الوضعي على العموم الشمولي المستفاد من مقدّمات الحكمة ، وعليه ففي المقام حيث إنّ كلاً من إطلاق الهيئة وإطلاق المادّة مستند إلى مقدّمات الحكمة فلا ترجيح لأحدهما على الآخر.
وثالثاً : لو سلّمنا أقوائيّة الإطلاق الشمولي على الإطلاق البدلي لكن لا نسلّم إنّها توجب تقديم الشمولي على البدلي ما لم يصل إلى حدّ الظهور العرفي للفظ في الشمول بحيث تعدّ البدليّة مخالفة للظهور.
وأمّا الوجه الثاني : فالجواب عنه واضح ، لأنّ الأمر في ما نحن فيه دائر بين تقييد وتقييد ، لا بين تقييد وتقييدين : لأنّ تقييد الهيئة يوجب ارتفاع موضوع التقييد في المادّة على نحو السالبة بانتفاع الموضوع لا إنّه يلازم تقييدها مع بقاء موضوعه ، فإن قيّدنا الهيئة لزم تقييد واحد ، وإن قيّدنا المادّة لزم تقييد واحد أيضاً فالأمر دائر بين تقييد وتقييد.
إلى هنا تمّ الكلام عن التقسيم الثاني للواجب.
وقد عرّف الأصحاب الواجب النفسي بأنّه عبارة عن ما أمر به لنفسه ، والغيري بأنّه عبارة عن ما أمر به لغيره.
وهيهنا إشكال معروف وهو أنّ هذا التعريف يوجب كون جلّ الواجبات غيريّة لأنّها إنّما وجبت لغيرها وهو المصالح التي تترتّب عليها ، فينحصر الواجب النفسي في مثل معرفة الله تعالى حيث إنّها مطلوبة لذاتها.
ولعلّ هذا أوجب عدول المحقّق الخراساني رحمهالله من التعريف المشهور إلى قوله في الكفاية : « فإن كان الداعي فيه هو التوصّل به إلى واجب لا يكاد التوصّل بدونه إليه لتوقّفه عليه فالواجب غيري وإلاّ فهو نفسي ، سواء كان الداعي محبوبيّة الواجب بنفسه كالمعرفة بالله أو محبوبيته بما له من فائدة مترتّبة عليه كأكثر الواجبات من العبادات والتوصّليات ».
ولكنّه أورد عليه أخيراً بما حاصله : أنّ أكثر الواجبات النفسيّة التي أمر بها لأجل ما فيها من الخواصّ والفوائد على هذا تكون واجبات غيريّة ، فإنّ تلك الفوائد لو لم تكن لازمة واجبة