ومع ذلك يستفاد من قوله : « رفع » ونحوه رفع العقاب ، فكذلك في المقام الأدلّة الواقعية شاملة لصورة العلم الإجمالي ، فما المانع من أن يكون هذا الخبر وأضرابه واردا في مقام بيان عدم ترتّب العقاب على ارتكاب الخمر حال الاشتباه؟ فبطلانه غير خفيّ على ذي مسكة لأنّ المراد بعدم العقاب إن كان عدم الاستحقاق ـ كما يستفاد من تنظير المقام بالشبهة البدوية ـ فمتّضح الفساد إذ ليس للشارع أن يحكم بعدم الاستحقاق بعد وجود علّته التامّة فإنّ الاستحقاق من الأمور التي لا تعلّق لجعل الشارع فيه بل هو من الآثار العقلية للمخالفة والإطاعة ، ونفي الاستحقاق في الشبهة البدوية إنّما هو لعدم تحقّق علّته التامّة وهو العلم بحامل التكليف ، ولذلك كان العقاب قبيحا عقلا (١) أيضا ، والمفروض في المقام ثبوت التكليف ، فلا يصحّ قياسه بها لوجود الفارق وهو حكم العقل بالاستحقاق فيه لأنّ العلم بحامل التكليف وهو الخطاب الشامل للعلم التفصيلي والإجمالي علّة تامّة للامتثال على وجه يحصل معه العلم بدفع الضرر العقابي ، وقد مرّ أنّ الشرع لا يمكن وروده على خلاف حكم العقل في خصوص الضرر العقابي كما في أمثاله من العناوين المقتضية للحسن والقبح في حدود ذواتها على وجه لا يتغيّر حكمها بلحوق عنوان آخر كما في الكذب بالنسبة إلى الله (٢) تعالى والشرك وأضرابهما.
نعم ، فيما لو (٣) علم المكلّف إجمالا بالتكليف لا تفصيلا يصحّ أن يجعل الشارع طريقا للوصول إلى الواقع على وجه لو كان هو الواقع فهو ، وإلاّ كان مسقطا عنه لكن لا على وجه البدلية ليصحّ القول بالإجزاء فيما لو انكشف الخلاف ، ولا على وجه التقييد كما زعمه بعض الأجلّة على ما مرّ تفصيل الكلام في تزييفه في مباحث الظنّ ، ولا على وجه لا يترتّب عليه العصيان فيما لو صادف الواقع وتخلّف عن الطريق فإنّه واقع جعلي ، وفهم هذا المقام كما ينبغي يحتاج إلى لطف قريحة ولطافة سليقة فإنّ فيه نوع
__________________
(١) « م » : عقليا.
(٢) « ج » : إليه.
(٣) « س ، م » : ـ لو.