أحدهما : أن يكون المخاطب به آحاد المكلفين لكن لا على وجه الإطلاق ، بل بتقييد الخطاب المتوجه على كل أحد بصورة عدم سبق الغير بالفعل المخاطب به ، فينحل الخطاب إلى خطابات متعددة حسب تعدد أفراد المكلفين ، كل خطاب مقيد بعدم سبق الغير بفعل متعلق الخطاب.
ثانيهما : أن يكون المخاطب النوع ، ولمكان انطباق النوع على الآحاد يكون كل فرد من أفراد المكلفين مخاطبا بذلك الخطاب الواحد ، فلو أشغل أحد المكلفين صفحة الوجود بالفعل سقط الخطاب عن الباقي ، لأن الخطاب الواحد ليس له إلا امتثال واحد وقد امتثله من خوطب به من جهة انطباق النوع عليه ، فتأمل.
وعلى كلا الوجهين : يرجع الشك في العيني والكفائي إلى الشك في سقوط الواجب بفعل الغير ، أما على الوجه الأول : فواضح ، لأن الشك في ذلك يرجع إلى الشك في تقييد الإطلاق في مرحلة البقاء والامتثال وهو يقتضي الاشتغال لا البراءة. وأما على الوجه الثاني : فكذلك أيضا ، فان المكلف قبل فعل الغير يعلم بكونه مكلفا بالفعل ، إما لكون التكليف عينيا ، وإما لانطباق النوع عليه ، وبعد فعل الغير يشك في سقوط التكليف عنه ، والأصل يقتضي عدم السقوط.
فالأقوى : أن الشك في العيني والكفائي كالشك في التعييني والتخييري لا تجري فيه البراءة ، بل مقتضى أصالة الاشتغال هو البناء على كون الواجب عينيا في الأول وتعيينيا في الثاني.
هذا تمام الكلام في الشبهة الوجوبية الحكمية إذا كان منشأ الشبهة
________________________
أنحاء تروكه ، وهو تركه في حال ترك الغير ، لا في حال ايجاد الغير ، وهذه الجهة ـ كما أشرنا في التخيير ـ غير مقام التقييد ، كما توهم. وربما يوجب مثل هذه التقريبات بأجمعها الكفائية لولا إطلاق الطلب المقتضى لعينية وعدم جريان المناط من أصالة الاشتغال في المسألة السابقة في المقام.
نعم : هنا مجال استصحاب بقاء الوجوب وعدم السقوط بفعل الغير ، وذلك غير قاعدة الاشتغال ، فتدبر.