تاريخ مدينة دمشق - ج ٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

وفي الجانب (١) الأيمن مكتوب :

من لم يثق بالقضاء والقدر

لاقى هموما كثيرة الضرر

[وفي الجانب الأيسر منه نقش عربي](٢).

ما أزين التقى

وما أقبح الخنا

وكل مأخوذ بما جنا

وعند الله الجزا

وفي أسفل الحجرات (٣) فوق الأرض مكتوب :

إنما الفوز (٤) والغنى

في تقى الله والعمل

فلما قرأته (٥) التفتّ إلى صاحبي فلم أره ، فلا أدري مضى أو حجب عني؟

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا أبو الحسن المقرئ ، أنا أبو محمّد المصري ، نا أحمد بن مروان الدّينوري ، نا أحمد بن عبّاد التميمي ، نا ابن خبيق ، عن خلف بن تميم قال : سمعت إبراهيم بن أدهم ينشد :

أرى أناسا بأدنى الدّين قد قنعوا

ولا أراهم رضوا في العيش بالدّون

فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما

استغنى الملوك بدنياهم عن الدين

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرّحمن ، قال : سمعت أحمد بن علي بن الحسن المقرئ يقول : سمعت محمّد بن غالب ـ تمتام ـ يقول : كتب إبراهيم بن أدهم إلى سفيان الثوري : من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل ، ومن أطلق بصره طال أسفه ، ومن أطلق أمله ساء عمله ، ومن أطلق لسانه قتل نفسه (٦).

أخبرنا أبو الوفاء أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد الصّالحاني ـ ببغداد ـ أخبرتنا عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الوركانية : قالت : حدّثنا أبو الحسن عبد الواحد بن

__________________

(١) الحلية : وفي الجانب الآخر نقش بيّن عربي.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن حلية الأولياء ٨ / ١٢.

(٣) في الحلية : المحراب.

(٤) الحلية : العز.

(٥) الحلية : فلما تدبرته وفهمته.

(٦) تقدم الخبر قريبا.

٣٤١

محمّد بن شاه ـ إملاء ـ نا أبو الفرج عبد الواحد بن بكر ، أنا إبراهيم بن أبي نعيم ، نا إبراهيم بن نصر ، حدّثني إبراهيم بن بشار الخراساني ، قال (١) : كتب عمرو (٢) بن المنهال المقدسي إلى إبراهيم بن أدهم ـ وهو بالرّملة ـ أن عظني بموعظة أحفظها عنك قال : فكتب إليه : أمّا بعد فإن الحزن على الدنيا طويل ، والموت من الإنسان قريب ، وللنقض (٣) في كل وقت نصيب ، وللبلاء في جسمه دبيب ، فبادر بالعمل قبل أن ينادى بالرحيل ، واجتهد (٤) بالعمل في دار الممر قبل أن ترتحل (٥) إلى دار المقر.

أخبرنا بها عالية أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني جعفر بن محمّد بن نصير ، حدّثني إبراهيم بن نصر ، حدّثني إبراهيم بن بشّار خادم إبراهيم بن أدهم قال : كتب عمرو بن المنهال المقدسي إلى إبراهيم بن أدهم ، فذكر نحوها.

أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن محمّد الحلواني ، أنا أبو بكر بن خلف ح.

وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي.

قالا : أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا جعفر بن محمّد ، نا إبراهيم بن نصر ، حدّثني إبراهيم بن بشار ، قال (٦) : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : أثقل الأعمال في الميزان أثقلها على الأبدان ، ومن وفى العمل وفى له الأجر ، ومن لم يعمل رحل من الدنيا إلى الآخرة بلا قليل ولا كثير.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن إبراهيم الجرجاني ـ بفيد ـ أنا أبو عمرو بن منده ، أنا أبي أبو عبد الله ، أنا أحمد بن محمّد بن زياد ، نا عباس الدوري ، نا أبو بكر بن أبي الأسود ، أنا إبراهيم بن عيسى ، أخبرني بقية بن الوليد ، قال : قال رجل لإبراهيم بن أدهم : كيف أصبحت؟ قال : بخير ما لم يتحمل مئونتي غيري.

__________________

(١) حلية الأولياء ٨ / ١٧.

(٢) الأصل ومختصر ابن منظور ٤ / ٣٢ وفي الحلية : عمر.

(٣) في الحلية : وللنفس.

(٤) عن الحلية والمختصر ، وفي الأصل : واجهد.

(٥) الحلية : ترحل.

(٦) حلية الأولياء ٨ / ١٦.

٣٤٢

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني جعفر بن محمّد ، حدّثني إبراهيم بن نصر ، حدّثني إبراهيم بن بشار ، قال (١) : كنت يوما من الأيّام مارا مع إبراهيم بن أدهم في صحراء إذ أتينا على قبر مسنّم فترحم عليه (٢) فقلت : قبر من هذا؟ فقال : هذا قبر حميد بن جابر أمير هذه المدن كلها ، كان غرقا (٣) في بحار الدنيا ثم أخرجه الله منها واستنقذه بعد.

[ولقد](٤) بلغني أنه سر ذات يوم بشيء من ملاهي ملكه ودنياه وغروره وفتنته قال : ثم نام في مجلسه ذلك مع من خصه من أهله قال : فرأى رجلا واقفا على رأسه ، بيده كتاب فناوله ففتحه فإذا فيه كتاب بالذهب مكتوب : لا يؤثرن فانيا على باق ، ولا تغترنّ بملكك وقدرتك وسلطانك وعبيدك وخدمك ولذاتك وشهواتك ، فإن الذي أنت فيه جسيم لو لا أنه غريم (٥) ، وهو ملك لو لا أن بعده هلك ، وهو فرح وسرور لو لا أنه لهو وسرور (٦) ، وهو يوم لو كان يوثق له بعد ، فسارعوا إلى أمر الله ، فإن الله قال : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)(٧) قال : فانتبه فزعا وقال : هذا تنبيه من الله وموعظة. فخرج من ملكه وقصد هذا الجبل فتعبّد فيه حتى تاب رحمه‌الله (٨).

قال : وسمعت إبراهيم بن أدهم رحمه‌الله يقول : إخوتي ، عليكم بالمبادرة والجدّ والاجتهاد وسارعوا وسابقوا فإن نعلا فقدت أختها سريعة اللحاق بها (٩).

قال : وسمعت إبراهيم بن أدهم يقول : اذكر ما أنت صائر إليه حقّ ذكره وتفكّره فيما مضى من عمرك ، هل تثق به وترجو به النجاة من عذاب ربّك ، فإنك إذا كنت كذلك

__________________

(١) حلية الأولياء ٨ / ٣٣.

(٢) زيد في الحلية : وبكى.

(٣) إعجامها غير واضح بالأصل والمثبت عن الحلية.

(٤) زيادة عن الحلية.

(٥) الحلية : عديم.

(٦) الحلية : وغرور.

(٧) سورة آل عمران ، الآية : ١٣٣.

(٨) زيد في الحلية ٨ / ٣٣ بعدها : فلما بلغني قصته وحدّثت بأمره قصدته فسألته فحدثني بيده أمره ، وحدثته بأمري ، فما زلت أقصده حتى مات ودفن هاهنا ، فهذا قبره رحمه‌الله.

(٩) تقدم الخبر.

٣٤٣

شغلت قلبك بالاهتمام بطريق النجاة على طريق الآمنين اللاهين المطمئنين الذين اتّبعوا أنفسهم هواها ، فوقهم على طريق هلكاتهم ، لا جرم سوف يعلمون وسوف يناقشون وسوف يندمون (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(١).

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن ـ إملاء ـ أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم العدل ، أنا أبو بكر حاتم بن محمّد بن حاتم المروزي ـ بها ـ قال : سمعت العباس بن محمّد المروزي يقول : ذكر عن إبراهيم أنه قال : كل سلطان لا يكون عادلا فهو واللص بمنزلة واحدة ، وكل عالم لا يكون ورعا فهو والذئب بمنزلة واحدة ، وكل من خدم سوى الله فهو والكلب بمنزلة واحدة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، وعلي بن المسلّم الفقيهان ، قالا : أنا أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد ، نا جدي أبو بكر ، أنا جعفر بن محمّد الخرائطي ، نا يوسف بن عمران الدقي ، نا عبد الله بن خبيق ، نا عبد الله بن ضريس قال : قال إبراهيم بن أدهم : كنا إذا سمعنا الشاب يتحدث في المحاسن آيسنا من خيره.

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا جعفر بن محمّد بن نصير ، نا إبراهيم بن نصر.

حدّثني إبراهيم بن بشار ، قال : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : الهوى يردي وخوف الله يشفي. واعلم إنما يزيل عن قلبك هواك إذا خفت ممن تعلم أنّه يراك (٢).

قال : ونا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد ، أنا أحمد بن أبي عمران الحدثي (٣) بمكة.

أخبرني عبد السّلام بن محمّد البغداذي ، نا أحمد بن يوسف ، نا عبد الله بن خبيق ، قال : سمعت شعيب بن حارث يقول : ذكر عن إبراهيم بن أدهم قال : لا تجعل

__________________

(١) تقدم الخبر قريبا.

(٢) تقدم الخبر قريبا.

(٣) بفتح الحاء والدال ، هذه النسبة إلى الحديثة ، بلدة على الفرات.

٣٤٤

فيما بينك وبين الله عليك منعما واعدد النعمة عليك من غير الله مغرما (١).

قال : وأنا أبو الحسن علي بن أبي علي السقّاء ، حدّثني والدي أبو علي ، نا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن نصر ، نا أبو هشام ـ وصوابه ـ أبو هشام وريزة (٢) بن محمّد الغسّاني ـ نا محمّد بن داود بن صبيح ، عن علي بن بكار ، قال : شكا رجل إلى إبراهيم بن أدهم كثرة عياله فقال : يا أخي انظر كل من في منزلك ليس رزقه على الله فحوله إلى منزلي.

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا القاضي أبو محمّد الحسن (٣) بن الحسن بن محمّد بن رامين الأسترابادي ، أنا عبد الله بن محمّد الحميدي الشيرازي ، نا القاضي أحمد بن محمود بن خرّزاد الأهوازي ، حدّثني علي بن محمّد النضري ، حدّثني أحمد بن محمّد الحلبي ، قال : سمعت سريا السّقطي يقول : سمعت بشرا ـ يعني ابن الحارث ـ يقول : قال إبراهيم بن أدهم : وقفت على راهب في جبل لبنان فناديته فأشرف عليّ فقلت له : عظني فأنشأ يقول :

خذ عن الناس جانبا

كي (٤) يعدوك راهبا

إن دهرا أظلّني (٥)

قد أراني العجائبا

قلّب الناس كيف

شئت تجدهم عقاربا

قال بشر فقلت لإبراهيم : هذه موعظة الراهب ، فعظني أنت فأنشأ يقول :

توحّش من الاخوان لا تبغ (٦) مؤنسا

ولا تبغ (٧) أخا ولا تبغ صاحبا

وكن سامري الفعل من نسل آدم

وكن أوحديا ما قدرت مجانبا

__________________

(١) مرّ الخبر قريبا.

(٢) ضبطت عن التبصير.

(٣) في معجم البلدان (أسترآباذ وهي بلدة بين سارية وجرجان من أعمال طبرستان) أبو محمد الحسين بن الحسين بن محمد بن الحسين بن رامين الأسترابادي روى عنه أبو بكر الخطيب. والبداية والنهاية ١٠ / ١٥١ كالأصل وفيها «زامين» بدل رامين.

(٤) في البداية والنهاية ١٠ / ١٥٢ «كن».

(٥) عن البداية والنهاية وبالأصل «أطلني».

(٦) بالأصل : «تبغى».

(٧) فوق الكلمة بخط مغاير : «تتخذ» وفي البداية والنهاية ١٠ / ١٥٢ «تتخذ».

٣٤٥

فقد فسد الأخوان والحب والإخا

فلست ترى إلّا مذوقا وكاذبا

فقلت : ولو لا أن يقال : مدهده

وتنكر حالاتي لقد صرت راهبا (١)

قال سري : فقلت لبشر : هذه موعظة إبراهيم لك ، فعظني أنت فقال : عليك (٢) بلزوم بيتك. فقلت : بلغني عن الحسن أنه قال : لو لا الليل وملاقاة الأخوان ما كنت أبالي متى مت فأنشأ يقول :

يا من يسرّ (٣) برؤية الأخوان

مهلا أمّنت مكايد الشيطان

خلت القلوب من المعاد وذكره

وتشاغلوا بالحرص في (٤) الخسران

صارت مجالس من ترى وحديثهم

في هتك مستور وخلف (٥) قران

قال الحلبي : فقلت لسري : هذه موعظة بشر لك فعظني أنت فقال : عليك بالإجمال فقلت : إني لأحبّ ذلك فأنشأ يقول :

يا من يريد (٦) بزعمه إجمالا

إن كان حقّا فاستعد خصالا

ترك المجالس والتذاكر يا أخي

واجعل خروجك للصلاة خيالا

بل كن بها حيّا كأنّك ميّت

لا يرتجي منه القريب وصالا

قال علي بن محمّد : قلت للحلبي : هذه موعظة سري لك فعظني ، فقال لي : يا أخي أحبّ الأعمال إلى الله تبارك وتعالى ما أصدر (٧) إليه من قلب زاهد في الدنيا ؛ فازهد في الدنيا يحبّك الله ، ثم أنشأ وهو يقول :

أنت في دار شتات

فتأهب لشتاتك

واجعل الدنيا كيوم

صمته عن شهواتك

__________________

(١) الأبيات في البداية والنهاية ١٠ / ١٥٢.

(٢) البداية والنهاية : عليك بالخمول ولزوم بيتك.

(٣) عن البداية والنهاية ، ورسمها غير واضح بالأصل.

(٤) البداية والنهاية : والخسران.

(٥) البداية والنهاية : وموت جنان.

(٦) البداية والنهاية ١٠ / ١٥٢ يروم.

(٧) البداية والنهاية : صعد إليه.

٣٤٦

واجعل الفطر إذا ما

صمته يوم مماتك (١)

قال ابن خرّزاذ فقلت لعلي : هذه موعظة الحلبي لك فعظني ، فقال لي : احفظ وقتك واسخ بنفسك لله تعالى ، وانزع قيمة الأشياء عن قلبك يصفو بذلك سرّك ويزكو (٢) بذلك ذكرك ، ثم أنشدني :

حياتك أنفاس تعدّ فكلما

مضى نفس منها انتقصت به جزءا

فيصبح في نفس ويمشي بمثله (٣)

ومالك معقول تحس به رزءا

يميتك ما يحييك في كلّ ساعة

ويحدوك حاد ما يريد به الهزءا

قال أبو محمّد قلت لأحمد : هذه موعظة علي لك فعظني فقال له : يا أخي عليك بلزوم الطّاعة وإيّاك أن تنزح (٤) من باب القناعة ، وأصلح مثواك ولا تؤثر هواك ، ولا تبع آخرتك بدنياك ، واشتغل بما يعينك بترك ما لا يعنيك ثم أنشدني :

ندمت على ما كان مني ندامة

ومن يتبع ما تشتهي النفس يندم

فخافوا لكيما تأمنوا بعد موتكم

سيلقون ربا عادلا ليس يظلم

فليس بمغرور (٥) لدنياه زاجر

سيندم إن زلّت به النعل فاعلم

قال القاضي أبو محمّد بن رامين قلت لأبي محمّد : هذه موعظة أحمد لك فعظني أنت فقال : اعلم رحمك الله أن الله جل ثناؤه ينزل العبيد حيث نزلت قلوبهم بهمومها ، فانظر أين أنزلت قلبك ، فاعلم (٦) أنه تقرب القلوب على حسب ما قرب إليها (٧) ، فانظر من القريب من قلبك وأنشدني :

قلوب رجال في الحجاب نزول

وأرواحهم فيما هناك حلول

__________________

(١) البداية والنهاية : وفاتك.

(٢) البداية والنهاية : يذكو.

(٣) في البداية والنهاية :

فتصبح في نقص وتمسي بمثله

(٤) البداية والنهاية : تفارق باب.

(٥) البداية والنهاية : لمغرور.

(٦ و ٧) كذا ما بين الرقمين بالأصل والعبارة في البداية والنهاية : واعلم أن الله سبحانه يقرب من القلوب على حسب ما تقرب منه ، وتقرب منه على حسب ما قرب إليها.

٣٤٧

بروح (١) نعيم الإنس في عزّ قربه

بأفراد توحيد المليك تحول

لهم بفناء القريب (٢) من محض بره

عوائذ بذل خطهن (٣) جليل

قال : أبو بكر الخطيب : فقلت للقاضي أبي محمّد بن رامين : هذه موعظة الحميدي لك فعظني فقال : اتق الله وثق به ولا تتهمه فإن اختياره لك خير من اختيارك لنفسك وأنشدني :

اتخذ الله صاحبا

وذر الناس جانبا

جرّب الناس كيف

شئت تجدهم عقاربا

قال أبو الفرج غيث الصوري ، قلت للشيخ أبي بكر : هذه موعظة القاضي أبي محمّد لك ، فعظني أنت. فقال : احذر نفسك التي هي أعدى (٤) أعدائك أن تتابعها على هواها ، فذاك أعضل دائك ، واستشعر (٥) الخوف من الله بخلافها ، وكرر على قلبك ذكر نعوتها وأوصافها ، فإنها الأمّارة بالسوء والفحشاء ، والموردة من أطاعها موارد العطب والبلاء. واعمد في جميع أمورك إلى تحرّي الصّدق ، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. وقد ضمن الله تعالى لمن خالف هواه أن يجعل دار (٦) الخلد قراره ومأواه.

وأنشدني لنفسه :

إن كنت تبغي الرشاد محضا

في أمر دنياك والمعاد

فخالف النفس في هواها

إن الهوى جامع الفساد

أنبأنا أبو القاسم الحسيني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، نا عبد الوهّاب الميداني ، أنا أبو العباس البردعي ، نا عبيد الله بن الحسين الأزدي ، نا أبو حفص النسائي.

حدّثني محمّد بن الحسين ، عن أبي إسحاق الأنطاكي ، حدّثني أبو عبد الله

__________________

(١) البداية والنهاية : تروح نعيم.

(٢) البداية والنهاية ١٠ / ١٥٣ القرب.

(٣) البداية والنهاية : خطبهن.

(٤) بالأصل : «أعد» والمثبت عن ابن كثير.

(٥) البداية والنهاية : واستشرف.

(٦) البداية والنهاية : جنة الخلد.

٣٤٨

الجوزجاني رفيق إبراهيم بن أدهم قال : غزا إبراهيم بن أدهم في البحر مع أصحابه ، فقدم أصحابنا فأخبروني عن إبراهيم بن أدهم ، عن الليلة التي مات فيها ، اختلف خمسا أو (١) ستا وعشرين مرة إلى الخلاء ، كل ذلك يجدد الوضوء للصّلاة ، فلما حسّ (٢) بالموت قال : أوتروا لي قوسي ، وقبض على قوسه ، فقبض الله روحه ، والقوس في يده (٣) ، قال : فدفنّاه في بعض الجزائر في بلاد الرّوم.

كذا قال وأنا عبد الوهّاب الميداني قال : قرأت على ظهر الجزء الثاني من زهد إبراهيم بن أدهم لأبي العباس البردعي قال محمّد بن إسماعيل البخاري : مات إبراهيم بن أدهم سنة إحدى وستين ومائة ودفن بسوقين (٤) حصن ببلاد الروم ، كذا قال في وفاته ؛ والمحفوظ أنه مات سنة اثنتين وستين ومائة.

كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن منده ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني وأبو مسعود عبد الجليل بن محمّد عنه ، أنا عمّي أبو القاسم ، عن أبيه أبي عبد الله ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : إبراهيم بن أدهم العجلي كوفي قدم مصر زائرا لرشدين بن سعد ، حفظ مات سنة اثنتين وستين ومائة ، وقيل سنة ثلاث.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن إبراهيم الجرجاني ، أنا عبد الوهّاب بن منده ، أنا أبي أبو عبد الله ، قال : وقال أبو داود سليمان بن الأشعث : سمعت أبا توبة الرّبيع بن نافع يقول : مات إبراهيم بن أدهم سنة اثنتين وستين ودفن على ساحل البحر.

أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن أبي عقيل ، أنا أبو الحسن الخلعي ، أنا أبو محمّد بن النحاس ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا محمّد بن علي بن يزيد الصائغ قال : سمعت الشافعي يقول : سمعت السري بن جمكان يقول وكان سفيان معجبا به (٥) :

__________________

(١) بالأصل : «خمسة أو ستة» والصواب ما أثبت.

(٢) في المختصر : «شعر» وفي البداية والنهاية ١٠ / ١٥٤ فلما كانت غشية الموت.

(٣) زيد في البداية والنهاية : فمات وهو قابض عليه يريد الرمي به إلى العدو رحمه‌الله وأكرم مثواه.

(٤) إعجامها غير واضح بالأصل ، والمثبت عن معجم البلدان ، ولم يحدد الموضع بالضبط ، ونقل عبارة البردعي وتعقيب ابن عساكر. (معجم البلدان : سوقين).

(٥) الأبيات في البداية والنهاية ١٠ / ١٥٤ وديوان الإمام الشافعي ص ١٠١.

٣٤٩

أجاعتهم الدنيا فجاعوا (١) ولم يزل

كذلك ذو التقوى عن العيش ملجما (٢)

أخو طيّ داود منهم ومسعر

ومنهم وهيب والعريب بن أدهما

وفى ابن سعيد قدوة البر والنهى

وفي وارث الفاروق صدقا مقدّما

وحسبك منهم بالفضيل مع ابنه

ويوسف إن لم يأل أن يتسلّما

أولئك أصحابي وأهل مودّتي

فصلّى (٣) عليهم ذو الجلال وسلّما

فما ضرّ ذا التقوى نصال أسنة (٤)

وما زال ذو التقوى أعزّ وأكرما

وما زالت التقوى تريك على الفتى

إذا محّض التقوى من العزّ ميسما

__________________

(١) في المصدرين : فخافوا.

(٢) عن المصدرين وبالأصل ملحما.

(٣) بالأصل «فصل» والمثبت عن المصدرين.

(٤) عن المصدرين ، وبالأصل : نضال سنة.

٣٥٠

ذكر من اسم أبيه إسماعيل ممّن اسمه إبراهيم

٣٦٦ ـ إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن عبد المؤمن

ابن إسماعيل بن مشكان بن خرّزاد البيروتي

حدّث عن أبيه.

روى عنه أبو الحسين بن جميع الصّيداوي.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، وأبو القاسم بن السّمرقندي ، قالا : أنا أبو نصر بن طلّاب ، أنا أبو الحسين بن جميع ـ بصيدا ـ نا إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن عبد المؤمن ، نا أبي ، نا أبي ، نا عمرو بن هاشم ، نا سليمان بن أبي كريمة ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أسلم على شيء فهو له». والله تعالى أعلم [١٥٥٢].

٣٦٧ ـ إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد بن عبيد الله

ابن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

أبو جعفر الحسيني الموسوي المكي القاضي الخطيب

قدم دمشق وحدّث بها وبمكة : عن أبي بكر عثمان بن محمّد بن الحسين ـ صاحب الكتاني ـ وأبي بكر الآجري ، وأبي الحسن العجيفي ، وأبي سعيد بن الأعرابي ، ومحمّد بن جبريل ، وأبي قتيبة سلم بن الفضل الأدمي (١).

__________________

(١) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٧.

٣٥١

روى عنه علي الحنّائي ، وأبو على الأهوازي ـ وسمع منه بمكة ـ ورشأ بن نظيف ـ وسمع منه بمصر ـ ويحيى بن الحسين بن جعفر المصّيصي ، وأبو القاسم عبد الجبّار بن أحمد بن عمر الطرسوسي المقرئ ، وأبو أحمد عبد الله بن محمّد الهروي الطّيّبي ، وعبد العزيز بن بندار بن علي الشيرازي ، وإبراهيم بن محمّد بن إبراهيم الحنائي.

أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبد الله بن عبدان ، أنا أبو القاسم علي بن محمّد بن أبي العلاء ، أنا علي بن محمّد الحنّائي ، أنا الشريف القاضي أبو جعفر إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن عبيد الله بن موسى بن جعفر الحسيني (١) الخطيب ـ إمام الحرمين ، قدم علينا ـ أنا محمّد بن الحسين الآجرّي ـ بمكة ـ نا الفضل بن العباس الشّكلي (٢) ، نا بعض أصحاب ذي النون ، قال : قال عبد الباري أخو ذي النون (٣) : يا أبا الفيض ، لم صيّر الموقف بعرفات والمشعر ، ولم يصيّر بالحرم؟ قال : لأن الكعبة بيت الله عزوجل والحرم حجابه والمشعر بابه ، فلما قصده الوافدون أوقفهم بالباب الأوّل يتضرعون حتى لما أذن لهم بالدخول أوقفهم بالباب الثاني وهو المزدلفة ، فلمّا أن نظر إلى تضرّعهم أمر بتقريب قربانهم ويقضون تفثهم ويتطهرون من الذنوب التي كانت تحجبهم عنه ، أمرهم بالزيارة على طهارة.

قال عبد الباري : فلم كره لهم الصّيام أيام التشريق؟ فقال : إن القوم زوّار الله ، وهم في ضيافته ، ولا ينبغي للضيف أن يصوم عند من أضافه إلّا بإذنه.

فقال : يا أبا الفيض ، فما معنى التعلّق بأستار الكعبة؟ فقال : مثله مثل رجل بينه وبين صاحبه جناية فهو يتعلق به ويستخذي له رجاء أن يهب له جرمه.

كتب إلي أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا الحاكم أبو عبد الله قال : جاءنا ـ نعي القاضي الشريف أبي جعفر الموسائي الحسيني قاضي الحرمين في شهر رمضان سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.

__________________

(١) بالأصل «الحسني» والصواب ما أثبت وقد تقدم في بداية الترجمة.

(٢) ضبطت عن الأنساب ، هذه النسبة إلى شكل.

(٣) الخبر في مختصر ابن منظور ٤ / ٣٣.

٣٥٢

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع اللفتواني ، أنا أبو عمرو بن منده ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا أحمد بن عبدة الطّبسي ، نا حمّاد بن زيد ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عبيد بن عمير ، قال : بينما إبراهيم خليل الرّحمن يوما في داره ، إذ دخل عليه رجل حسن الشارة فقال : يا عبد الله من أدخلك داري؟ قال : أدخلنيها ربها ، قال : فربها أحق بها ، فمن أنت؟ قال : أنا ملك الموت ، قال : لقد بعث لي منك أشياء ما أراها فيك ، قال : أدبر ، فأدبر فإذا عيون مقبلة ، وإذا عيون مدبرة ، وإذا شعرة منه كأنها إنسان قائم ، قال فتعوذني الله من ذلك وقال : عد إلى الصورة الأولى ، قال : يا ملك الموت لقد دخلت عليّ قبل في صورة حسنة ، ثم رأيتك تحوّلت في هذه الصورة الخبيثة (١) [قال :] إذا بعثني إلى من يكره لقاءه بعثني في هذه الصورة الخبيثة (٢) التي رأيت آنفا ، وإن الله قد اتّخذ من أهل الأرض خليلا ، قال : يا ملك الموت أخبرني عنه في ما آته فأخبره فأصحبه وأخدمه وأكون معه قال : فإنّك أنت هو ، قال : فحمد الله وأثنى عليه.

قال : فلما أراد الله تبارك وتعالى قبضه قال : يا ملك الموت ، اقبض روح خليلي وائته من باب لا تروعه منه. قال : يا ربّ ما أتيته من باب إلّا رعته ، فكرّه إليه الحياة.

قال : فبينما إبراهيم يوما في ظل داره إذ أقبل شيخ يتوكأ على عصا حتى جلس إليه ، فدعا بطعام ، وكان يقري الضيف ، وكان كلما أكل لقمة خرجت أسفل منه ، قال إبراهيم : كم أتى لك؟ قال : أحد وستون ومائة سنة ، وكان إبراهيم يومئذ ابن مائة وستين سنة ، قال : ما بقي أن ألقى هذا إلّا أن أدخل في سنتي هذه ، فكره الحياة فأوحى الله إلى ملك الموت أن اقبض روح خليلي على أيسر ذلك. فأتاه برائحة من مسك الجنة ، فاستنشاه إيّاها حتى خرجت روحه فلما لقي الله عزوجل قال : يا إبراهيم كيف وجدت الموت؟ قال : يا ربّ وجدت كأنها تنزع بالسلا ، قال : فإنّما قد يسّرنا عليك.

قال حمّاد : وفي آخر الحديث كلمة لابن شداد.

قال : ونا ابن أبي الدنيا أنا أزهر بن مروان الرقاشي ، نا جعفر بن سليمان ، نا أبو عمران الجوني ، عن عبد الله بن رباح ، عن كعب ، قال : كان إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ

__________________

(١) رسمها غير واضح ، ولعل ما أثبت هو الصواب ، ولعلها : الخشنة.

(٢) رسمها غير واضح ، ولعل ما أثبت هو الصواب ، ولعلها : الخشنة.

٣٥٣

ومحمّد بن مصفّى ، وسليمان بن سيف ، وأبا مصعب ، ويعقوب بن حميد ، وهارون بن سعيد ، وعيسى بن حمّاد ، وحرملة بن يحيى ، ومحمّد بن رمح ، وهناد بن السّرّي ، وأبا كريب ، ومحمّد بن عبد الله بن أبي الشوارب ، وعمرو بن علي ، وقتيبة بن سعيد ، ومحمّد بن أبان ، وإبراهيم بن يوسف الماكياني (١) ، ويحيى بن يحيى ، وإسحاق (٢) بن حجر ، والحسين (٣) بن حريث ، ومحمّد بن أسلم الطوسي ، ومحمّد بن عمرو ـ زنيجا (٤) ـ ومحمّد بن حميد ، وأحمد بن حنبل.

روى عنه : أبو الحسن محمّد بن أحمد بن زهير ، وأبو النضر محمّد بن محمّد بن يوسف الفقيه الطوسيان ، وأبو جعفر محمّد بن صالح بن هانئ ، وأبو الطّيّب محمّد بن عبد الله المقرئ.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو النضر الفقيه ، نا إبراهيم بن إسماعيل العنبري ، نا دحيم ، قال : وأخبرني أبو النضر محمّد بن عبد الله بن إسحاق ، نا محمّد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، قالا : نا مروان بن معاوية ، عن أبي مالك الأشجعي ـ سعد بن طارق ـ عن أبي حازم ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«أن حوضي أبعد من أيلة (٥) إلى عدن (٦) ، لهو أشدّ بياضا من الثلج وأحلى من العسل ، ولآنيته أكثر من عدد نجوم السماء ، وإني لأصدّ الناس عنه كما يصدّ الرّجل إبل الرّجل عن حوضه» قالوا : يا رسول الله أتعرفنا؟ قال : «نعم لكم سيماء ليست لأحد من الأمم تردون غرّا محجّلين من أثر الوضوء» [١٥٥٥].

قرأت على أبي القاسم الشّحّامي ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا النضر الفقيه يقول : كتبت مسند إبراهيم العنبري بخطي

__________________

(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١١ / ٦٢ والأنساب.

(٢) في سير الأعلام : وعلي بن حجر.

(٣) بالأصل «الحسن» والصواب عن سير الأعلام ، وانظر ترجمته فيها ١١ / ٤٠٠.

(٤) بالأصل «زميج» والمثبت والضبط عن التبصير ٢ / ٥٩٠.

(٥) أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام (معجم البلدان).

(٦) عدن : مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن (معجم البلدان).

٣٥٤

مائتين (١) وبضعة عشر جزءا.

قال الحاكم : إبراهيم بن إسماعيل العنبري ـ أبو إسحاق الطوسي ـ محدث عصره بها ، وأزهدهم بعد محمّد بن أسلم ، وأخصّهم بصحبة محمّد بن أسلم ، وأكثرهم رحلة في طلب الحديث ثم ذكر من سمع منه (٢).

٣٧٠ ـ إبراهيم بن إسماعيل

سمع هشام بن عمّار ، ومسرور بن ربيعة التنوخي.

روى عنه أبو بكر عبد الله بن محمّد بن حميد بن سنان البالسي (٣).

كتب إليّ أبو الفرج غيث بن علي الصّوري ـ ونقلته من خطّه ـ أنا أبو منصور أحمد بن محمّد بن العباس القاني ـ إمام المسجد الجامع بصور ـ أنا أبو محمّد عبد العزيز بن عبد الملك اليماني ـ بالقدس ـ نا أبو بكر أحمد بن الليث المقرئ ـ ببيت المقدس ـ قال : قرأت على محمّد بن عيسى الطرسوسي ، نا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن حميد بن سنان البالسي ، نا إبراهيم بن إسماعيل ، نا هشام بن عمّار ، نا عبد الرّحمن ، نا الليث ، عن مجاهد وشهر بن حوشب ، عن أبي هريرة قال : أوصاني خليلي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بثلاث ونهاني عن ثلاث ، أوصاني أن لا أنام إلّا على وتر ، وأن أصوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر ـ يعني البيض ـ وأن لا أدع ركعتي الضحى ؛ ونهاني : أن لا (٤) أنقر الصّلاة كنقر الدّيك ، وأن ألتفت التفات الثعلب ، وأن أقعي أقعاء القرد.

__________________

(١) في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٧٧ في مائتين تسعين جزءا.

(٢) قال الذهبي في آخر ترجمته في السير : موته تخمينا بعد الثمانين ومائتين ، وكان من أبناء الثمانين أو دونها بيسير ، وهو من أئمة الهدى.

وانظر أيضا تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٧٩.

(٣) البالسي نسبة إلى بالس (ـ بكسر اللام ـ) وهي بلدة بالشام بين حلب والرقة (معجم البلدان).

(٤) سقطت من المختصر والأصل ، وأضيفت بالأصل بين السطرين.

٣٥٥

ذكر من اسم أبيه إسحاق ممّن اسمه إبراهيم

٣٧١ ـ إبراهيم بن إسحاق بن أحمد

أبو إسحاق المقرئ

إمام مسجد الفرس بصور.

سمع : أبا سعيد عثمان بن أحمد بن شبيك الدّينوري.

روى عنه : أبو عبد الله محمّد بن علي الصّوري.

٣٧٢ ـ إبراهيم بن إسحاق بن بشر بن موسى

ابن صالح بن شيخ بن عميرة بن حبّان بن سراقة بن يزيد

ابن حميري بن عتبة بن جذيمة بن الصيداء بن عمرو بن قعين بن الحارث

ابن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة

ابن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان

أبو إسحاق الأسدي البغداذي (١)

سكن دمشق وحدّث بها عن جده أبي علي بشر بن موسى.

روى عنه : أبو الفتح عبد الواحد بن محمّد بن مسرور البلخي.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٢) : إبراهيم بن إسحاق بن بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة ، أبو

__________________

(١) له ترجمته في تاريخ بغداد ٦ / ٤٢ ومختصر ابن منظور ٤ / ٣٥.

(٢) تاريخ بغداد ٦ / ٤٢.

٣٥٦

إسحاق الأسدي ، سكن دمشق. وحدّث بها عن جده بشر بن موسى ، روى عنه أبو الفتح بن مسرور البلخي.

٣٧٣ ـ إبراهيم بن إسحاق بن أبي الدّرداء

أبو إسحاق الأنصاري الصرفندي

من أهل حمص ، الصّرفندة (١) : من السّاحل.

سمع بدمشق : أبا عبيد الله (٢) معاوية بن صالح الأشعري ، ومحمّد بن عبد الرّحمن بن (٣) أبي الأشعث ، وعمر بن مضر (٤) العبسي ، ويزيد بن محمّد بن عبد الصّمد ، وأبا جعفر محمّد بن يعقوب بن حبيب ، وأبا جعفر محمّد بن يعقوب بن هشام بن ملاس ، وأبا عبد الرّحمن خالد بن روح بن أبي حجر ، وأبا [محمّد](٥) شعيب بن عمرو الضّبعي ، وأبا زرعة الدمشقيين ، والعبّاس بن الوليد ، وإسماعيل بن خضر ، وأبا بكر أحمد بن الحسن بن روزبه ، وأبا جعفر حميدان بن نصر بن حصين البغداذي ، وأبا غانم حميد بن سعيد بن أبي دعلج ، وأبا جعفر محمّد بن عبد الله بن أبان الأنصاري ، وأبا عمرو أحمد بن عبد الرّحمن الدّينوري ، وأبا معن محمّد بن رواحة الأنصاري ، وبكّار بن قتيبة ، وأبا خالد عبد العزيز بن معاوية بن عبد العزيز ، وأبا الفضل الرّبيع بن محمّد اللّاذقي (٦) ، وأبا جعفر محمّد بن سليمان بن داود المنقري ، وأبا عمرو يزيد بن أحمد النصري ، وأبا أمية الطرسوسي.

وقدم دمشق عدة دفعات مستفيدا من شيوخها.

روى عنه : أبو الحسين بن جميع ، وعبد الله بن علي بن عبد الرّحمن بن أبي

__________________

(١) في معجم البلدان بدون ألف ولام ، قرية من قرى صور من سواحل بحر الشام. وترجم له ياقوت ترجمة قصيرة ، وانظر أيضا الأنساب (الصرفندي).

(٢) في معجم البلدان «عبد الله» خطأ ، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٣.

(٣) في معجم البلدان : بن الأشعث.

(٤) ياقوت : «نصر».

(٥) سقطت من الأصل ، وأضيفت فوق الكلام بين السطرين ، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٠٤ (١١٣).

(٦) بالأصل اللادقي بالدال المهملة ، والصواب ما أثبت عن سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٦٠ وهذه النسبة إلى اللاذقية ، بلدة على ساحل بحر الشام (الأنساب).

٣٥٧

العجائز ، وشهاب بن محمّد بن شهاب الصوري.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، وأبو القاسم بن السّمرقندي ، قالا : أنا أبو نصر بن طلّاب ، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن جميع ، نا إبراهيم بن إسحاق ـ يعني ابن أبي الدّرداء ـ أبو إسحاق الأنصاري ـ من أهل الصّرفندة ـ قال : كتب إليّ جعفر بن عبد الواحد ، قال : قال لنا سعيد بن سلام ، نا المسيّب ـ أبو زهير ـ قال : سمعت أبا جعفر المنصور يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «العباس عمي ووصيي ووارثي (١)» [١٥٥٦].

ذكر أبو الفرج غيث بن علي ـ فيما قرأته بخطه ـ أنه حدّث بصور في رمضان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.

٣٧٤ ـ إبراهيم بن أيوب الحوراني (٢) الزاهد

روى عن : الوليد بن مسلم ، وأبي سليمان الداراني ، والهيثم بن عمران ، ومضاء بن عيسى ، وسويد بن عبد العزيز ، وبشر بن السّري ، وأبي روح الوزير بن صبيح ، وإبراهيم بن عبد الحميد الحرشي ، وضمرة بن ربيعة.

روى عنه : سعد بن محمّد البيروتي ، وقاسم بن عثمان الجوعيّ ، وأحمد بن أبي الحواري ، وعبد الله بن هلال الدوسي الرّبعي ، ومحمد بن إسحاق بن الحريص ، وأحمد بن سليمان بن زبّان الكندي (٣) ، وأحمد بن علي الأبّار (٤) ، وأحمد بن أبي رجاء ـ نصر بن شاكر ـ وأحمد بن المعلى الأسدي ، وأبو طاهر محمّد بن سليمان بن أحمد بن ذكوان ، وأبو بكر أحمد بن سليمان الزّنبقي (٥) العرقي (٦) ، ويعقوب بن سفيان الفارسي ، وأبو محمّد عبد الله بن عبد الرّحمن الدّمشقي ـ وأثنى عليه ، وقال : كان رجلا صالحا ـ.

__________________

(١) الحديث في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٦٠ ومختصر ابن منظور ٤ / ٣٦.

(٢) هذه النسبة إلى حوران كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة (معجم البلدان ـ الأنساب) وترجما له.

(٣) في الأنساب : الدمشقي.

(٤) ضبطت عن الأنساب والتبصير.

(٥) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن الأنساب (العرقي).

(٦) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت والضبط عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى عرقة وهي بلدة تقارب أطرابلس الشام ، وهي بين رفنية وأطرابلس وله في الأنساب ترجمة قصيرة.

٣٥٨

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن شمعون ح.

وأخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، وأبو القاسم بن السّمرقندي.

قالا : نا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، قالا : أنا أحمد بن سليمان بن زبّان الكندي ، نا إبراهيم بن أيّوب الحوراني ، نا الوليد بن مسلم ، نا حريز (١) بن عثمان ، عن عبد الرّحمن بن أبي عوف ، عن أبي هند البجلي ـ وكان من السّلف ـ قال : تذاكروا الهجرة عند معاوية ، وهو على سريره مغمض العينين ، فقال بعضهم : انقطعت الهجرة. فقال بعضهم : لا ، فانتبه لهم معاوية ، فقال : ما كنتم تذكرون؟ فأخبروه ، فقال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ؛ ثلاث مرّات ـ فقال ابن شمعون : مرار ـ ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشّمس من قبل المغرب» [١٥٥٧].

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، قال : إبراهيم بن أيوب الشامي الحوراني فقال : كان من عباد الله الصّالحين ، وحدّث عن الوليد بن مسلم ، ومضاء بن عيسى ، والهيثم بن عمران وأبي سليمان الداراني. روى عنه سعيد بن محمّد البيروتي وعبد الله بن هلال الرّبعي ، وأحمد بن علي الأبّار ، وأحمد بن سليمان بن زبّان الدمشقي وغيرهم.

قرأت على أبي محمّد ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٢) :

أمّا الحوراني ـ بفتح الحاء المهملة وبالراء ـ فهو إبراهيم بن أيّوب الشامي الحوراني كان من الصالحين ، روى عن الوليد بن مسلم ومضاء بن عيسى وغيرهما (٣) ، روى عنه سعد بن محمّد البيروتي ، وأحمد بن علي الأبّار وأحمد بن سليمان بن زبّان وغيرهم.

__________________

(١) بالأصل «جرير» تحريف ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في تهذيب التهذيب ، وسير أعلام النبلاء ٧ / ٧٩ (٣٥).

(٢) الإكمال لابن ماكولا ٣ / ٢٥.

(٣) بالأصل «وغيرهم» والمثبت عن الإكمال.

٣٥٩

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمّد ، أنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن جعفر ، نا أبو زرعة الدّمشقي في ذكر أصحاب الوليد وابن شعيب وغيرهم : إبراهيم بن أيّوب الحوراني.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا أبي ، نا أبو الحسن بن أبان ، نا أبو علي الحسين بن عبد الله السّمرقندي ، نا أحمد بن أبي الحوراي ، حدّثني إبراهيم بن الحوراني ـ وكان أبو سليمان يحبّه ويبيت عنده ـ قال : قال لي أبو سليمان فذكر عنه حكاية ـ كان في الأصل : إبراهيم بن الحوراني ، وهو وهم ـ.

أنبأنا أبو منصور بن خيرون وغيره ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا ابن الفضل ، أنا دعلج بن أحمد ـ إجازة ـ أنا أحمد بن علي الأبّار ، نا محمّد بن مقاتل الصيرفي ، نا إبراهيم بن أيّوب الحوراني قال : كان على حمص قاضيا (١) وكان طويل اللحية ، وكانت كنيته أبو المعسق (٢) وكان نقش خاتمة : نبت الحبّ ودام وعلى الله التمام.

أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنا عبد الرّحمن بن منده ، أنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا أبو الحسن الفأفاء ح.

قال : وأنا ابن منده ، أنا حمد بن عبد الله الأصبهاني ـ إجازة ـ قالا : أنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم (٣) ، قال : إبراهيم بن أيّوب الحوراني الدمشقي من العباد روى عن أبي سليمان الداراني ، والهيثم بن عمران ، والوليد بن مسلم ، ومضاء بن عيسى. روى عنه أحمد بن أبي الحواري ، وسعد بن محمّد البيروتي ، وعبد الله بن هلال الدوسي (٤) الرّبعي.

أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا المسدّد بن علي الأملوكي ، أنا أبي علي بن عبد الله بن العباس ، نا أبو القاسم عبد الصّمد بن سعيد ، نا عبد السلام بن الزبير ، نا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عبد الله الدّمشقي ، نا إبراهيم بن أيّوب الدّمشقي وكان رجلا صالحا. فذكر حديثا.

__________________

(١) بالأصل : «قاضي».

(٢) كذا رسمها بالأصل.

(٣) الجرح والتعديل ١ / ١ / ٨٨ تر : ٢١٩.

(٤) الجرح : الدومي.

٣٦٠