أمّا أوّلا ، فلأنّ الاستصحاب ممّا لا مجرى له في هذه المقامات على ما نبّه عليه المحقّق الخوانساري (١) حيث إنّ وجوب الكلّ المعلوم قد انتفى قطعا ، ووجوب الباقي المشكوك الآن لم يكن معلوما ؛ لاحتمال مدخلية الانضمام.
وأمّا ثانيا ، فلأنّ دعوى الإجماع المركّب في المقام في غاية الصعوبة.
وأمّا المقام الثاني ، فهل في المقام ما يقضي من الأدلّة العامّة والقواعد الكلّية المشتركة كقوله : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (٢) وقوله : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٣) وقوله : « إذا أمرتكم بشيء ، فأتوا منه ما استطعتم » (٤) بانقلاب هذا الأصل مطلقا ، أو لا
__________________
(١) مشارق الشموس فى شرح الدروس ١١٠ في شرح قول الشهيد : « والأقطع يغسل ما بقي ولو استوعب سقط » حيث قال : واستدلّ أيضا بالأصل والاستصحاب وأنّ غسل الجميع بتقدير وجوده واجب فإذا زال البعض ، لم يسقط الآخر ؛ لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، وفيه ضعف ؛ لأنّ الاستصحاب في مثل هذا الموضع ممّا لا يمكن إجراؤه لأنّ الحكم السابق إنّما هو الأمر بغسل المجموع من حيث هو مجموع أمرا واحدا ، وليس أوامر متعلّقة بكلّ جزء جزء منه ، ولمّا لم يبق متعلّقه هنا فسقط التكليف به ، فلا بدّ في غسل الجزء الباقي من تكليف على حدة وقس عليه أيضا حال قولهم : الميسور لا يسقط بالمعسور ، والحاصل أنّ هذه الدلائل ممّا يشكل إتمامها فالعمدة في التعويل الإجماع.
(٢) عوالى اللآلى ٤ : ٥٨ ، ح ٢٠٥ وفيه : « لا يترك الميسور بالمعسور ».
(٣) عوالى اللآلى ٤ : ٥٨ ، ح ٢٠٧ ، وعدّه من الأمثال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٩ : ٧٥. قال العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الإلباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ٢ : ٣٠٥ / ٢٧٥٧ : هو معنى حديث « وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم » وقال النجم : لفظ الترجمة قاعدة وليس بحديث. وكذا قال نحوه في ج ٢ ، ص ١٩٦.
(٤) ورد مرسلا في رسائل السيّد المرتضى ٢ : ٢٤٤ ؛ مجمع البيان ٣ : ٤٢٩ في ذيل آية( لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) من سورة المائدة : ١٠١ ؛ جوامع الجامع ١ : ٥٣٦ ؛ عوالى اللآلى ٤ : ٥٨ ، ح ٢٠٦ ؛ البحار ٢٢ : ٣١ ، باب ٣٧ ، وورد مسندا في كتب العامّة كصحيح البخارى ومسلم وسنن النسائى وابن ماجة والبيهقى ومصنّف عبد الرزّاق ومسند ابن راهويه وأحمد وأبى يعلى وصحيح ابن خزيمة وابن حبّان ومعجم الأوسط للطبرانى والحديث عامي ولعلّ سرى الاستدلال به في