قاضية بخلافه ، وإن أرادوا من عدم حجّيته إن كان نظريا ، فالضرورة قاضية أيضا بلزوم انتهائه إلى ضروري ، دفعا للدور والتسلسل ، واحتمال عدم كونه بديهيا في الواقع موجود فيما اختاروه من حجّية البديهي أيضا. وأمّا ما يقال ـ من عدم اعترافهم لمطلق البديهي بل خصوص ما تسالمت فيه الأنظار ـ مردود بأنّ النظري لا بدّ وأن ينتهي إلى بديهي كذلك لا محالة.
الثالث : أنّ ما زعموه على تقدير تماميته ، فهو بعينه موجود في الأدلّة العقلية التي يستدلّ عليها بوجود الصانع ولزوم إرسال الرسل وغير ذلك من الأمور الاعتقادية التي يستعمل فيها البراهين النيّرة (١) العقلية ؛ فإنّا لا نجد فرقا في الأدلّة المستندة إليها فيها وفيما يستند إليها في عدم جواز اجتماع الأمر والنهي مثلا.
ثمّ إنّ ما أشكل على صاحب الحدائق من تعارض العقل الفطري والدليل النقلي ـ على ما نقله عنه في ذيل كلامه ـ فهو ممّا لا يعقل له وجه صحيح إلاّ أن يرجع النزاع معه لفظيا كما لا يخفى.
ثمّ إنّ السيّد الفاضل شارح الوافية بعد ما سلّم إدراك العقل أورد كلاما حاصله منع إناطة الإطاعة والعصيان بالواقع بل المدار عليه فيما لو أخبر به الرسول صلىاللهعليهوآله ، أو أحد الأئمّة عليهمالسلام قال : ألا ترى أنّ من نام فرأى في نومه أحدا من أهل العصمة أخبر بحكم فقطع به ، لا يجب إطاعته ، وقد استند في ذلك بالأخبار المتقدّمة (٢).
والجواب أنّ ما ادّعاه من الأخبار ممّا يتحقّق به موضوع الإطاعة والعصيان موقوف على دلالة دليل الإطاعة والعصيان على ذلك ، ولا ريب (٣) أنّهما من الآثار العقلية المترتّبة على مطلق حكم الله الواقعي المعلوم على أيّ وجه ، ولا يمكن فيه التخصيص بالنسبة إلى أفراد العلم ، أو العالم على ما عرفت ، مع أنّ المفروض حصول
__________________
(١) « ل » : المنيرة.
(٢) شرح الوافية ( مخطوط ) : ٨٨ / أ ـ ٨٨ / ب.
(٣) « ل » : فلا ريب.