نعم ، بعد تسليم الدلالة فيها لا يصحّ دعوى التعارض بينها وبين أخبار البراءة لكونها كثيرة جدّا فتصير أقوى سندا منها إلاّ أنّ دون إثبات (١) إفادتها الوجوب على ما هو الإنصاف خرط القتاد.
وفي المقام الثاني نقول : لا بأس بتجديد المقال في تقريب الاستدلال بالحديث المذكور على وجه يندفع به بعض الشكوك الواردة فيه ليتّضح الفرق بين هذه الرواية وغيرها أيضا ، فنقول : لا خفاء في ورودها في تلو المرجّحات في الأخبار المتعارضة عند قول الراوي للإمام عليهالسلام : كلاهما عدلان مرضيّان فأمر الإمام (٢) بأخذ المجمع عليه المشهور الذي لا سترة عليه يعرف روايته كلّ أحد معلّلا في ذلك بعدم الريب فيه وترك الشاذّ النادر.
وبعد ما تقرّر ـ من أنّ التعليل بعدم أمر وجودي دليل على أنّ وجود ذلك الشيء في محلّه مانع عن الحكم المذكور ـ يظهر أنّ العلّة في ترك الشاذّ ليس إلاّ وجود الريب لا العلم ببطلانه كما زعمه بعض الأجلّة (٣) تبعا للمحقّق القمّي (٤)(٥) نظرا إلى قرينة المقابلة ، وأنّ الحكم المخالف للإجماع قطعي البطلان لأنّ المقابلة تقضي بما قلنا ، والإجماع في المقام بمعنى المشهور بالمعنى اللغوي في قولهم : سيف شاهر ، بحيث يراه كلّ أحد ، فهو بنفسه لا يقتضي بطلان خلافه كما في الإجماع المصطلح في الأحكام الشرعية.
على أنّ تثليث الإمام عليهالسلام الأقسام المذكورة أدلّ دليل على أنّ المراد منه ومن التقسيم بيان حكم المشتبه تمثيلا للمقام ، ولو لا أنّ الرواية التي لا شهرة فيها من المشتبه ، لما صحّ ذلك فإنّ بيان القسمين المعلومين توطئة لبيان المشتبه وقضيّة التمثيل في المقام كما عرفت ذلك.
__________________
(١) « م » : إلاّ أن كان إثبات.
(٢) « س » : + عليهالسلام.
(٣) الفصول : ٣٥٤.
(٤) « س » : + رحمهالله.
(٥) القوانين ٢ : ٢٣.