إلى الذهن مرّتين : مرّة بملاحظة وضع مفرداتها ومرّة بملاحظة وضع نفسها (١).
فتلخّص ممّا ذكرنا إنّه لا وضع لآحاد الجمل المركّبة بخصوصها ولا يتصوّر له صورة معقولة بل لا ينبغي التفوّه به.
نعم يمكن تصويره على نهج قضيّة الموجبة الجزئيّة في خصوص الأمثال المركّبة المستعملة في كلّ لغة ، فيقال إنّ جملة « أراك تقدّم رجلاً وتأخّر اخرى » مثلاً وضعت من حيث المجموع لبيان التحيّر والتردّد ، وهكذا غيرها من سائر الأمثال التركيبية وإن كان هذا المعنى أيضاً مخالفاً للوجدان ، فإنّها كنايات متّخذة من وضع مفرداتها مع وضع هيئاتها.
ثمّ إنّ حاصل ما يمكن أن يقال في وضع الهيئات أنّ لنا أربع أنحاء من الهيئة : أوّلها : هيئات المفردات نحو هيئات الصفات مثل هيئة اسم الفاعل وهيئة اسم المفعول.
ثانيها : هيئات النسب الناقصة كهيئة المضاف والمضاف إليه.
ثالثها : هيئات النسب التامّة كهيئة جملة « زيد قائم ».
رابعها : هيئات وضعت لخصوصّيات النسب كهيئة « تقديم ما حقّه التأخير » مثلاً التي تدلّ على الحصر كما هو المعروف.
والجامع بين هذه الأنحاء أنّ الوضع في جميعها نوعي ، والمقصود من الوضع النوعي أنّ المعنى فيها لا يتبدّل ولا يتغيّر بتبدّل المفردات والمواد الموجودة فيها ، ولا يدور مدار مادّة خاصّة ، بخلاف الوضع في المفردات فإنّه فيها شخصي يدور المعنى فيها مدار خصوصيّة المواد ، ومع تغيّرها يتغيّر المعنى أيضاً ، ولا ينافي ذلك كون الموضوع فيها كلّياً ، ولا ينقضي تعجّبي عن المحاضرات حيث أتعب نفسه الزكيّة في بيان المقصود من الوضع النوعي والشخصي مع أنّه ظاهر لا غبار عليه.
ثمّ إنّه قد يقوم بعض الكلمات المفردة مقام الهيئة في دلالتها على النسبة في بعض اللغات ، فإنّ كلمة « است » في اللّغة الفارسيّة تدلّ على النسبة في الجمل التامّة مع أنّها في اللّغة العربيّة تفهم من هيئة الجملة ، ولا مانع من ذلك كما لا يخفى.
__________________
(١) راجع المحاضرات : ج ١ ، ص ١١٠.