تاريخ مدينة دمشق - ج ٣

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٣

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أبو الحسن علي بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي ، حدثنا علي بن حرب ، نبأنا ابن عثمان بن حكيم ، أنبأنا عمر بن بكر ، عن أحمد بن القاسم ، عن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبي صالح ، عن عبد الله بن عباس قال : لما ظهر [سيف بن ذي يزن](١) قال ابن المنذر : اسمه النعمان بن قيس ـ على الحبشة ، وذلك بعد مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسنتين أتته وفود العرب وشعراؤها تهنئه وتمتدحه وتذكر (٢) ما كان من حسن بلائه (٣). وأتاه فيمن أتاه وفد قريش فيهم (٤) : عبد المطلب بن هاشم ، وأمية بن عبد شمس ، وعبد الله بن جدعان ، وخويلد (٥) بن أسد في ناس من وجوه قريش فقدموا عليه صنعاء فإذا هو في رأس غمدان الذي ذكره أمية بن أبي الصلت :

اشرب هنيا عليك التاج مرتفعا (٦)

في رأس غمدان دارا منك مخلالا (٧)

فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم ، فأذن لهم فدنا عبد المطلب واستأذنه في الكلام فقال له : إن كنت ممن تتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك ، فقال عبد المطلب : إنّ الله أجلّك (٨) أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا [باذخا](٩) وأنبتك منبتا

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن المختصر لابن منظور ٢ / ٥٧ ودلائل البيهقي ٢ / ٩.

(٢) عن دلائل البيهقي وبالأصل وخع : «وقد كن».

(٣) غير واضحة بالأصل وخع ، والصواب عن البيهقي ، وبعدها فيه : وطلبه بثأر قومه.

(٤) في البيهقي : منهم.

(٥) كذا بالأصل وخع ، ولم يرد خويلد في الدلائل البيهقي ولا في المختصر لابن منظور ، ومكانه فيهما : وأسد بن عبد العزى ، ووهب بن عبد مناف ، وقصي بن عبد الدار.

(٦) في البيهقي ٢ / ١٠ والمختصر ٢ / ٥٨ مرتفقا.

(٧) في البيهقي والمختصر : «اشرب هنيئا ... محلالا» والبيت من قصيدة في سيرة ابن هشام ١ / ٦٧ نسبها ابن إسحاق لأبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي ، وقال ابن هشام وتروي لأمية بن أبي الصلت. ومطلعها :

ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن

ريّم في البحر للأعداء أحوالا

والبيت فيها برواية :

فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا

... محلالا وغمدان بضم أوله وسكون ثانيه : قصر بناه يشرح بن يحصب على أربعة أوجه : وجه أبيض ووجه أحمر ووجه أصفر ووجه أخضر وبنى في داخله قصرا على سبعة سقوف بين كل سقفين منها أربعون ذراعا.

وقيل إن الذي بناه سليمان ، وقيل بناه يعرب. وقد هدم في عهد عثمان (رضي‌الله‌عنه).

وقوله مرتفقا يعني متكئا.

(٨) كذا بالأصل وخع ، وفي البيهقي والمختصر : «أحلك».

(٩) الزيادة عن خع ، سقطت اللفظة من الأصل.

٤٤١

طابت أرومته وعزّت جرثومته وثبت أصله وبسق فرعه في (١) أكرم موطن وأطيب معدن ، فأنت ـ أبيت اللعن ـ ملك العرب ، [وربيعها الذي تخصب به البلاد](٢) ورأس العرب الذي له تنقاد ، وعمودها الذي عليه العماد ، ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد ، سلفك خير سلف ، وأنت لنا منهم خير خلف ، فلن يخمل (٣) [من أنت](٤) سلفه ، ولن يهلك من أنت خلفه. نحن أيّها الملك أهل حرم الله تعالى ، وسدنة بيته ، أشخصنا إليك الذي أبهجنا (٥) من كشفك الكرب الذي فدحنا ، فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة.

قال : وأيهم أنت أيها المتكلم؟ قال : أنا عبد المطلب بن هاشم ، قال : ابن أختنا؟

قال : نعم ، قال : أدن ، فأدناه ثم أقبل عليه وعلى القوم ، فقال : مرحبا وأهلا (٦) وناقة ورحلا ، ومستناخا سهلا ، وملكا ربحلا (٧) : يعطي عطاء جزلا ، قد سمع الملك مقالتكم ، وعرف قرابتكم ، وقبل وسيلتكم ، فأنتم أهل الليل والنهار ، ولكم الكرامة ما أقمتم ، والحباء إذا ظعنتم.

ثم أنهضوا إلى دار الضيافة والوفود والإقامة فأقاموا شهرا لا يصلون إليه ، ولا يأذن لهم بالانصراف ثم انتبه لهم انتباهة ، فأرسل إلى عبد المطلب فأدنى مجلسه وأخلاه ثم قال : يا عبد المطلب إني مفض (٨) إليك من سرّ علمي ما أن لم يكن غيرك لم أبح به إليه ، ولكني رأيتك معدنه ، فأطلعتك طلعه (٩) ، فلتكن عندك مطويا حتى يأذن الله تعالى ، فإن الله تعالى بالغ أمره : إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون ، الذي اختزناه لأنفسنا ، واحتجبناه دون غيرنا ، خيرا عظيما وخطرا جسيما ، فيه شرف الحياة ، وفضيلة الوفاة ، للناس عامة ، ولرهطك كافة ، ولك خاصة.

__________________

(١) في البيهقي : في أطيب موضع وأكرم معدن.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من البيهقي والمختصر.

(٣) بالأصل وخع «يحمل» والمثبت عن البيهقي.

(٤) في الأصل وخع : منهم ، وو المثبت عن البيهقي.

(٥) عن البيهقي والمختصر ، وبالأصل وخع : انتهجنا.

(٦) زيد في البيهقي : وأرسلها مثلا ، وكان أول من تكلم بها.

(٧) الرّتجل ـ بكسر الراء ـ وفتح الباء ـ الكثير العطاء.

(٨) بالأصل وخع «مفوض» والمثبت عن البيهقي والمختصر.

(٩) بالأصل : «طليعة» والمثبت عن البيهقي.

٤٤٢

قال عبد المطلب : أيها الملك مثلك سرّ وبرّ فما هو فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر؟

قال : إذا ولد مولود بتهامة ، غلام بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الرّعاية (١) ، إلى يوم القيامة.

قال عبد المطلب : أبيت اللعن لقد أبت بخير ما آب به وفد ، ولو لا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من سارّه (٢) إياي ما أزداد به سرورا.

قال ابن ذي يزن : هذا حينه الذي يولد فيه ، أو قد ولد ، واسمه محمد : يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه ، ولدناه مرارا ، والله باعثه جهارا ، إذ (٣) جاعل له منا أنصارا ، يعزّ بهم أولياءه ، ويذل بهم (٤) أعداءه ، يضرب بهم الناس عن عرض ، ويستفتح بهم كرائم الأرض ، يكسر الأوثان ، ويخمد النيران ، ويعبد الرّحمن ويزجر (٥) الشيطان.

قوله فصل ، وحكمة ، وعدل ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله.

قال عبد المطلب : أيها الملك عز جدّك ، وعلا كعبك (٦) ، ودام ملكك ، وطال عمرك (٧) ، فهل الملك سارّني بإفصاح ، وقد وضح لي بعض الإيضاح؟

فقال ابن ذي يزن : والبيت ذو الحجب ، والعلامات على النقب (٨) ، إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب.

فخرّ عبد المطلب ساجدا. فقال : ارفع رأسك ثلج صدرك ، وعلا أمرك (٩) ، فهل أحسنت شيئا مما ذكرت لك؟

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي خع والبيهقي والمختصر : الزعامة.

(٢) في البيهقي : سراره.

(٣) في البيهقي : «وجاعل».

(٤) عن البيهقي والمختصر ، وبالأصل وخع : لهم.

(٥) في البيهقي والمختصر : ويدحر.

(٦) عن البيهقي والمختصر ، وبالأصل «كنفك» وفي خع : «كفنك».

(٧) قوله «وطال عمرك» لم يرد في البيهقي والمختصر.

(٨) في المختصر : النصب.

(٩) في البيهقي والمختصر : كعبك.

٤٤٣

قال : أيها الملك ، كان لي ابن ، كنت به معجبا ، وعليه رفيقا ، وزوّجته كريمة من كرائم قومه آمنة بنت وهب ، فجاءت بغلام سميته محمدا فمات أبوه وأمه ، فكفلته أنا وعمه.

قال ابن ذي يزن : إن الذي قلت لك كما قلت ، فاحتفظ بابنك ، واحذر عليه اليهود ، فإنهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا ، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك ، فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرئاسة فيطلبون (١) له الغوائل وينصبون له الحبائل ، وهم فاعلون [ذلك أو أبناؤهم غير شك](٢) ولو لا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصيّر يثرب دار ملكي ، فإني أجد [في](٣) الكتاب الناطق ، والعلم السابق : أن [يثرب](٤) استحكام (٥) أمره ، وأهل نصرته ، وبموضع قبره ، ولو لا أني أقيه الآفات ، وأحذر عليه العاهات ، لأعلنت على حداثة سنه أمره ، ولأوطأت أسنان العرب عقبه ، ولكني صارف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك.

ثم أمر لكلّ رجل منهم بعشرة أعبد ، وعشرة إماء ، ومائة من الإبل ، وحلّتين من البرود ، وبخمسة أرطال ذهب ، وعشرة أرطال فضة ، وكرش مملوء عنبرا وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك ، وقال : إذا جاءك الحول فأتني [بخبره ، وما يكون من أمره](٦).

فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول. فكان عبد المطلب كثيرا مما يقول : لا يغبطني (٧) رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه إلى نفاذ لكنه ليغبطني (٨) بما يبقى لي

__________________

(١) في البيهقي : ويبغون.

(٢) ما بين معكوفتين بياض بالأصل وخع ، واستدركت العبارة عن البيهقي ٢ / ١٣.

(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن البيهقي.

(٤) بياض بالأصل وخع ، والمستدرك عن البيهقي ، وفي المختصر «بيثرب».

(٥) بالأصل وخع : استخدام والمثبت عن البيهقي والمختصر.

(٦) زيادة عن البيهقي والمختصر.

(٧) بالأصل وخع : «يعطيني» والمثبت عن البيهقي والمختصر.

(٨) بالأصل وخع : «ليعطيني» والمثبت عن البيهقي والمختصر.

٤٤٤

ولعقبي (١) من بعدي ذكره وفخره وشرفه ، فإذا قيل له ومتى ذلك؟ قال : سيعلم ولو بعد حين.

وفي ذلك يقول أمية بن عبد شمس :

جلبنا النصح نحقبه المطايا

على ألوان أجمال ونوق (٢)

معلقة (٣) مراتعها تعالى

إلى صنعاء من فجّ عميق

يؤم بنا ابن ذي يزن ويفري

ذوات بطونها ذمّ الطريق

وترعى من مخالبه (٤) عروقا

مواصلة الوميض (٥) إلى بروق

فلما واقعت صنعاء حلّت

بدار الملك والحسب العتيق

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنبأنا أبو بكر البيهقي (٦) ، أنبأنا أبو سهل محمد بن نصرويه (٧) بن أحمد المروزي بنيسابور ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن صالح المعافري ، أنبأنا أبو يزن (٨) الحميري (٩) ، إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن عفير (١٠) بن زرعة بن سيف بن ذي يزن قال : حدثني عمي أحمد بن حنيس (١١) بن عبد العزيز ، حدثني أبي ، حدثني أبي عبد العزيز ، حدثني أبي عفير ، حدثني أبي زرعة بن سيف بن ذي يزن قال :

لما ظهر سيف (١٢) بن ذي يزن على الحبشة وذلك بعد مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسنتين

__________________

(١) بالأصل وخع : وتعقبني.

(٢) عن خع وبالأصل : «أحمال وموق».

(٣) في اللسان (غلل) : مغلغلة.

(٤) الأصل وخع ، وفي المطبوعة السيرة ١ / ٣٦٠ : مخايله بروقا.

(٥) بالأصل وخع : «الرميض» والمثبت عن المطبوعة.

(٦) دلائل البيهقي ٢ / ٩ وما بعدها.

(٧) في المطبوعة : «نضرويه» والمثبت يوافق عبارة البيهقي.

(٨) بالأصل «مرن» وفي خع «مروان» والمثبت عن البيهقي.

(٩) بعدها بالأصل وخع «أنبأنا» وهو خطأ والمثبت عن البيهقي.

(١٠) بعدها في البيهقي : عن عبد العزيز بن عفير ...

(١١) في البيهقي وخع : «حبيش».

(١٢) بالأصل وخع : ابن سيف.

٤٤٥

أتوه (١) وفود العرب ، وأشرافها وشعراؤها ، لتهنئه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه وأتاه وفد قريش منهم : عبد المطلب بن هاشم ، وأمية بن عبد شمس ، وعبد الله بن جدعان ، وأسد بن عبد العزّى ، ووهب بن عبد مناف ، وقصيّ بن عبد الدار. فدخل عليه آذنه وهو في رأس قصر يقال له غمدان (٢) وهو الذي يقول فيه أمية بن أبي الصلت الثقفي :

اشرب هنيا (٣) عليك التاج مرتفقا (٤)

في رأس غمدان (٢) دار منك محلالا

واشرب هنيا (٣) فقد شالت (٥) نعامتهم

وأسبل اليوم في برديك إسبالا (٦)

تلك المكارم لا قعبان من لبن

شيبا بماء فعادا ـ بعد ـ أبوالا (٧)(٨)

قال : والملك متضمخ بالعبير (٩) يلصف (١٠) وبيص المسك في مفرق رأسه ، وعليه بردان أخضران مرتديا بأحدهما متّزرا بالآخر ، سيفه بين يديه ، وعن يمينه وشماله الملوك والمقاول (١١) فأخبر بمكانهم فأذن لهم ، فدخلوا عليه ودنا منه عبد المطلب فاستأذنه في الكلام فقال : إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنّا لك.

__________________

(١) كذا بالأصل والبيهقي ، وفي دلائل أبي نعيم : أتته.

(٢) بالأصل وخع «عمدان» والصواب عن البيهقي.

(٣) في ابن هشام : هنيئا.

(٤) بالأصل وخع : «من يقفا» والمثبت عن البيهقي ، وقد سبقت الرواية.

(٥) في البيهقي وابن هشام وخع «شالت» وبالأصل «شاكت».

شالت نعامتهم أي أهلكوا ، والنعامة ؛ باطن القدم ، يقال : شالت نعامة الرجل إذا مات. وشالت : ارتفعت ، فالذي يهلك ترتفع رجلاه وينتكس رأسه ، فتظهر نعامة قدمه.

(٦) الإسبال : إرخاء الثوب ، وهو فعل المختال المعجب بنفسه.

(٧) القعبان تثنية قعب ، وهو قدح يحلب فيه. وشيبا : خلطا ومزجا.

(٨) قال ابن هشام السيرة ١ / ٦٨ ـ ٦٩ بعد ذكره الأبيات : «هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منها إلّا آخرها بيتا قوله : تلك المكارم ... فإنه للنابغة الجعدي واسمه حبان بن عبد الله بن قيس ، أحد بني جعدة».

ومن جعله للنابغة فقد رواه في قصيدته يهجو بها رجلا من قشير يقال له (ابن الحيا) ومطلعها :

أما ترى ظلل الأيام قد حسرت

عني وشمرت ذيالا كان ذيالا

انظر الأغاني ط دار الكتب ٥ / ١٣ ـ ١٥.

(٩) بالأصل وخع : «متضخم العنبر» والمثبت عن الدلائل.

(١٠) عن البيهقي ، وبالأصل وخع : يلصك يلوح.

(١١) المقاول جمع مقول ، المقول ويقال القيل : الملك من ملوك حمير (اللسان : قول).

٤٤٦

فقال : إن الله عزوجل أحلّك أيها الملك محلا رفيعا شامخا باذخا منيعا وأنبتك نباتا حسنا (١) طابت أرومته وعظمته جرثومته. وثبت أصله وبسق فرعه ، في أطيب موضع ، وأكرم معدن ، وأنت ـ أبيت اللعن ـ ملك العرب الذي له تنقاد ، وعمودها الذي عليه العماد ، ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد ، سلفك خير سلف ، وأنت لنا منهم خير خلف ، فلن يهلك ذكر من أنت خلفه ، ولن تخمد (٢) ذكر من أنت سلفه. نحن أهل حرم الله تعالى ، وسدنة بيته ، أشخصنا إليك الذي ابتهجنا (٣) من كشفك الكرب الذي فدحنا.

نحن وفد التهنئة لا وفد التعزية (٤).

قال الملك : من أنت أيها المتكلم؟ قال : أنا عبد المطلب بن هاشم ، قال : ابن أختنا؟ قال : نعم ، قال : ادنه ، ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال : مرحبا وأهلا ، فأرسلها (٥) مثلا ، وكان أول من تكلم بها ـ وناقة ورحلا (٦) ، ومستناخا سهلا ، وملكا ربحلا (٧) ، يعطي عطاء جزلا ، قد سمع الملك مقالتكم ، وعرف قرابتكم ، وقبل وسيلتكم ، فإنكم أهل الليل والنهار ، ولكم الكرامة ما أقمتم ، والحباء (٨) إذا ظعنتم.

ثم أنهضوا إلى دار الضيافة والوفود ، وأجري عليهم الأنزال وأقاموا بذلك شهرا لا يصلون إليه ، ولا يؤذن لهم في الانصراف ، ثم انتبه لهم انتباهة ، فأرسل إلى عبد المطلب فأدناه ثم قال له : يا عبد المطلب إني مفض إليك من سرّ علمي أمرا لو غيرك يكون لم أبح له به ، ولكن رأيتك معدنه فأطلعتك طلعه ، فليكن عندك مخبيا حتى يأذن الله تعالى فيه إني أجد في الكتاب المكنون ، والعلم المخزون الذي ادّخرناه لأنفسنا ، واحتجبناه من دون غيرنا (٩) خبرا عظيما ، وخطرا جسيما ، فيه شرف الحياة ، وفضيلة العلم (١٠)

__________________

(١) سقطت من البيهقي.

(٢) كذا بالأصل ، وفي خع والبيهقي : يخمل.

(٣) في البيهقي : أبهجنا.

(٤) في البيهقي : المرزئة.

(٥) بالأصل وخع : «فإن مثلها» والمثبت عن البيهقي.

(٦) بالأصل : «دوحلا» والمثبت عن خع والبيهقي.

(٧) بالأصل : ربحا» والمثبت عن البيهقي ، وفي خع : «ونجلا».

(٨) بالأصل «والحب» والمثبت «والحباء» عن خع والبيهقي.

(٩) «دون غيرنا» أثبتت عن البيهقي ، واللفظتان غير مقروءتين بالأصل وخع.

(١٠) كذا بالأصل وخع ، وسقطت اللفظة من البيهقي والمختصر.

٤٤٧

والوفاة ، للناس عامة ، ولرهطك كافة ، ولك خاصة.

فقال له عبد المطلب : مثلك أيها الملك من سرّ وبرّ فما هو فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر؟

قال : إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم [به](١) الزعامة ، إلى يوم القيامة.

قال عبد المطلب : أيها الملك لقد (٢) أبت بخير ما أب بمثله وفد قوم ، ولو لا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه ، لسألته من سارّه (٣) إياي ما (٤) زادني إلّا سرورا شديدا.

قال له الملك هذا حينة الذي يولد فيه ، أو قد ولد (٥) ، اسمه محمد (٦) : يموت أبوه وأمه ويكفله جدّه وعمّه ، قد ولدناه مرارا ، والله باعثه جهارا ، وجاعل له منا أنصارا ، يعزّ بهم أولياءه ، ويذل بهم أعداءه ، ويضرب بهم الناس عن عرض ، ويستبيح (٧) بهم كرائم الأرض (٨). يعبد الرّحمن ويدحض (٩) الشيطان ، ويخمد النيران ، ويكسر الأوثان. قوله فصل وحكمه عدل ، ويأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويتركه (١٠).

قال له عبد المطلب : عزّ جدّك ، ودام ملكك ، وعلا كعبك ، فهل الملك سارّني بإفصاح ، فقد وضح لي بعض الإيضاح.

قال له سيف بن ذي يزن : والبيت ذي الحجب ، والعلامات على النصب (١١) إنك

__________________

(١) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن البيهقي.

(٢) بالأصل : «لم آت بخير ما آت بمثله» والصواب عن خع والبيهقي.

(٣) في البيهقي : «سراره» وبهامشه عن نسخ : سارّه.

(٤) في البيهقي : وما ازداد سرورا.

(٥) بالأصل وخع : «أو قال ولدا» والمثبت عن «أو قد ولد» عن البيهقي.

(٦) بالأصل وخع : «محمدا» والصواب عن البيهقي.

(٧) في البيهقي : «ويستفتح.» وخع والمختصر والمطبوعة كالأصل.

(٨) في البيهقي : «أهل الأرض» وخع والمطبوعة والمختصر كالأصل.

(٩) في البيهقي : ويدحض أو يدحر الشيطان.

(١٠) في البيهقي : ويبطله.

(١١) في البيهقي : النقب.

٤٤٨

لجدّه يا عبد المطلب ، غير كذب.

قال : فخرّ عبد المطلب ساجدا ، فقال له ابن ذي يزن : ارفع رأسك (١) ، ثلج صدرك ، وعلا كعبك فهل أحسست بشيء مما ذكرت لك؟

قال : نعم ، أيها الملك إنه كان لي ابن ، وكنت به معجبا ، وبه رفيقا ، وإني زوّجته كريمة من كرائم قومي : آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فجاءت بغلام فسمّيته محمدا ، مات أبوه وأمه ، وكفلته أنا وعمه.

فقال له ابن ذي يزن : الذي قلت لك كما قلت ، فاحتفظ (٢) على ابنك من اليهود ، فإنهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا ، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك ، فإني لست آمن أن تتداخلهم (٣) النفاسة من أن تكون لكم الرئاسة فينصبون له الحبائل ويبغون له الغوائل ، وهم فاعلون ذلك أو أتباعهم (٤) غير شك ، ولو لا أني أعلم أن (٥) الموت مجتاحي قبل مبعثه لصرت بخيلي ورجلي حتى (٦) أصير إلى يثرب دار ملكي ، فإني أجد في الكتاب الناطق ، والعلم السابق : أن يثرب استحكام أمره ، وأهل نصرته ، وموضع قبره ، ولو لا أني أقيه الآفات ، وأحذر عليه العاهات ، لأعلنت على حداثة سنه أمره ، ولأوطأت على أسنان العرب كعبه ، ولكني سأصرف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك.

ثم دعا بالقوم ، فأمر لكلّ واحد (٧) منهم بعشرة أعبد سود ، وعشرة إماء سود ، وحلّتين من حلل البرود ، وخمسة أرطال ذهب ، وعشرة أرطال فضة ، ومائة من الإبل ، وكرش مملوء (٨) عنبرا. وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال له : إذا جاءك (٩)

__________________

(١) بالأصل «ورفع رأسه» وفي خع «ورفع رأسك» والمثبت عن البيهقي.

(٢) كذا وردت العبارة بالأصل وخع ، وفي البيهقي : فاحفظه ، واحذر عليه من اليهود.

(٣) بالأصل وخع : «أتتداخلهم» والمثبت عن البيهقي.

(٤) في البيهقي : «أو أبناؤهم» وفي المختصر : «أو أبناء عمهم».

(٥) بالأصل وخع : «أنت» والصواب عن البيهقي ٢ / ١٣.

(٦) في البيهقي : حتى أصيّر يثرب دار ملكي.

(٧) في البيهقي : رجل.

(٨) سقطت اللفظة من الأصل وخع واستدركت عن دلائل البيهقي.

(٩) في الدلائل : حال.

٤٤٩

الحول فائتني بخبره ، وما يكون من أمره.

قال : فمات سيف بن ذي يزن قبل أن يحول عليه الحول ، قال : وكان كثيرا ما يقول عبد المطلب : يا معشر قريش ، لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر ، فإنه إلى نفاذ ، ولكن يغبطني ما يبقى لي ولعقبي ذكره وفخره. فإذا قيل : وما هو؟

قال : سيعلم ما يقول ـ أو قال : ستعلم ما أقول ـ ولو بعد حين.

وقال أمية بن عبد شمس في مسيرهم إلى سيف بن ذي يزن أبياتا ذكرها.

قال البيهقي : وقد روي هذا الحديث أيضا عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس (١) ، وهو في «تاريخ اليمن» من طريقه.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد السلمي الفقيه الفرضي ، وأبو الفرج غيث بن علي بن عبد السلام الخطيب ، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر الوكيل قالوا : أنبأنا أبو الحسن (٢) بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد البلوي (٣) ، حدثنا عمارة بن زيد ، حدثنا إسحاق بن بشر ، وسلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني شيخ من الأنصار يقال له عبد الله بن محمود من آل محمد بن مسلمة قال :

بلغني أن رجالا (٤) من خثعم كانوا يقولون إنّ مما دعانا إلى الإسلام أنّا كنا قوما نعبد الأوثان ، فبينا نحن ذات يوم عند وثن لنا ، إذ (٥) أقبل نفر يتقاضون إليه يرجون الفرج من عنده لشيء شجر بينهم ، إذ هتف بهم هاتف من الصنم فجعل يقول :

يا أيها الناس ذوي الأجسام

من بين أشياخ إلى غلام

ما أنتم وطائش الأحكام

ومسند الحكم إلى الأصنام

__________________

(١) انظر دلائل النبوة لأبي نعيم ص ٥٢ وما بعدها ، والبداية والنهاية ٢ / ٣٣٠ وما بعدها.

(٢) بالأصل وخع : الحسين ، والصواب ما أثبت عن سند مماثل ، وقد مرّ كثيرا.

(٣) بالأصل وخع ـ هنا ـ أنبأنا أبو محمد عبد الله الجلوي» تحريف والصواب ما أثبت وسيرد صوابا في الحديث التالي وانظر البداية والنهاية لابن كثير من تحقيقنا ٢ / ٤١٨ وسيرة ابن كثير ١ / ٣٦٠.

(٤) بالأصل وخع : «رجلا» والصواب عن ابن كثير.

(٥) عن خع وابن كثير : البداية والنهاية والسيرة وبالأصل «إذا».

٤٥٠

أكلكم في حيرة النيام (١)

أم لا ترون ما (٢) أرى أمام

من ساطع يجلو دجى الظلام

قد لاح للناظر من تهام

ذاك نبيّ سيد الأنام

قد جاء بعد الكفر بالإسلام

أكرمه الرّحمن من إمام

ومن رسول صادق الكلام

أعدل ذي حكم من الأحكام (٣)

يأمر بالصّلاة والصيام

والبر والصّلاة للأرحام

ويزجر الناس عن الآثام

والرجس والأوثان والحرام

من هاشم في ذروة السنام

مستعلنا في البلد الحرام

أزكى الصلاة عليه والسلام (٤)

قال : فلما سمعنا ذلك تفرقنا عنه ، وأتينا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلمنا (٥).

أخبرنا أبو الحسن الفرضي وأبو الفرج الخطيب وأبو محمد الوكيل قالوا : أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر.

قال : وأنبأنا الخرائطي ، أنبأنا عبد الله بن محمد البلوي بمصر ، حدثنا عمارة بن زيد ، حدثنا عيسى بن يزيد ، عن صالح بن كيسان ، عن من حدثه ، عن مرداس بن قيس الدّوسي (٦) قال : حضرت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد ذكرت عنده الكهانة وما كان من تغييرها (٧) عند مخرجه ـ فقلت : يا رسول الله قد كان عندنا من ذلك شيء ، أخبرك أن

__________________

(١) في ابن كثير : البداية والسيرة : حيرة نيام.

(٢) في ابن كثير : البداية والسيرة : ما الذي ما أمامي.

(٣) كذا بالأصل والبداية وخع وسيرة ابن كثير ، وفي الاكتفاء :

أعدل في الحكم من الحكام

(٤) الشطر الأخير سقط من البداية والنهاية والسيرة لابن كثير ، ومطبوعة ابن عساكر السيرة ١ / ٣٦٤ وروايته في خع :

عليه من ربه الصلاة والسلام

(٥) الخبر نقله أبو نعيم أيضا في الدلائل ص ٣٣ عن رجل من خثعم مختصرا. وبعضه نقله السيوطي في الخصائص الكبرى ١ / ١٧٨.

(٦) كذا بالأصل وخع وخصائص السيوطي ١ / ١٨٥ وفي البداية والنهاية من تحقيقنا ٢ / ٤١٣ وسيرة ابن كثير ١ / ٣٥٣ «السدوسي».

(٧) بالأصل : «بعيرها» والمثبت عن سيرة ابن كثير ، والبداية والنهاية وخصائص السيوطي.

٤٥١

جارية منا يقال لها خلصة (١) لم نعلم عليها إلّا خيرا إذ جاءتنا فقالت : يا معشر قريش (٢) العجب العجب لما أصابني ، هل علمتم إلّا خيرا؟ قلنا : وما ذاك؟ قالت : إني لفي غنمي إذ غشيتني ظلمة ووجدت كحسّ الرجل مع المرأة ، وقد خشيت أن أكون قد حبلت حتى إذا دنت ولادتها وضعت غلاما أغضف (٣) له أذنان كأذني الكلب. فمكث فينا حتى إنه ليلعب مع الغلمان إذ وثب وثبة (٤) وألقى إزاره وصاح بأعلا صوته وجعل يقول : يا ويلة يا ويلة ، يا عولة يا عولة ، يا غنم ، يا ويل غنم ، يا ويل فهم ، من قابس النار (٥) الخيل والله وراء العقبة. فيهن فتيان حسان نجبة. قال : فركبنا فأخذنا الأداة (٦) وقلنا : يا ويلك ما ترى؟ قال : هل من جارية طامث؟ قلنا : من لنا بها؟ فقال شيخ : ما هي والله عندي عفيفة الأم ، فقلنا : فعجّلها ، فأتى بالجارية وطلع الجبل وقال للجارية : اطرحي ثوبك ، واخرجي في وجوههم ، وقال للقوم : اتبعوا أثرها ، ثم صاح ، وقال : العقبة وصاح برجل منا يقال له أحمر بن حابس (٧) فقال : يا أحمر بن حابس عليك أول فارس ، فحمل أحمر ، فطعن أول فارس ، فصرعه ، وانهزموا وغنمناهم. قالوا : فابتنينا عليه بيتا وسميناه ذا الخلصة ، وكان لا يقول لنا شيئا إلّا كان كما يقول. حتى إذا كان مبعثك يا رسول الله ، قال لنا يوما : يا معشر دوس نزلت بنو الحارث بن كعب فاركبوا ، فركبنا ، فقال لنا : أكدسوا (٨) الخيل كدسا ، واخشوا القوم رميتنا (٩) ، القوهم غدية ، واشربوا الخمر عشية. قال : فلقيناهم فهزمونا وفضحونا فرجعنا إليه ، فقلنا : ما بالك (١٠) وما الذي صنعت بنا؟ فنظرنا (١١) إليه وقد احمرّت عيناه ، وابيضّت (١٢) أذناه ، واضرم (١٣) غيضا

__________________

(١) في ابن كثير : البداية والنهاية ، والسيرة : الخلصة.

(٢) كذا بالأصل وخع ، وفي المصادر السابقة : دوس.

(٣) الأغضف : المتثني والمسترخي الأذنين.

(٤) سقطت اللفظة من الأصل وخع واستدركت عن ابن كثير : البداية والسيرة.

(٥) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه وبجانبها كلمة صح.

(٦) كذا بالأصل وخع ، وفي ابن كثير : البداية والسيرة : «للأداة» وهي المناسبة.

(٧) في الأصل : «خانس» والمثبت عن ابن كثير ، وفي كتابيه : أحمد بن حابس.

(٨) بالأصل : «كدسوا» وفي خع : «كرشوا» والمثبت عن ابن كثير : السيرة والبداية والنهاية.

(٩) في ابن كثير : البداية والسيرة : واحشوا القوم رمسا.

(١٠) الأصل وخع وفي ابن كثير : سيرة وبداية ونهاية : ما حالك.

(١١) بالأصل «فنظر» عن خع.

(١٢) في ابن كثير : السيرة والبداية : وانتصبت.

(١٣) في ابن كثير : وانبرم.

٤٥٢

حتى كاد (١) أن ينفطر وأقمنا فقام فركبنا واغتفرنا هذه له ، ومكثنا بعد ذلك حينا ثم دعانا ، فقال : هل لكم في غزوة تهب لكم عزّا وتجعل لكم حرزا يكون في أيديكم كنزا.

قلنا : ما أحوجنا إلى ذلك. فقال : فاركبوا ، فركبنا وقلنا : ما تقول؟ قال : بنو الحارث بنو مسلمة ثم قال : قفوا ، فوقفنا ، ثم قال : عليكم بفهم ، ثم قال : ليس لكم فيهم دم ، عليكم بمضر : هم أرباب خيل ونعم ، ثم قال : لا ، رهط دريد بن الصّمّة قليل العدد وفيّ الذمة ، ثم قال : لا ، ولكن عليكم بكعب بن ربيعة. واشكروها (٢) صنيعة عامر بن صعصعة فليكن بهم الوقيعة. قال : فلقيناهم فهزمونا وفضحونا. فرجعنا ، وقلنا : ويلك ما ذا تصنع بنا؟ قال : ما أدري ، كذبني الذي كان يصدقني. اسجنوني في بيتي ثلاثا ثم ائتوني ففعلنا به ذلك ، ثم أتيناه بعد ثالثة ففتحنا عنه ، فإذا هو كأنه جمرة (٣) نار. فقال : يا معشر دوس حرست السماء وخرج خير الأنبياء قلنا : أين؟ قال : بمكة ، وأنا ميت فادفنوني في رأس جبل ، فإني سوف اضطرم نارا. وإن تركتموني كنت عليكم عارا ، فإذا رأيتم اضطرامي وتلهّبي فاقذفوني بثلاثة أحجار ثم قولوا مع كل حجر : باسمك اللهم ، فإني اهدأ وأطفأ. قال : وإنه مات واشتعل نارا ، ففعلنا به ما أمر ، وقد فناه بثلاثة أحجار نقول مع كل حجر : باسمك اللهم ، فخمد وطفئ ، وأقمنا حتى قدم علينا الحاجّ فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله.

أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون (٤) ، أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أبو علي الصّوّاف ، أنبأنا محمد (٥) بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة ، أنبأنا المنجاب بن الحارث ، أنبأنا عبد الرحيم بن سليمان ، أنبأنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن قريشا أتوا امرأة كاهنة فقالوا لها : أخبرينا يا

__________________

(١) عن خع والمصادر ، وفي الأصل «كان».

(٢) في ابن كثير : سيرة والبداية والنهاية : واسكنوها ضيعة.

(٣) في ابن كثير : حجرة نار.

(٤) بالأصل وخع : «جيرون» والصواب ما أثبت ، عن سند مماثل ، وقد مرّ كثيرا.

(٥) بالأصل وخع : «أبو محمد بن عثمان أبو محمد بن أبي شيبة» والصواب ما أثبت عن سند مماثل ، انظر سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢١.

٤٥٣

شهنا بصاحب المقام ـ يعنون إبراهيم ـ فقالت : إن أنتم جزرتم (١) كبيشا على هذه السهلة ثم مشيتم عليها (٢) أنبأتكم. قال : فجزروا. ثم مشى الناس عليها فأبصرت أثر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : هذه أقربكم إليه شبها قال : فمكثوا بعد ذلك عشرين سنة أو ما شاء الله ثم بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال : وأنبأنا المنجاب بن الحارث ، أنبأنا أبو العامر الأسدي ، عن ابن خرّبوذ (٣) المكي ، عن رجل من خثعم قال (٤) : كانت العرب لا تحرّم حلالا ولا تحلل (٥) حراما ، وكانوا يعبدون الأوثان ويتحاكمون إليها قال : فبينا نحن ذات ليلة عند وثن لنا جلوس وقد تقاضينا إليه في شيء وقع بيننا أن يفرق بيننا إذ هتف هاتف يقول :

يا أيها الناس ذوو (٦) الأجسام

ما أنتم وطائش الأحكام (٧)

ومسند الحكم إلى الحكام (٨)

هذا نبيّ سيّد الأنام

أعدل ذي حكم من الأحكام

يصدع بالنور وبالإسلام

ويزجر (٩) الناس عن الآثام

مستعلن في البلد الحرام

قال : ففرعنا وتفرّقنا من عنده وصار ذلك الشعر حديثا ، حتى بلغنا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج بمكة ، ثم قدم المدينة فجئت فأسلمت.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد بن عثمان النيسابوري ، أنبأنا أبو بكر محمد بن المؤمّل ، أنبأنا

__________________

(١) كذا بالأصل وخع ، وفي المختصر : «جزرتم كبشا» وفي مطبوعة ابن عساكر السيرة ١ / ٣٦٦ «حررتم كثيبا».

(٢) سقطت اللفظة من الأصل واستدركت عن خع والمختصر.

(٣) عن الخصائص الكبرى ١ / ١٧٨.

(٤) الخبر في الخصائص الكبرى للسيوطي ١ / ١٧٨.

(٥) في الخصائص : لا تحلّ.

(٦) عن الخصائص الكبرى وبالأصل وخع : ذو.

(٧) في الخصائص : الأحلام.

(٨) في الخصائص :

ومسند والحكم إلى الأصنام

(٩) في الخصائص : «ويردع» وفي المطبوعة : ويزع.

٤٥٤

جعفر بن محمد بن سوار ، أخبرنا أحمد (١) بن يعقوب الأنطاكي عن عبد الله بن محمد البلوي ، أنبأنا البراء بن سعيد بن سماعة بن محمد بن عبد الله بن البراء بن مالك الأنصاري ، عن أبيه أن قدامة بن عقيل الغطفاني أخبره عن جمعة ـ أو (٢) قال : جميعة ـ بنت زائل بن طفيل بن عمرو بن عمرو عن أبيها نائل بن طفيل بن عمرو الدوسي : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قعد في مسجده منصرفه من الأباطل ، فقدم عليه خفاف بن نضلة بن عمر بن بهدلة الثقفي فأنشد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

كم قد تحطّمت القلوص في الدجى

في (٣) مهمة قفر من الفلوات

قلّ من التوديس (٤) ليس بقاعه

نبت من الإسنات والأزمات

إنّي أتاني في المنام مساعد

من جنّ وجرة (٥) كان لي وموات

يدعو إليكم لياليا ولياليا

ثم (٦) احزألّ ، وقال : لست بآت

فركبت ناجية أضرّ بنيّها (٧)

جمر (٨) تحثّ به على الأكمات

حتى وردت إلى المدينة جاهدا

كيما ليال فتفرج اللذات (٩)

قال : فاستحسنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : «إن من البيان لسحرا (١٠) ، وإن من الشعر كالحكم» [٧٧٢].

أنبأنا أبو القاسم بن بيان الرزاز ، حدثنا أبو الفضل بن خيرون (١١) ، قالا : أنبأنا

__________________

(١) بالأصل «أبو أحمد» والصواب عن خع.

(٢) بالأصل وخع : «وقال» ولعل الصواب ما أثبت.

(٣) الزيادة عن المطبوعة لاستقامة الوزن.

(٤) تودست الأرض تغطت بالنبات وكثر نباتها ، والوادس من النبات : ما قد غطى وجه الأرض (اللسان : ود س).

(٥) بالأصل : «من جز وجزه» والصواب عن خع.

(٦) بالأصل وخع : «ثم قال احزأل» والمثبت يوافق عبارة المطبوعة السيرة ١ / ٣٧٨.

وقوله : احزأل يعني ارتفع واجتمع وانضم بعضه إلى بعض (اللسان : حزل).

(٧) الني : الشحم ، يقال : نوت الناقة إذا سمنت (اللسان : نوى).

(٨) عن الإصابة ترجمة خفاف / وبالأصل وخع : جمرة.

(٩) عجزه في مطبوعة ابن عساكر السيرة ١ / ٣٦٨ والإصابة ١ / ٤٥٣ :

كيما أراك فتفرج الكربات

(١٠) بياض بالأصل وخع واستدركت اللفظة عن الإصابة ١ / ٤٥٣.

(١١) بالأصل وخع : «أبو البركات الفضل بن جيرون» والصواب ما أثبت عن سند مماثل ، وقد مرّ كثيرا. وبعده بالأصل وخع : أنبأنا أبو القاسم السمرقندي ، والعبارة مقحمة حذفناها قياسا لأسانيد مماثلة أيضا.

٤٥٥

أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن الصّوّاف ، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، أنبأنا عبد الله بن براد أبو عامر الأشعري ، أنبأنا عبد الله بن إدريس ، عن حريش بن أبي حريش ، عن طلحة قال : وجد في البيت كتاب في حجر ، منقور في الهدمة الأولى ، فدعي رجل فقرأه فإذا فيه : عبدي المنتخب المتمكن المنيب المختار ، مولده بمكة ، ومهاجره طيبة ، لا يذهب حتى يقيم (١) السنة العوجاء ، ويشهد أن لا إله إلّا الله ، أمته الحمادون (٢) يحمدون الله تبارك وتعالى بكل أكمة ، يأتزرون على أوساطهم ويطهّرون أطرافهم.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه ، وأبو الفرج غيث بن علي بن عبد السلام ، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة قالوا : أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان ، أنبأنا محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي (٣) ، أنبأنا عبد الله بن أبي سعد (٤) ، أنبأنا حازم بن عقال (٥) بن حبيب بن المنذر بن [أبي](٦) الحصين بن السموأل بن عاديا قال : حدثنا جامع بن (٧) حيران بن جميع بن عثمان بن سماك (٨) بن أبي الحصين بن السموأل بن عاديا قال : لما حضرت الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر الوفاة اجتمع إليه قومه من غسّان فقالوا : إنه قد حضر من أمر الله تعالى ما ترى ، وقد كنا نأمرك بالتزويج في شبابك فتأبى ، وهذا أخوك الخزرج له خمسة (٩) بنين وليس لك ولد غير مالك ، قال : لن يهلك هالك ترك مثل مالك ، إن الذي يخرج النار من الوثيمة (١٠) قادر أن يجعل لمالك نسلا ورجالا بسلا ، وكلّ إلى الموت (١١) ثم أقبل على مالك فقال :

__________________

(١) بالأصل وخع : «يقوم» والمثبت عن مختصر ابن منظور ٢ / ٦٣.

(٢) عن المختصر ، وبالأصل وخع : الحامدون.

(٣) الخبر في البداية والنهاية ـ من تحقيقنا ـ ٢ / ٤٠٤ ـ ٤٠٥ وسيرة ابن كثير ١ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠.

(٤) بالأصل وخع «جعفر» والمثبت عن المصدرين السابقين.

(٥) في البداية والنهاية وسيرة ابن كثير : عقال بن الزهر بن حبيب.

(٦) عن خع والمصادر ، وسقطت من الأصل.

(٧) كذا بالأصل وخع ، وفي البداية والنهاية وسيرة ابن كثير : «جابر بن جدان».

(٨) بالأصل وخع : «شمال» والمثبت عن كتابي ابن كثير المتقدمين.

(٩) بالأصل وخع : خمس.

(١٠) الوثيمة : الحجارة.

(١١) بالأصل وخع : «إلى موت» والمثبت عن كتابي ابن كثير.

٤٥٦

أي بني المنية ولا الدنية ، والعقاب ولا العتاب ، التجلد ولا التلدد ، القبر خير من الفقر ، إنه من قلّ ذلّ ، ومن كرم الكريم الدفع [عن الحريم](١) والدهر يومان : فيوم لك ويوم عليك ، فإذا كان لك فلا تبطر ، وإذا كان عليك فاصطبر ، وكلاهما سينحسر ، ليس ينفلت منهما (٢) فيها الملك المتوّج ولا اللئيم المعلهج (٣) ، سلم ليومك حيال ربك ، ثم أنشأ يقول :

شهدت السبايا يوم آل محرّق

وأدرك عمري (٤) صيحة الله في الحجر

فلم أر ذا ملك من الناس واحدا

ولا سوقة إلّا إلى الموت والقبر

فعلّ الذي أردى ثمودا وجرهما

سيعقب ربي نسلا آخر الدهر (٥)

تقرّبهم من آل عمرو بن عامر

عيون لذي (٦) الداعي إلى طلب الوتر

فإن تكن الأيام أبلين جسدي (٧)

وشيبن رأسي والمشيب مع العمر

فإن لنا ربّا علا فوق عرشه

عليما بما يأتي من الخير والشرّ

ألم يأت قومي أن لله دعوة

يفوز بها أهل السّعادة والبر

إذا بعث المبعوث من آل غالب

بمكة فيما بين زمزم (٨) والحجر

هناك فابغوا نصره ببلادكم

بني عامر إنّ السعادة في النصر

[قال :] ثم قضى من ساعته.

__________________

(١) بياض بالأصل وخع ، وما بين معكوفتين استدرك عن كتابي ابن كثير ومختصر ابن منظور ٢ / ٦٤.

(٢) بالأصل وخع : «ينقلب فيها» والمثبت عن مختصر ابن منظور وفيه «منها» وفي كتابي ابن كثير : «ليس يثبت منهما» وفي المطبوعة : «يتفلت منهما».

(٣) بالأصل وخع : «المعلج» والمثبت عن مختصر ابن منظور وكتابي ابن كثير. وفي المطبوعة : العلج.

والمعلهج : اللئيم ، وقيل : الرجل الأحمق الهذر اللئيم (اللسان).

(٤) في كتابي ابن كثير : أمري.

(٥) في البداية والنهاية وسيرة ابن كثير :

سيعقب لي نسلا على آخر الدهر

(٦) في ابن كثير : البداية والسيرة : لدى الداعي.

(٧) صدره في ابن كثير :

فإن لم تك الأيام أبلين جدّتي

(٨) في كتابي ابن كثير : مكة.

٤٥٧

باب

تطهير قلبه من الغل وإنقاء (١) جوفه بالشّقّ والغسل

أخبرنا أبو بكر وجيه (٢) بن طاهر الشّحّامي ، [أنبأنا أحمد بن الحسن بن محمّد](٣) أنبأنا الحسن بن أحمد بن محمد المخلدي (٤) ، أنبأنا أبو العباس السراج أنبأنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، أنبأنا عثمان بن عمر ، أنبأنا حمّاد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك : أن جبريل أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يلعب مع الصبيان فصرعه فشق بطنه ثم استخرج قلبه فشقه فاستخرج منه علقة ، قال : هذا حظ الشيطان منه ، ثم غسله في طشت من ذهب بماء زمزم ثم أعاده مكانه ولأمه. ثم خاطه ، فقال أنس : فكنت أرى أثر المخيط على بطنه.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي وأبو المظفّر القشيري وأبو القاسم الشّحّامي ، قالوا : أخبرنا أبو سعد الجنزرودي ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان.

وأخبرتنا أم المجتبا فاطمة بنت ناصر قالت : أنبأنا إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، قالوا : أنبأنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي.

أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر القارئ ، أنبأنا عمر بن أحمد بن عمر؟؟؟ ، وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنبأنا أبو سعد الجنزرودي ، قالا :

__________________

(١) بالأصل وخع : وانقاح» والمثبت عن مطبوعة ابن عساكر السيرة ١ / ٣٧٠.

(٢) في خع : «دحية» تحريف.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدرك عن المطبوعة. وإسناد مماثل وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٥٢ وفيها : سمع من أبي محمد المخلدي ... حدث عنه زاهر ووجيه ابنا طاهر.

(٤) بالأصل وخع : «الخلدي» والصواب ما أثبت انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٠.

٤٥٨

أنبأنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسماعيل (١) بن إسحاق بن خزيمة ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي ، قال : أنبأنا شيبان (٢) بن فروخ ، أنبأنا حمّاد يعني ابن سلمة ، أنبأنا ثابت بن سنان عن أنس : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الصبيان ، فأخذه فصرعه ، فشق قلبه ـ قال الماسرجسي : عن قلبه ـ فاستخرج منه علقة قال : هذا حظ الشيطان منك ـ وفي حديث الماسرجسي : فاستخرج القلب منه فاستخرج (٣) علقة قال : هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب من ماء زمزم ، ثم لأمه ثم أعاده (٤) في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ـ يعني ظئره ـ فقالوا : إن محمدا قد قتل ، فاستقبلوه وهو منتقع اللون.

أخبرنا أبو الربيع ، أبو ياسر سليمان بن عبد الله بن سليمان بن الفرج ، وأبو بكر محمد بن الحسين المزرفي (٥) ، قالوا : أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور.

أخبرنا أبو بكر الفرضي ، أنبأنا أبو يعلي الفرّاء ، وأنبأنا أبو الحسين بن النّقّور في جماعة قالوا : أنبأنا الفقيه بن حبابة ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، أنبأنا عبيد الله بن محمد بن حفص العيشي ، أنبأنا حمّاد ، عن ثابت ، عن أنس : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتاه جبريل صلوات الله وسلامه عليه وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه وشقّ عن قلبه ، فاستخرج القلب. فشقّ القلب ، فاستخرج منه علقة فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طشت من ذهب من (٦) ماء زمزم ، ثم لأمه فأعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ـ قال العيشي : يعني ظئره (٧) ـ قالوا : إن محمدا قد قتل ، فاستقبلوه فرأوه منتقع اللون.

قال أنس : فقد كنت أرى أثر المخيط في صدره عليه الصّلاة والسّلام.

أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنبأنا محمد بن أحمد بن حسنون ، أنبأنا موسى بن

__________________

(١) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٩٠.

(٢) عن سير أعلام النبلاء ١١ / ١٠١ وبالأصل وخع : سنان.

(٣) سقطت من الأصل وخع ، واستدركت عن المطبوعة السيرة قسم ١ / ٣٧١.

(٤) بالأصل وخع : «عاده» والصواب ما أثبت.

(٥) بالأصل وخع «المرزوقي» خطأ والصواب ما أثبت قياسا لسند مماثل ، وانظر الأنساب (المزرفي).

(٦) كذا بالأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور ٢ / ٨٣ «بماء» بدل «من ماء».

(٧) بالأصل وخع : «الطيرة» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

٤٥٩

عيسى بن عبد الله السراج ، أنبأنا أبو عبد الله بن أبي داود ، أنبأنا أبو الربيع سليمان بن داود ، أنبأنا ابن وهب ، وأخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد (١) الأصبهاني ، أنبأنا أبو طاهر بن محمود ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا [ابن] قتيبة ، أنبأنا حرملة ، أنبأنا ابن وهب.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أحمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن علي بن عبد الله بن مهدي الأنباري ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني ، أنبأنا يونس بن عبد الأعلى (٢) ، أنبأنا ابن وهب ، أنبأنا عمرو ـ زاد ابن البنا وابن السمرقندي : ابن (٣) الحارث ـ أن (٤) عبد ربه بن سعيد حدثه أن البناني حدّثه عن أنس بن مالك (٥) : أن الصّلاة فرضت بمكة ، وأن ملكين أتيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذهبا به إلى زمزم فشقّا بطنه ، فأخرجا حشوته في طشت من ذهب ، فغسلاه بماء زمزم ثم كبسا (٦) جوفه حكمة وعلما.

في حديث أبي الربيع عن أنس بن مالك : إن الصّلاة فرضت ، وفيه : ثم حشا جوفه.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا عبد الله بن الحسن (٧) بن محمد بن الخلّال ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله وأبو محمد بن أبي عثمان قالا : أنبأنا أبو علي الحسن بن القاسم بن الحسن بن العلاء الخلّال ، أنبأنا أبو بكر [أحمد](٨) بن عبد الله بن محمّد صاحب أبي (٩) صخرة قال : قال علي بن مسلم الطوسي ، أنبأنا أبو

__________________

(١) بالأصل وخع : «أحمد» والصواب ما أثبت عن سند مماثل.

(٢) بعدها بالأصل وخع : «أنبأنا أبو طاهر» حذفناها ، فابن وهب من الذين يروي عنهم يونس بن عبد الأعلى ، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ، وهو يروي عن عمرو بن الحارث.

(٣) بالأصل وخع : «إن» خطأ ، والصواب «ابن» انظر الحاشية السابقة.

(٤) عن خع ، وبالأصل «ابن» خطأ.

(٥) الحديث في البداية والنهاية ٢ / ٣٣٧ من تحقيقنا ، وسيرة ابن كثير ١ / ٢٣٣.

(٦) الأصل وخع ومختصر ابن منظور ٢ / ٨٣ وفي البداية والنهاية وسيرة ابن كثير : لبّسا.

(٧) في خع : «الحسن» خطأ والصواب ما أثبت ، انظر سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٦٨.

(٨) بالأصل وخع : «أبو بكر بن عبد الله» والزيادة عن تاريخ بغداد ٧ / ٤٠٥.

(٩) بالأصل وخع : «بن صاحب ابن صخرة» والصواب ما أثبت عن تاريخ بغداد ٧ / ٤٠٥.

٤٦٠