عرض قول المعصوم أو فعله أو تقريره ما يستكشف بها من المصلحة الكامنة (١) والحكم الواقعي كالأولوية والاستقراء ونحوهما ـ فلا دليل على اعتبارها.
لأنّا نقول : أوّلا : لا يهمّنا البحث فيها ؛ فإنّ لها مقاما سيأتي ؛ إذ يكفي في الردّ على المستدلّ في المقام جريان دليله في غير مدّعاه بعد ما زعمه من الاختصاص ولو في مورد.
وثانيا : أنّ الأولوية أيضا كاشفة عن السنّة ؛ إذ ليس الكلام فيما حجب الله علمه عن العباد ، وجعله من مخزون العلم عنده بل الكلام في الأمور العادية التي بيّنوا أحكامها ، فالأولوية في واقعة كذائية تورث الظنّ بالواقع وهو يلازم ظنّ صدور سنّة منهم عليهمالسلام عليه كما لا يخفى.
وثالثا : إنّ العمل بالسنّة وجوبه ليس وجوبا نفسيا من جهة اعتبارها من حيث هي هي ؛ إذ الأدلّة التي دلّت على وجوب العمل بالسنّة لا يزيد مفادها على لزوم الأخذ بها من جهة كشفها عن الواقع والأولوية لو لم نقل بالأولوية من جهة كشفها عن الواقع ، فلا أقلّ من عدم اقتصارها عن غيرها ، فلا مناص من الاتّكال عليها وورودها على المستدلّ هذا ، وإن أراد المستدلّ من السنّة المدّعى على لزوم العمل بها ضرورة الدين والإجماع بالخبر الخالي عن قول المعصوم أو فعله أو تقريره ، فإن أريد بالخبر القطعي ، فمسلّم لكنّه غير مفيد ؛ إذ هو على تقدير معلوميّته ممّا لا ينبغي التكلّم فيه ، وعلى تقدير عدم معلوميّته والعلم به إجمالا يرجع الدليل إلى الوجه الأوّل ، وإن أريد الخبر الظنّي فالضرورة قضت بعدم ضرورة لزوم العمل به ، كيف وهو المعركة العظمى وأوّل المدّعى.
وبالجملة فإن آل إلى رابع الأدلّة ، فهو ، وإلاّ فلا نعرف له وجها ، هذا تمام الكلام في المقام الأوّل من وجوه الأدلّة التي يمكن الاستناد إليها في حجّية أخبار الآحاد
__________________
(١) « ل » : الكاشفة؟