ويؤيّد ما ذكرنا فحوى الأخبار الآمرة بتكرير (١) الفائتة في ثلاثة حيث إنّ المنساق منها لزوم تكريرها (٢) إدراكا للواقع المجهول فيه كما يظهر من ملاحظة تعليل الإمام عليهالسلام من أنّ الفائتة إن كانت كذا فكذا ، ومن ثمّ تراهم حاكمين بلزوم إتيان ركعتين ، أو ثلاث ركعات فيما لو فاتت من المسافر صلاة واحدة فقط ، وذلك ظاهر بعد التدبّر.
ودعوى عدم تنجّز التكليف في حقّ المكلّف إلاّ في صورة العلم التفصيلي ممنوعة على مدّعيها إذ من الظاهر مخالفته لطريقة (٣) الامتثال المأخوذة عن طريقة العقلاء في امتثال أوامر مواليهم إذ لا مانع منه بعد العلم بالتكليف والمكلّف به إجمالا ، ولا يعدّ التارك إلاّ مخالفا ، وذلك واضح في الغاية.
وقد يستدلّ في المقام بوجود المقتضي للامتثال وهو العلم بتعلّق الأمر الواقعي على الموضوع الواقعي وعدم المانع منه لإمكان الامتثال والاحتياط ، وقد يعبّر عنه في لسان البعض بقاعدة الاشتغال حيث إنّ الاشتغال يقيني ، فيحتاج إلى براءة يقينية ، وفي لسان آخرين بأنّ تحصيل العلم بالامتثال واجب ، فلا يحصل إلاّ بالاحتياط.
وقد تقرّر بأنّ في ترك الاحتياط احتمال الضرر العقابي ، فلا بدّ في دفعه من الاحتياط ، فتأمّل (٤).
وقريب من ذلك دعوى استقرار بناء العقلاء على الامتثال فيما علم التكليف إجمالا.
والكلّ مرجعه إلى ما قلنا ، عباراتنا شتّى.
ثمّ إنّه قد يتمسّك في المقام باستصحاب الاشتغال عند الشكّ في الامتثال بعد إتيان الصلاة مثلا في جهة واحدة.
وقد عرفت فيما مرّ عدم استقامة هذا الكلام فإنّ الاستصحاب ممّا لا يترتّب عليه فائدة إلاّ أن يكون مثبتا في وجه ، وممّا لا مجرى له في وجه آخر.
__________________
(١) « ج » : بتكرّر.
(٢) « ج ، م » : تكرّرها.
(٣) « م » : بطريقة.
(٤) « س ، م » : ـ فتأمّل.