من ملاحظة قولهم : نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله عن الغرر ، أو عن بيعه (١) ؛ فإنّ النهي حقيقة في الطلب إلاّ أنّه لمّا كان في مقام الإرشاد وبيان المصالح والمفاسد لا يلاحظ فيه أحكام الطلب من جوازه حالة الاضطرار ، فتلك الأوامر كما عرفت مرارا عدم دلالتها على المطلوبية حال عدم التمكّن ، والاضطرار إنّما هو بواسطة قصور في الطلب ، وأمّا المقصود منها أعمّ كما يدلّك ملاحظة إطلاق المادّة مضافا إلى فهم العرف ذلك منها في المقام.
نعم ، لو استفاد وجوب الجزء ، أو الشرط من أمر تعبّدي ، فلا يبعد القول بذلك كما هو ظاهر إلاّ أنّ الكلام فيه.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٥٠ / ١٦٨ باب ٣١ ، قال : وبهذا الإسناد عن الحسين بن عليّ عليهالسلام أنّه قال : خطبنا أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : سيأتي على الناس زمان عضوض يعضّ المؤمن على ما في يده ولم يؤمن بذلك قال الله تعالى : ( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وسيأتي زمان يقدّم فيه الأشرار ، وينسى فيه الأخيار ، ويبايع المضطر ، وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عن بيع المضطرّ وعن بيع الغرر. فاتّقوا الله يا أيّها الناس وأصلحوا ذات بينكم واحفظوني في أهلي.
وعن عيون أخبار الرضا عليهالسلام في وسائل الشيعة ١٧ : ٤٤٨ ، باب ٤٠ من أبواب آداب التجارة ، ح ٣ ؛ دعائم الإسلام ٢ : ٢١ قال : روينا عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن بيع الغرر ؛ عوالى اللآلى ٢ : ٢٤٨ / ١٧ ، قال : وفي الأحاديث الصحيحة أنّه صلىاللهعليهوآله نهى عن بيع الغرر ، واستدلّ به الفقهاء في الكتب الفقهية وورد مسندا في كثير من كتب العامّة كمسند أحمد ومصنّف عبد الرزاق وابن أبى شيبة وسنن أبى داود وابن ماجة والترمذى والنسائى والدارقطنى وسنن الكبرى للبيهقى والنسائى ومعجم الأوسط والكبير ومسند الشاميين ومنتخب مسند عبد بن حميد وصحيح مسلم وابن حبّان وفي كلّها : نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله عن بيع الغرر.