حسب ذلك الظنّ ، ولكن لنا أن نقول بصحّة تلك العبادات وإن كان تارك التقليد والاجتهاد والاحتياط معاقبا نظرا إلى تركه الطرق الظاهرية التي يجب الأخذ بها على القول بذلك ، فتصحّ العبادة المطابقة للواقع سواء كانت بطريق الاجتهاد ، أو التقليد المعتبر ، أو الاحتياط ، أو تقليد الآباء والأمّهات أو بغير (١) ذلك ، وتبطل العبادة الغير المطابقة للواقع إلاّ أنّ للإجزاء بالفاسدة وعدم الإجزاء بها مقاما آخر ، فالمدار على الواقع صحّة وفسادا ، فلو ترك السورة في الصلاة ثمّ اجتهد ، فاعتقد وجوبها ، فلا بدّ من القضاء في خارج الوقت ، والإعادة فيه ، ولو يرى (٢) عدم وجوبها ليس عليه شيء من القضاء والإعادة.
وأمّا حديث قصد القربة ، فمجرّد الشكّ في الواقع في اعتبار شيء في الصلاة مثلا لا ينافي تحقّقه ؛ إذ ليس الفاعل ملتفتا إلى ذلك بل إنّما يأخذ بأصالة البراءة وعدم الوجوب من غير رويّة ونظر تقليدا لما سلف من آبائه ، وتبعا لما وجّه من طريقة كبرائه بل ولو شئنا قلنا بذلك في المقصّر أيضا حين صدور الفعل منه فيما لو كان غافلا عن تقصيره.
نعم ، فيما لم يتحقّق الفعل بدون العلم ، فذلك مسلّم.
ولا يخفى جريان هذا الكلام فيما إذا كان الشكّ في صحّة العمل وفساده بعد وقوعه كما إذا شكّ في الشرطية والجزئية مثلا.
وأمّا إذا شكّ في واجب نفسي على وجه لا يؤتى بنفس العمل على تقدير البراءة فيه كالشكّ في وجوب قراءة الدعاء عند رؤية الهلال ، فلا يجري فيه الكلام المذكور ؛ لعدم تعقّل الصحّة والفساد في العمل الذي لم يقع في الخارج كما هو ظاهر لا سترة عليه.
وكيف كان ، فالمدار في ترتّب الآثار على الأفعال والأعمال الواقعة عن آحاد
__________________
(١) « س » : غير.
(٢) « م » : رأى.