والّذي يقع عندي ، أنّ القرن أهل كلّ مدّة كان فيها نبيّ ، أو كان فيها طبقة من أهل العلم قلّت السّنون أو كثرت. والدّليل عليه قول النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : خيركم قرني ثمّ الّذين يلونكم.
مأخوذ من قرنت (١) لاجتماعهم (٢) في العصر.
(مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) : جعلنا لهم فيها مكانا ، وقررناهم فيها. أو أعطيناهم من القوى والآلات ما تمكّنوا من أنواع التّصرّف فيها.
(ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) : ما لم نجعل لهم في السّعة وطول المقام ، يا أهل مكّة. أو ما لم نعطكم من القوّة والسّعة في المال والاستظهار بالعدد والأسباب.
(وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ) : أي : المطر والسّحاب ، أو المظلّة. فإنّ مبدأ المطر منها.
(مِدْراراً) : مغزارا.
(وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ) : فعاشوا في الخصب بين الأنهار والأثمار.
(فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) ، أي : لم يغن ذلك عنهم شيئا.
(وَأَنْشَأْنا) : وأحدثنا.
(مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (٦) : بدلا منهم.
والمعنى : أنّه ـ تعالى ـ كما قدر أن يهلك من قبلكم كعاد وثمود وينشئ مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده ، يقدر أن يفعل ذلك بكم.
(وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ) : مكتوبا في ورق.
(فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ) فمسّوه. وتخصيص اللّمس ، لأنّ التّزوير لا يقع فيه فلا يمكنهم أن يقولوا : إنّما سكّرت أبصارنا. ولأنّه يتقدّمه الإبصار حيث لا مانع. وتقييده بالأيدي ، لرفع التّجوّز. فإنّه قد يتجوّز به للفحص ، كقوله : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ).
(لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧) : تعنّتا وعنادا.
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) : يكلّمنا أنّه نبيّ.
(وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) : جواب لقولهم ، وبيان لما هو المانع ممّا
__________________
(١) المصدر : إقرانهم.
(٢) ليس في المصدر.