حجّة المانعين وجوه :
الأوّل : الأخبار والآيات الناهيتان (١) عن العمل بالظنّ بل بمطلق ما وراء العلم.
وجوابه أنّه على تقدير عمومهما وعدم اختصاصهما بأصول الدين ، أو ما يتّهم المسلمين مخصّصة بما سيجيء من الأدلّة الساطعة والبراهين القاطعة.
الثاني : الإجماع المحكي ، في لسان السيّد وابن إدريس (٢).
وجوابه : أنّه (٣) بعد ما ستعرف من الوجوه لا يفيد الظنّ فضلا عن العلم ، فلو لم ندّع الإجماع على خلافه ، فلا أقلّ من دعوى عدم قيام الإجماع عليه ، كيف؟ والشيخ مع حذاقته في الأخبار وخبرته بالفقه قد ادّعى الإجماع على خلافه (٤) وإن أمكن التوفيق بين الإجماعين ، فإنّ السيّد (٥) قد فسّر القطع بما يفيد سكون النفس والاطمئنان الذي هو علم عرفي ، فلعلّه قد خصّ حجّية الأخبار بصورة حصول الظنّ الاطمئناني المسمّى عنده بالعلم كما يعلم من مطاوي كلماته (٦) ، فإنّ العلم قد يتسامح فيه عند أهل العرف فيستعمل في الاطمئنان وإن احتمل الخلاف عقلا أو عادة ، والعلم الحقيقي هو ما لا يحتمل الخلاف ، فتارة بالعقل كأن يستلزم فرض وقوعه محالا عقليا كالعلم بأنّ الواحد نصف الاثنين ، والعلم بأنّ الممكن في وجوده يفتقر إلى موجب موجد له ، ففرض وقوع الخلاف يوجب اجتماع النقيضين فيهما. وأخرى بالعادة بمعنى أنّ فرض الخلاف لا يستلزم محالا عقليا إلاّ أنّه ينافي ما هو المعهود في العادة منه كانقلاب الجبل العظيم ذهبا ، فإنّ فرض وقوعه لا يوجب محالا لكنّه غير محتمل عادة ، فالعلم العادي كالعلم العقلي في عدم احتمال الخلاف عقلا في الثاني وعادة في الأوّل بل قد يمكن أن
__________________
(١) « ل » : الناهيات.
(٢) رسائل السيّد المرتضى ١ : ٢٤ و ٢٠٣ و ٢١١ ، و ٣ : ٣٠٩ ؛ السرائر ١ : ٣٣٠ ، و ٢ : ٩٦.
(٣) « ل » : أنّ.
(٤) عدّة الأصول ١ : ١٢٦.
(٥) الذريعة ١ : ٢٠.
(٦) « ل » : كلامه.