الخامس :
هل الحكم بوجوب الاجتناب يخصّ ما إذا اجتمعت أطراف الشبهة في الوجود أو يعمّها ، وما إذا اندرجت (١) فيه كأن يعلم بأنّ أحد الأيّام من الأسبوع الخاصّ في الشهر المخصوص يحرم عليه المسافرة أو الصيام؟ وجهان : أقواهما الثاني لكن حيث يكون المكلّف بمحلّ الابتلاء منه على وجه يصحّ التكليف به من غير تعليق كما مرّ كأن يكون مريدا لصوم ذلك الأسبوع فإنّ المدرك في هذا الحكم هو استقلال العقل بعد العلم بالتكليف على تحصيل الامتثال والفراغ عن عهدته ، والعقل لا يفرق بين أن يكون الأطراف مجتمعة في الوجود ـ كما في الإناءين أو الدراهم المعلوم غصبية أحدها ـ أو متدرّجة كما فيما إذا علم بحرمة واحد من أفاعيله الواقعة في برهة من الزمان المعلوم مع كون الفاعل في صدد فعلها.
ومن هنا قد أفتى الشيخ في محكيّ النهاية (٢) بوجوب الاحتياط على امرأة تعلم باستمرار دمها في شهر أو شهرين مع علمها بأنّ بعضا منه أيّام أقرائه وحيضه من تركها ما يحرم على الحائض وإتيانها بما يجب عليها.
وربّما يتوهّم بأنّ الحكم بالاحتياط لا يبتني على لزوم الاجتناب في الشبهة المحصورة نظرا إلى وجود أصل موضوعي في المقام في تمام الشهر وهو استصحاب الطهر إلى أن يبلغ عشرين يوما مع أنّه لا معارض له وأصالة الإباحة في العشرة الأخيرة لاحتمال أن يكون العشرة الأولى أو المتوسّطة أو الملفّقة حيضا ، ولا معارض لها أيضا إلاّ أن يكون استصحاب الطهر مثبتا لكون العشرة الأخيرة حيضا.
__________________
(١) « س » : وبين ما إذا تدرّجت.
(٢) النهاية : ٢٤ حيث قال : فإن كانت المرأة مبتدأة في الحيض ولم يمكنها تميز دم الحيض من غيره واستمرّ بها الدم فلترجع إلى عادة نسائها في أيّام الحيض وتعمل عليها فإن كنّ نساءها مختلفات العادة أو لا يكون لها نساء فلتترك الصلاة والصوم في كلّ شهر سبعة أيّام وتصلّي وتصوم ما بقي.