بيان ذلك أنّ من المعلوم عدم ملاحظة الحالة السابقة في قاعدة الاشتغال فإنّ المناط فيها هو حكم العقل بلزوم تحصيل البراءة عند الشكّ فيها فمع ملاحظة حكم العقل بوجوب التفريع. لا شكّ في اللاحق حتّى يحتاج إلى استصحاب الاشتغال ، ومع قطع النظر عن حكم العقل بلزوم الاحتياط ووجوب تفريغ الذمّة وإن كان الشكّ باقيا إلاّ أنّ الحكم بوجوب إتيان الصلاة في الجهة الباقية أو الجهات الباقية ممّا لا يترتّب على بقاء الاشتغال واستصحابه إذ الاشتغال الاستصحابي لا يزيد على الاشتغال الواقعي ، فكما أنّ الاشتغال الواقعي لا يقضي بالاحتياط فكذلك ما هو (١) منزّل منزلته كما لا يخفى ، اللهمّ إلاّ أن يكون استصحاب بقاء الاشتغال مثبتا لكون القبلة هي الجهة الباقية ، أو إحدى الجهات الباقية ولا تعويل عليه عند التحقيق.
وينبغي التنبيه على أمور :
الأوّل :
أنّ بعد ما عرفت من لزوم الاحتياط والجمع بين المحتملات ، فلو أتى المكلّف بواحد منها ولكن صادف الواقع ، فهل هو معاقب في تركه الاحتمالات الأخر أو لا؟ الحقّ الثاني بناء على ما هو التحقيق من أنّ الحكم بوجوب الاحتياط في المقام عقلي لا شرعي ، والمقصود هو الوصول إلى الواقع وهو حاصل ، فلا وجه للعقاب.
لا يقال : إنّ ترك الاحتمال الآخر وإن لم يكن محرّما من حيث أداء الواقع وحصول المقصود إلاّ أنّ عنوان التجرّي شامل له ، فيحرم من باب التجرّي في أوامره وعدم الانقياد له.
لأنّا نقول : إنّ للمتجرّي (٢) ـ على ما هو التحقيق (٣) في محلّه ـ صورا أعلاها فيما لو علم
__________________
(١) « س » : هي.
(٢) « س » : التجرّي!
(٣) « م » : المحقّق.