فقدان النص. وفي حكمها ما إذا كان منشأ الشبهة إجمال النص أو تعارض النصين ، فان الأدلة الدالة على البراءة لا تختص بصورة فقدان النص ، بل تعم صورة إجمال النص وتعارضه. وقد نسب الخلاف في ذلك إلى « صاحب الحدائق » فقال : بوجوب الاحتياط في صورة إجمال النص وتعارضه. وليس له وجه.
هذا إذا كانت الشبهة حكمية ، وإن كانت الشبهة موضوعية ـ كما إذا علم بوجوب إكرام العالم على وجه يكون الحكم انحلاليا ، وشك في بعض مصاديقه ـ فقد تقدم البحث عنها في الشبهة التحريمية ، وعرفت : أن العلم بالكبريات الكلية ما لم يعلم انطباقها على الموارد الجزئية غير منجز للتكليف لا يستتبع استحقاق العقوبة ، والظاهر إطباق الأصوليين والإخباريين على ذلك.
نعم : نسب إلى المشهور وجوب الاحتياط عند تردد الفرائض الفائتة بين الأقل والأكثر (١) ويشكل الفرق بينه وبين تردد الدين بين الأقل والأكثر ، مع أن الظاهر اتفاقهم على عدم وجوب الاحتياط في الدين المردد بين الأقل والأكثر وجواز الاكتفاء بأداء القدر المتيقن وجريان البراءة عن الأكثر.
والظاهر : أن يكون نظر المشهور في مسألة قضاء الفوائت إلى القاعدة وأنها تقتضي الاحتياط ، لا لأجل التعبد وقيام دليل خاص على ذلك ، فيتوجه حينئذ سؤال الفرق بينها وبين مسألة الدين المردد بين الأقل والأكثر؟
__________________
١ ـ أقول : لا يخفى أن الشك في قضاء الفوائت تارة ناش عن عدد السنين التي مضى من عمره الذي فات فيها الصلاة أو الصوم ، وأخرى ناش عن تساهله في الإتيان في الوقت أو نومه وسكره مع الجزم بمقدار سنة عمره ، ثم في هذه الصورة تارة يحتمل التفاته إلى الفوت في الوقت ، وأخرى يقطع بأن التفاته حدث بعد الوقت ، فعلى الأخير : لا شبهة في جريان قاعدة « الوقت حائل » فيؤخذ بالمتيقن من الفوائت ، كما أنه على الأول أيضا يرجع الشك فيه ـ مثل الدين ـ إلى الأقل والأكثر.
وأمّا في الصورة الثانية : فلا محيص من الأخذ بالأكثر من جهة الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال في وجه ، ويمكن حمل كلام المشهور في قضاء الفوائت على هذه الصورة ، لأن الغالب التفاتهم بعمرهم ـ ولو تقريبا ـ واحتمال الالتفات إلى الفوت قبل مضى الوقت غالبا ، فتدبر. وعلى فرض الإطلاق في كلماتهم فلا محيص من ايجاب احتياط في المورد ، فتدبر.