الأدلّة القطعية ، فليطلب منها ، وأمّا الكلام في المورد الأوّل ، فسيجيء إن شاء الله.
فلنشرع لبيان المقام الثاني لقلّة أبحاثه ، فنقول : إذا دلّنا دليل شرعي على وجوب شيء خاصّ ، فلا يخلو إمّا أن نتمكّن من الامتثال تفصيلا كأن نعلمه بالخصوص ، أو لا نتمكّن منه ، فعلى الثاني فلا ريب في كفاية الامتثال الإجمالي بل لا كلام لأحد فيه عدا ما يظهر من الحلّي ، فإنّه قال في المحكي عنه : من (١) وجد ثوبين يقطع بنجاسة أحدهما دون الآخر عليه الصلاة عاريا ، ولا يجوز تكرار الصلاة فيهما (٢). وهو ضعيف جدّا لا ينبغي الالتفات إليه.
وعلى الأوّل فالتحقيق في المقام التفصيل بين العبادات وغيرها ، فعلى الأوّل يحكم ببطلان العبادة كأن يأتي بالصلاة في أربع جهات مع إمكان تحصيل العلم بالقبلة تفصيلا ، أو مع حصول العلم تفصيلا ، وفي الثاني يحكم بصحّة المعاملة كأن يأتي بالبيع مشتملا على جميع ما يحتمل اشتراطه فيه.
أمّا الثاني ، فلأنّ المقصود فيه حصول ما هو في نفس الأمر معتبر في تأثيره وهو حاصل ولو مع عدم علمه به ، فيقع مؤثّرا في محلّه. ودعوى اشتراط صحّة العمل ـ ولو كان معاملة أيضا بالاجتهاد والتقليد ـ واهية جدّا ، ولا فرق في ذلك بين علمه بالوجه الصحيح إجمالا لكن مع اشتباهه بعده وجهله به رأسا ، فإنّه لو طابق الواقع ، يؤثّر أثره المطلوب منه على أيّ وجه اتّفق ، ولا مدخل للعلم والجهل فيه بل قد نفى الخلاف عن ذلك بعضهم إلاّ عن بعض متأخّري المتأخّرين (٣) القائلين باشتراط صحّة العمل بالاجتهاد و (٤) التقليد.
ولا فرق في ذلك أيضا بين أن يقع العمل مكرّرا كما إذا تكرّر الصيغة المعتبرة في العقود فيما إذا كان مختلفا فيها وبين أن يقع العمل واحدا جامعا لجميع ما يحتمل تأثيره
__________________
(١) « ش » : إنّ من.
(٢) السرائر ١ : ١٨٤ ـ ١٨٥ ، نقله بالمعنى.
(٣) انظر بحث البراءة : ص ٥٩٢ ـ ٥٩٣.
(٤) « ل » : أو.