كانت متعلّقة بموضوعاتها اللغوية أو بأنفسها كما عليه الفريقان في (١) الأولى وعلى الثانية المجتهدون سواء كانوا من القائلين بالظنون الخاصّة أو من القائلين بمطلق الظنّ على اختلاف مشاربهم فيها ـ ليس إلاّ من جهة رفع العسر اللازم على تقدير لزوم الاحتياط الكلّي كما بيّنّا في مباحث الظنّ ، ويبقى الوجوب الثابت في أوّل الأمر بعد رفع العذر بارتفاع العسر بحاله فإنّ الضرورة تتقدّر بقدرها ، ولزوم العسر على تقدير الاحتياط في جميع الموارد بعد رفعه لا يفضي بانقلاب الحكم الأوّلي الثابت بالعقل إذ لا مزيل له ، مثلا بعد إسقاط الشارع مراعاة الاحتياط في جميع الجهات الممكنة عند اشتباه القبلة وحكمه بعدم وجوب الصلاة على الدائرة مثلا في كلّ نقطة منها ليس لك أن تتوهّم بسقوط الاحتياط في الجهات الباقية أيضا ، فإنّ المقتضي للحكم بالاحتياط أيضا بحاله كما فيما لم يكن هناك شيء.
وبالجملة ، فالموارد المشكوكة أو الموهومة مثلا من موارد الشكّ في المكلّف نظرا إلى لزوم الاحتياط الكلّي في أوّل الأمر ، وإلى أنّ الظنون المعمول بها في مواردها إنّما تسهيل منه تعالى على العباد وليس بطريق جعلي شرعي ، وبعد ارتفاع العذر بارتفاع العسر لا بدّ من الاحتياط وهو المطلوب ، وهذا أقصى ما يتخيّل في توجيه قاعدة الاشتغال والاحتياط وجريانها في الموارد المشكوكة المشتبهة ، فتبصّر.
والجواب أمّا عن الأوّل ، فمن (٢) آيات التقوى فبأنّ الأمر بالاتّقاء من الله لا يعقل أن يكون أمرا تشريعيا فإنّه كالإطاعة والعصيان بل الأمر فيه إرشادي لا يترتّب عليه إلاّ خواصّ الاتّقاء ، ولو سلّم ، فالأمر دائر بين أمور ثلاثة : من حمل الأمر فيه على الوجوب ، أو على الاستحباب ، أو على مطلق الرجحان ، والأوّلان باطلان ، فتعيّن الثالث.
أمّا الأوّل ، فلأنّه وإن كان الأمر فيه حقيقة أو ظاهرا إلاّ أنّ الحمل عليه يوجب
__________________
(١) « م » : ـ في.
(٢) « ج » : ـ الأوّل فمن.