غيرها من الأدلّة ، فهو معيار لغيرها ، وميزان لما عداها ، فلا يعارضها دليل ، ولو كان في أعلى درجات الخصوصية كما يظهر ذلك بعد ملاحظة العرف فيما يماثله ، وإن أريد النقض بالفرض المذكور ليلتفت إلى الحلّ في الصورة المفروضة ، فنقول : إن كان الدليل الدالّ على لزوم الترتيب قطعيّا غير قابل للطرح أو التأويل ، فيقدّم على أدلّة العسر كما في أدلّة الاجتهاد الأكبر والأصغر ، وإن كان ظنّيا قابلا للتأويل ، فلا بدّ منه كأن يحمل الأمر الوارد فيه على الاستحباب ونحوه وما نحن بصدده من هذا القبيل ، فإنّ لزوم تحصيل الموافقة القطعية والحكم بوجوب الإتيان بجميع المقدّمات العلمية بعد الانسداد فيما (١) يوجب العسر غير معلوم حتّى يقدّم على أدلّة نفي العسر ، فيكشف ذلك من أنّ مطلوب المولى ليس الإتيان بالواقع على ما هو عليه.
وأمّا ما أورده أخيرا من المثال من جواز تعلّق ظنّ المجتهد بواجبات توجب العسر ، فهو ممّا لا محصّل له ؛ لاستلزامه اجتماع المتناقضين ، فإنّ بعد ما علمنا مع ملاحظة أدلّة نفي العسر عدم جعل (٢) حكم أو أحكام يوجب العسر ، فكيف يصحّ تعلّق الظنّ بوجوب أمور توجب العسر؟ فإنّ العلم بالسالبة الجزئية ـ كما هو مفاد نفي العسر ـ ينافي الظنّ بالموجبة الكلّية كما هو مفروض المعترض عكس ما مرّ في المقدّمة السابقة.
فإن قلت : إنّ قضية أدلّة نفي العسر لا يزيد على نفيه في أصل الشرع حيث إنّه تعالى ما جعل في الدين من حرج ، وأمّا لو لزم الحرج من جهة (٣) عروض سانحة ، وحدوث واقعة لا يرجع إلى جعله كما في المقام ، فإنّه يلزم بواسطة إخفاء قادة الهدى ، ومصابيح (٤) الدجى بواسطة ظلم الظالمين وعناد المعاندين ، فلا دليل على بطلانه ، وحيث إنّه ليس في مرتبة التكليف بما لا يطاق ، فلا ضير في لزومه على تقدير أن
__________________
(١) « ش » : + لو ، وشطب عليها في « ل ».
(٢) « ل » : وجوب.
(٣) « ل » : جهته.
(٤) « ش » : مصباح.