داخل فيما لو شكّ في أنّ الخارج هو خصوص ذلك أو غيره ، ومن هنا قلنا بسقوط الاستصحابين وسائر الأصول المتعارضة عند التعارض ؛ لخروج أحدهما قطعا عن الدليل الدالّ على حجّية الأصول ولا معيّن لأحدهما بالخصوص إذا لم يكن أحد سببا ، والفرد الغير المعيّن أيضا فرد انتزاعي ، وبعد خروج منشأ الانتزاع لا وجه للقول بدخوله فيه ، فلا بدّ من التساقط.
نعم ، يستثنى من ذلك ما لو علمنا بمطلوبية المتعارضين واشتمالهما على مصلحة الحكم حتّى عند التعارض كما في تزاحم الحقوق كإنقاذ غريقين وإطفاء حريقين ، ولتحقيق المقام محلّ آخر ، فتدبّر.
ثمّ إنّ القائل بعدم جواز المخالفة القطعية في المورد الأوّل وعدم وجوب الموافقة القطعية في المورد الثاني ربّما يظهر من بعضهم الاستناد إلى عدم جواز تحصيل العلم في الوقوع في المحرّم كما هو صريح بعضهم.
وقد تجشّم بعض (١) الآخر في المقام بما لم نقف له على محصّل إلاّ بالرجوع إلى ذلك بتقريب أنّ ارتكاب الباقي مقدّمة لتحصيل العلم في الوقوع في المحرّم ، وكما أنّ ارتكاب نفس الحرام حرام ، فكذا تحصيل العلم بالوقوع في المحرّم (٢).
واعترض عليه بعض الأجلّة (٣) بأنّ تحصيل العلم بالحرام لو كان حراما لحرم على من نسي معاصيه أن يراجع ما يفيده تذكّرها ، فيحرم على من شرب مائعا أن يستعلم من كونه خمرا وهو ممّا لا يقول به أحد.
وفيه : نظر لأنّ تحصيل العلم بالوقوع في الحرام يقع على وجهين ، فتارة بالفحص عن أحواله السابقة وأعماله المتقدّمة من غير أن يكون مشتغلا بما يحتمل أن يكون هو المحرّم قطعا كما في مفروض المعترض من تذكّره لها واستعلامه عمّن يصاحبه ، أو عن
__________________
(١) كذا.
(٢) نقل الاستدلال القمّي في القوانين ٢ : ٢٤ والأصفهاني في الفصول : ٣٦١ ، والنراقي في المناهج : ٢٣٠.
(٣) الفصول : ٣٦٢.