العرف ، وكثيرا ما يستعمل لفظ التبيّن عند العرف ويراد به الظهور وعدم الخفاء ، ولا نعني بالوثاقة إلاّ هذا المعنى ، مع أنّ التعليل المذكور في الآية ـ وهو خوف إصابة القوم بجهالة والإصباح على الندامة ـ ممّا يرتفع به نقاب الشكّ عن وجه المطلوب حيث لا خوف مع حصول الوثاقة ، ولو رام الخصم دفع هذا الاحتمال رأسا بأن يلتزم بلزوم تحصيل العلم بانتفاء خوف الإصابة ، يلزمه (١) عدم اعتبار خبر العادل أيضا ؛ فإنّ طريق احتمال خوف الإصابة والندامة لا ينسدّ بالعدالة ، فيناقض صدر الآية الدالّة على اعتبار خبر العادل ذيلها (٢) لما عرفت ، فمقتضى الجمع هو حمل التبيّن على التبيّن العرفي كما ذكرنا.
فظهر ممّا ذكر تقييد الآية المذكورة بحصول الوثاقة ، فلا بدّ من حمل مطلقات الآيات على مقيّداتها كما هو الشأن في غيرها من الأدلّة المطلقة مع المقيّدة. هذا هو الكلام في الآيات.
وأمّا الأخبار ، فالمستفاد منها حقيقة هو الاعتماد على الخبر الموثوق به وإن لم يكن من عادل ، فإنّ جملة منها وإن كانت مطلقة إلاّ أنّ بعضها كما مرّ مقيّدة بالوثاقة ، فيقيّد مطلقها ، وإذ قد عرفت عدم اعتبار العدالة تعبّدا ، فلا سبيل إلى تقييد مطلقاتها بالعدالة.
وأمّا الإجماع ، فالإنصاف انعقاده على مطلق الخبر الموثوق به على وجه تسكن إليه النفس ، ولا يحتاج في تحصيل هذا الإجماع إلى ضمّ فتاوى جماعة يعتبرون العدالة ، فإنّ الرجوع إلى أحوال أصحاب الأئمّة وكلمات أصحاب الرجال وملاحظة ما يستفاد من مطاوي عبائرهم كاف في التحصيل (٣) غاية الكفاية.
فإن قلت : هذا مناف لما انعقد عليه إجماعهم من اشتراط قبول خبر الواحد
__________________
(١) « ل » : ـ بلزوم تحصيل ... يلزمه.
(٢) « ل » : وذيلها.
(٣) « ل » : تحصيله.