القرينة المستكشفة قطعية ، وفي الحقيقة الظنّ الحاصل بوجود القرينة مرجعه إلى الظنّ الحاصل من نفس الشهرة ؛ لما عرفت من عدم تعلّقها باللّفظ كما لا يخفى ، وإنّما العبرة بالقطع بوجود القرينة ولو (١) كانت ظنّية.
ودعوى الإجماع على حجّية مثل هذه الظنون عهدتها على مدّعيها إن أريد به المحقّق منه ، وإن أريد المنقول منه ولو على إطلاقه ، فبعد الغضّ عنه لا بدّ من ملاحظة إفادته الظنّ بحجّية هذه الظنون ، وعلى تقديره يتوقّف على حجّيته في أمثال المباحث.
وبالجملة ، فالمعتمد في مقام الدلالات هو الطرق المستعملة في استخراج المطالب واستكشاف المعاني في العادة عند أهلها ككون أحد الاحتمالين نصّا ، والآخر ظاهرا ، أو كونه أظهر من الآخر نوعا على ما قرّره في محلّه ، ولا عبرة بفهم العلماء من اللفظ مثلا معنى بعد عدم استقرار العادة على العمل به. كيف؟ وقد قلنا بأنّ فهم المشافه المخاطب ممّا يعتنى به في استكشاف المراد بعد عدم مطابقته للعرف والعادة ؛ لاحتمال ابتنائه على اجتهاد منهم ، وظهوره في الاستفادة العرفية مسلّم إلاّ أنّ الكلام في اكتفاء مثل هذا الظهور في الدلالة ، فتدبّر.
المقام الثاني في ترجيح السند بظنون غير معتبرة ، ولنفرض الكلام فيما كان التعارض ممحّضا في السند ، فإنّا مع فرض التساوي بينهما على تقدير عدمه ، أو مع التساوي حقيقة ، فقد يقال بحجّية مطلق الظنّ في مقام الترجيح سندا لوجوه :
منها : قاعدة الاشتغال ؛ فإنّه كلّما دار الأمر بين التخيير والتعيين ، فالتعيين مقدّم.
ومنها : ظهور الإجماع من جميع أهل العلم خاصّة وعامّة خلفا عن سلف.
وقد يستكشف عنه بملاحظة تقديمهم الأخبار العالية السند (٢) على غيرها ، ونحوه من المرجّحات الداخلة في الأخبار وليس على ما ينبغي ؛ لأنّ حجّية تلك المرجّحات ممّا لا كلام لنا فيه في المقام ، وإنّما المقصود (٣) بالبحث هنا إثبات الترجيح بالظنون
__________________
(١) « ل » : ـ لو.
(٢) « ش » : سندا.
(٣) « ل » : + لنا.