علّة له ولا معلولا منه ، ولا بمشتركين في علّة ثالثة.
أمّا الأوّل ، فظاهر وفي ظهوره غنية عن التنبيه عليه كالثالث.
وأمّا الثاني ، فلأنّه لو كان ترك الحكم المظنون علّة للظنّ بالعقاب ، لكان ترك الحكم المشكوك (١) علّة للشكّ في العقاب ، والملازمة كبطلان التالي ظاهرة ؛ لاستقلال العقل في الحكم بعدم العقاب عند الشكّ في الحكم ، فإنّه ممّا اتّفقت فيه كلمة الأخبارية والأصولية من الحكم بالبراءة ، كيف والقطع بترك الحكم في الواقع لا يوجب القطع بالعقاب ، كما إذا كان حين الترك غافلا أو جاهلا على ما يقتضيه قواعد العدلية ، فالعقاب إنّما يلازم التكليف ، وعدم الامتثال ومجرّد ترك المشكوك بل المظنون بل المقطوع لا يورث عقابا ولا ظنّا بالعقاب بل ولا شكّا حيث إنّ العقاب دائما إمّا يكون وجوده مقطوعا ، أو عدمه في صورتي التكليف وعدمه ، فالنسبة بين العقاب وترك الحكم الواقعي تباين جزئي قد يجتمعان في مورد واحد كما لو خالفه مع تنجّز التكليف به وتعلّق العلم به ، وقد يتحقّق العقاب من دون تحقّق الترك في صورة التجرّي على ما سبق ، وقد يتحقّق الترك من دون عقاب كما لو ترك غافلا أو جاهلا ، وعدم العقاب في صورة الجهل ليس من جهة مانعية الجهل بل لعدم وجود مقتضي العقاب وهو العلم بالوجوب والعلم بتعلّق التكليف على المكلّف ، إذ لا تكليف إلاّ بعد البيان ولا سبيل إلى دعوى أنّ أدلّة وجوب دفع الضرر بيان عامّ ولو بلسان العقل ، فإنّ الكلام في أصل الضرر.
وبالجملة ، فالذي يؤمننا من الضرر في صورة الشكّ في الحكم مع ترك المشكوك يؤمننا منه عند ترك الحكم المظنون ؛ لاتّحاد سبيل الحكم فيهما قطعا ، فالعقاب إنّما يلازم مخالفة التكليف.
نعم ، لو قلنا بأنّ الظنّ أيضا مناط تنجّز التكليف بالنسبة إلى المكلّف كالعلم ،
__________________
(١) « ل » : بالمشكوك.