواقيتها فهو عابد ، ومن رأى الأفعال كلها من الله فهو موحّد (٤).

ولمّا مات ابن الجلّاء نظروا إليه وهو يضحك (٥) فقال الطبيب : إنه حيّ ثم نظر إلى مجسة فقال : إنّه ميت ، ثم كشف عن وجهه فقال : لا أدري هو ميت أم حيّ. وكان في داخل جلده عرق على شكل : الله.

إنما صاحب هذه الفضول أبوه يحيى بن الجلّاء لا أحمد بن يحيى ، والله تعالى أعلم.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٦) ، حدّثني عبد العزيز بن أحمد الكتاني بدمشق ح.

وقرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد.

أنا مكي بن محمّد بن الغمر ، أنا [أبو] (٧) سلمان بن زبر قال : قال أبو يعقوب

__________________

(١) الحلية : عمرو.

(٢) حلية الأولياء : بيت.

(٣) الرسالة القشيرية ص ٤٠٣.

(٤) زيد في الرسالة القشيرية : لا يرى إلّا واحدا.

(٥) الرسالة القشيرية : يبتسم.

(٦) تاريخ بغداد ٥ / ٢١٥.

(٧) زيادة عن تاريخ بغداد.

٩٢

الأذرعي : توفي أبو عبد الله [بن] (١) الجلّاء يوم السبت لاثنتي عشرة خلت من رجب سنة ست وثلاثمائة.

٣١٨ ـ أحمد بن يحيى

أبو العباس الأسدي

حدّث عن عبد الله بن ثابت بن يعقوب القاضي العبقسي (٢).

روى عنه أبو المعمّر المسدّد بن علي الأملوكي.

٣١٩ ـ أحمد بن يدغباش التركي (٣)

كان أبوه أهداه ملك الترك إلى المعتصم ، وكان يدبر أمر دمشق لما وليها علي بن أماجور بعد موت أبيه في خلافة المعتمد (٤) على الله لصغر علي بن أماجور.

ثم وليها خلافة لأحمد بن طولون ، فلما مات أحمد بن طولون أظهر مخالفة أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون ، وموافقة أبي أحمد الموفق ، فلما وصل المعتضد بن الموفق إلى دمشق ووقعت الوحشة بينه وبين إسحاق بن كنداجيق فارقه ابن يدغباش وصار في حيز ابن كنداجيق (٥).

ذكر أحمد بن يوسف بن إبراهيم الكاتب ، حدّثني أحمد بن خاقان قال : استخلف أحمد بن طولون على دمشق أحمد بن يدغباش ، وسار إلى حمص وإلى أنطاكية والثغر في سنة أربع وستين (٦) ومائتين ، ثم ورد عليه بالثغر خلاف ابنه العباس في سنة خمس وستين فانكفأ مسرعا إلى مصر.

قال : ولما مات أحمد بن طولون أظهر أحمد بن يدغباش بدمشق الدعوة لأحمد بن الموفق ، وخلع أبا الجيش ، فلم يزل على دمشق إلى أن قدم المعتضد بالله

__________________

(١) هذه النسبة إلى عبد القيس (الأنساب).

(٢) سقطت ترجمته من المختصر ، وموجودة في بغية الطلب لابن العديم ٣ / ١٢٤١.

(٣) عن ابن العديم وبالأصل «المعتضد».

(٤) ابن العديم ٣ / ١٢٤١ ـ ١٢٤٢.

(٥) ابن العديم ٣ / ١٢٤١ ـ ١٢٤٢.

(٦) عن ابن العديم وبالأصل «وسبعين».

٩٣

أحمد بن الموفق ، وهو ولي عهد المعتمد (١) إذ ذاك ، إلى دمشق ثم خرج عنها إلى ناحية الرّملة ، فالتقى هو وأبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون بالطواحين (٢) من الرّملة ، فهزم كل واحد منهما صاحبه ، ورجع أحمد إلى العراق ، وصار أبو الجيش إلى دمشق فملكها.

__________________

(١) قال ابن العديم : يريد أن الموفق ولي عهد المعتمد إذ ذاك لأن المعتضد ولي عهد المعتمد في محرم سنة تسع وسبعين ومائتين بعد أبيه الموفق والله أعلم (بغية الطلب ٣ / ١٢٤٢).

(٢) تقدم تعليقنا قريبا على الطواحين ، راجعه ، وانظر معجم البلدان.

٩٤

ذكر من اسم أبيه يزيد من الأحمدين

٣٢٠ ـ أحمد بن يزيد بن أزداذ

أبو الحسن الحلواني (١) الصّفار المقرئ (٢)

قرأ القرآن بحرف ابن عامر على هشام بن عمّار بدمشق ختمات وقدمها بعد وفاة عبد الله بن ذكوان ، وقرأ أيضا على عيسى بن مينا قالون بحرف نافع ، وعلى إبراهيم بن الحسن العلاف بحرف يعقوب ، وأبي الحسن أحمد بن محمّد القواس المكي ، وخلّاد بن خالد ، وخلف بن هشام ، وحسين بن الأسود العجلي ، وجعفر بن محمّد الخشكني (٣) ، وأبي شعيب القواس ، وحفص بن عمر الدوري ، وحدّث عن صفوان بن صالح ، وأبي نعيم الملائي ، وعبد الله بن صالح كاتب الليث ، وأبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي ، وسعيد بن منصور ، وأبي الرّبيع الزهراني ، وخليفة بن خياط العصفري.

قرأ عليه الفضل بن شاذان أبو القاسم الرازي ، وجعفر بن محمّد بن الهيثم والد هبة الله بن جعفر ، وأبو بكر أحمد بن سليمان بن زبّان الكندي ، والحسن بن العباس بن (٤) مهران الحبّال (٥) الرازي ، وأبو عبد الله محمّد بن إسحاق البخاري ،

__________________

(١) هذه النسبة إلى حلوان بلد في آخر حد عرض سواد العراق مما يلي الجبال.

(٢) ترجمته في غاية النهاية ١ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ومعرفة القراء الكبار ١ / ٢٢٢ والجرح والتعديل ٢ / ٨٢ وميزان الاعتدال ١ / ١٤٦ والوافي ٨ / ٢٧١.

(٣) عن طبقات القراء وبالأصل «الخشكي».

(٤) في معرفة القراء : بن أبي مهران.

(٥) في طبقات القراء : الجمال.

٩٥

ومحمد بن عمرو بن عون الواسطي ، ومحمّد بن بسام ، والحسن بن أحمد الجزري (١) ، ومحمّد بن أحمد بن عبدان ، روى عنه الحسين بن علي بن حمّاد الأزرق.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن موسى بن أحمد المقرئ ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الرازي قال : قرأت القرآن من أوّله إلى آخره على أبي بكر محمّد بن الحسن النقاش قال : قرأت القرآن من أوّله إلى آخره مرارا على الحسن بن العباس الرازي وأخبرني أنه قرأ على أحمد بن قالون وأحمد بن يزيد الحلواني وقرآ جميعا على قالون ، وقرأ قالون على نافع.

قال أبو بكر النقاش : وقرأت القرآن مرارا على الحسن بن العباس الرازي ، وأخبرني أنه قرأ على أحمد بن يزيد الحلواني ، وأن أحمد قرأ على أبي شعيب القوّاس ، وقرأ القوّاس على أبي عمر حفص ـ يعني ابن سليمان بن المغيرة الأسدي ـ وقرأ حفص على عاصم.

وقال ابن مهران : قرأت على أبي بكر محمّد بن محمّد بن أحمد بن مزيد البخاري قال : قرأت على محمّد بن إسحاق البخاري المقرئ عن أحمد بن يزيد الحلواني قال : قرأت على هشام بن عمّار ، وأخبرني هشام أنه قرأ على أيوب بن تميم ، وسويد بن عبد العزيز ، وأخبراه أنهما قرآ على يحيى بن الحارث ، وقرأ يحيى على عبد الله بن عامر وقرأ ابن عامر على المغيرة بن أبي شهاب المخزومي ، وقرأ المغيرة على عثمان رضي‌الله‌عنه.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد الواسطي ببغداد ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا القاضي أبو حامد أحمد بن محمّد بن أبي عمرو الاستوائي وأبو الحسن محمّد بن عبد الواحد بن محمّد بن جعفر ، قالا : أنا علي بن عمر الحافظ ، نا أبو بكر النقاش ، نا الحسين بن علي بن حمّاد الأزرق ، نا أحمد بن يزيد الحلواني ، نا خليفة بن خياط ، أنا أحمد بن موسى قال : سأل ابن أبي إسحاق محمّد بن سيرين فقال : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ)(٢) فقال ابن أبي إسحاق : إن هذا لا يجوز ولو كانت تسأل

__________________

(١) طبقات القراء : الجزيري.

(٢) سورة القصص ، الآية : ٧٨ وبالأصل «تسأل».

٩٦

لكانت المجرمين ، فقال محمّد : خبرتني ابنتي أن أبا العتاهية قرأها كذلك بالتاء.

ابن أبي إسحاق هو عبد الله بن إسحاق بن زيد بن عبد الله الحضرمي بصري.

أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنا أبو القاسم بن منده ، أنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا أبو الحسن الفأفاء ح.

قال : وأنا ابن منده ، أنا حمد بن عبد الله الأصبهاني ـ إجازة ـ.

قالا : أنا ابن أبي حاتم قال (١) أحمد بن يزيد الحلواني المقرئ. روى عن أبي نعيم ، وكاتب الليث ، وأبي الرّبيع الزهراني ، وسعيد بن منصور ، وأبي حذيفة ـ موسى (٢) بن مسعود ـ وصفوان بن صالح. روى عنه الفضل بن شاذان. سألت أبي (٣) عنه فلم يرضه.

وحكى أبو (٤) عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني المقرئ ، عن أبي بكر بن أحمد الوراق ، أنا عبد المنعم بن عبيد الله ، أنا أحمد بن بلال ، حدّثني أحمد بن جعفر قال : سألت الحسن بن العباس عن قراءة أحمد بن يزيد الحلواني عن هشام بن عمّار ، فقال لي ابن أحمد بن يزيد أنه قرأ القرآن على هشام بن عمّار ثم قدم العراق فبلغه حروف فخرج ثانية فقرأ عليه القرآن وقرأ تيك الحروف ثم قدم فبلغه حروف فخرج ثالثة فقرأ عليه القرآن وقرأ تيك الحروف. والله تعالى أعلم (٥).

٣٢١ ـ أحمد بن أبي خالد يزيد بن عبد الرّحمن

أبو العباس الكاتب الأحول

مولى عاصم بن الوليد بن عتبة بن ربيعة. ذكره أبو الحسين الرازي في تسمية كتاب أمراء دمشق. أصله من أهل الأردن وترقّت به الحال إلى أن استوزره المأمون بعد

__________________

(١) الجرح والتعديل ١ / قسم ١ / ٨٢.

(٢) بالأصل : «مسعود بن موسى» والصواب عن الجرح والتعديل ، وقد تقدم في بداية الترجمة.

(٣) كذا بالأصل ، وفي الجرح والتعديل : «سألت أبا زرعة عنه» وفي معرفة القراء للذهبي : وسئل أبو حاتم عنه فلم يرضه في الحديث.

(٤) بالأصل «أبي» خطأ.

(٥) أرخ وفاته أبو عبد الله القصاع؟؟؟ (معرفة؟؟؟ طبقات القراء) قال الجزري وأحسب أنه توفي سنة نيّف وخمسين ومائتين ، وفي الوافي ٨ / ٢٧١ مات في حدود الستين ومائتين.

٩٧

الفضل (١) بن سهل وكان أبوه أبو خالد كاتبا (٢) لأبي عبيد الله وزير المهدي.

حكى عن المأمون.

حكى عنه محمّد بن عمر الجرجاني ، وعمرو بن مسعدة ، وإبراهيم بن العباس الصّولي ، وأبو الحسن بن أبي عمارة.

قرأت بخطّ أبي الحسن بن أبي رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم المقرئ عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت (٣) ، نا محمّد بن يحيى الصّولي ، نا أبو خليفة ، نا أبو أيّوب الإسكافي ، حدثني [أسد بن] (٤). سالم صاحب ديوان السواد أن أحمد بن أبي خالد قال لثمامة بن أشرس : كل أحد في الدّار له معنى غيرك فإنه لا معنى لك في دار أمير المؤمنين ، فقال له أمير المؤمنين : إنه (٥) معنا في الدّار والحاجة إليه بيّنة قال : وما الذي يصلح له؟ قال : أشاوره في مثلك هل تصلح لمن معك أم لا تصلح؟ قال : فأفحم فما ردّ عليه جوابا.

قال الصّولي : وكان ثمامة لما قتل الفضل بن سهل قد بعث إليه المأمون في اللّيل فعرض عليه الوزارة وألحّ عليه فيها ، وقال له المأمون : أريدك لكذا وكذا فقال : إني لا أقوم بذلك يا أمير المؤمنين ، وإني لأضنّ بموضعي وحالي أن تزول عنه ، ولم أر أحدا تعرض للخدمة والوزارة إلّا لم يكد يسلم حاله ، ولا تدوم منزلته فأعفاه منها ، وقال له : فأشر عليّ برجل يصلح لما عرفتك ، فقال : أحمد بن أبي خالد الأحوال يقوم بالخدمة ، إلى أن ينظر أمير المؤمنين من يصلح ، فدعاه المأمون ، وأمره بلزوم الخدمة. فلما تأكّد (٦) له الأمر واستوسقت له الحال تذمم المأمون من تنحيته عن الأمر.

أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، أنا أبو الفضل أحمد بن علي بن

__________________

(١) في الوافي ٨ / ٢٧٢ الحسن.

(٢) بالأصل «كاتب».

(٣) ضبطت عن التبصير ٢ / ٦٩٦.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن هامشه ومختصر ابن منظور ٣ / ٣٢٦.

(٥) بالأصل : «إن».

(٦) في مختصر ابن منظور : تمكّن.

٩٨

الفضل بن طاهر بن الفرات ، قال : سمعت محمّد بن عبد الرّحمن الكاتب الروذباري (١) قال : سمعت البارنجي يقول : سمعت أبا النضر إسماعيل بن أبي عباد عن أخيه أبي الحسن بن أبي عباد ، حدثني أبو العباس أحمد بن أبي خالد قال (٢) : كنت يوما عند المأمون أكلمه في بعض الأمر فحضرتني عطسة فرددتها ، وفهم المأمون ذلك فقال : يا أحمد لم فعلت هذا أما علمت أنه ربّما قتل ولسنا نحمل أحدا على هذه الخطة ، فدعوت له ، وقلت : يا أمير المؤمنين ما سمعت كلمة لملك أشرف من هذه ، قال : بلى ، كلمة هشام حين أراد الأبرش الكلبي أن يسوّي عليه ثوبه فقال هشام : إنّا لا نتخذ الإخوان خولا.

أخبرنا أبو بكر بن المزرفي ، أنا محمّد بن محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الصلت ، أنا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأصبهاني (٣) ، أخبرني أحمد بن عبد الله بن عمّار ، حدّثني محمّد بن القاسم بن مهرويه ، حدثني محمّد بن أبي مروان الكاتب قال : أخذ أبو نواس من عنان جارية الناطفي خاتما فصّه ياقوت أحمر ، فأخذه منه أحمد بن أبي خالد (٤) حيلة من أبي نواس فطلبته منه عنان فبعث إليها خاتما فصّه أخضر فاتّهمته في ذلك ، فكتب إلى أحمد بن أبي (٥) خالد :

فدتك نفسي يا أبا جعفر

جارية كالقمر الأزهر

تعلّقتني وتعلّقتها

كفلين في المهد إلى المكبر (٦)

كنا (٧) وكانت تتهادى الهوى

بخاتمينا غير مستنكر

__________________

(١) بالأصل «الروزبادي» خطأ والصواب ما أثبت وهذه النسبة إلى الروذبار ، وهي في بلاد متفرقة (انظر معجم البلدان ـ الأنساب).

(٢) الخبر في مختصر ابن منظور والوافي بالوفيات ٨ / ٢٧٣.

(٣) الأغاني ٢٣ / ٨٨ ـ ٨٩ في أخبار عنان.

(٤) في الأغاني : أحمد بن خالد حيلويه.

(٥) الأغاني : «أحمد بن خالد» وفي ديوان أبي نواس ط بيروت ص ٢٧٦ حاشية : «ومنه هذه القصيدة يتوسل فيها لصديقة أبي جعفر» دون أن يسميه المحقق.

والأبيات في الديوان ص ٢٧٦ والأغاني ٢٣ / ٨٩.

(٦) الأصل والأغاني ، وفي الديوان : المحشر.

(٧) في الديوان والأغاني : كنت وكانت نتهادى الهوى.

٩٩

حنّت (١) إلى الخاتم مني وقد

سلبتني إياه مذ أشهر

وأرسلت (٢) فيه فغالطتها

بخاتم وجهته (٣) أخضر

قالت : لقد كان لنا خاتم

أحمر أهداه (٤) إلينا سري

لكنه علّق غيري فقد

أهدى لنا (٥) الخاتم لا أمتري

كفرت بالله وبآياته (٦)

إن أنا لم أهجره : فليصبر (٧)

أو يظهر المخرج (٨) من تهمتي

إيّاه في خاتمنا (٩) الأحمر

فاردده تردد وصلها ، إنها

قرة عيني يا أبا جعفر

فإني (١٠) متّهم عندها

وأنت قد تعلم أنّي بري

فرد الخاتم وبعث إليه بألفي درهم.

أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله العكبري ـ فيما ناولني إيّاه وقرأ علي إسناده وقال : اروه عني ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين الجاوردي ، أنا أبو الفرج المعافا بن زكريا ، نا محمّد بن يحيى الصّولي ، نا الفربري قال من كلام أحمد بن أبي خالد : لا يعدّنّ شجاعا من لم يكن جوادا فإن من لم يقدر على نفسه بالبذل لم يقدم على عدوها بالقتل.

وقال أبو الفرج : ذكر عن بعض أهل العلم أنه قال : كان الناس يقولون : إن الشجاع لا يكون بخيلا ، وإن الشجاعة والبخل لا يجتمعان ، وذلك أن من جاد بنفسه كان بماله أجود ، حتى نشأ عبد الله بن الزبير وكان من الشجاعة بحيث لا يدانيه كبير أحد ،

__________________

(١) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن الأغاني ، وفي الديوان : حبست.

(٢) الأغاني والديوان : فأرسلت.

(٣) الأغاني : «في قدّه» وفي الديوان : من فضة.

(٤) الديوان : يهديه.

(٥) الأغاني والديوان : له.

(٦) الأغاني والديوان : وآياته.

(٧) الديوان : «فليبصر» والأصل كالأغاني.

(٨) الأغاني : «أو فات بالمخرج» وفي الديوان : «أو بات بالمخرج».

(٩) الأصل والأغاني ، وفي الديوان : خاتمه.

(١٠) الأغاني والديوان : فإنني.

١٠٠