بالالتزام ، فالجمل الإنشائيّة تدلّ بالالتزام على ثبوت تلك الصفات في النفس ، ( انتهى ملخّصاً ).
أقول : إنّ ما ذكره من التوجيه لكلام الأصحاب خروج عن ظاهر كلماتهم ، فإذا رجعنا إلى الجذور التاريخية للمسألة فسوف نجد أنّ مراد الأشاعرة من قدم كلام الله ووجود صفة اخرى غير الصفات المشهورة في ذات الله ـ أنّ مدلول هذه الألفاظ كان موجوداً في ذاته منذ القديم مع عدم كونه عين علمه وقدرته ، ومراد الأصحاب من الانكار عليهم أنّه ليس في البين صفة اخرى غير العلم والقدرة ، فليس النزاع في ما وضع له لفظ الطلب والإرادة حتّى يكون مراد الأشاعرة أنّ ما وضع له لفظ الطلب ليس هو العلم والقدرة بل هو صفة اخرى ، ويكون مفهوم قول من ينكره أنّ ما وضع له لفظ الطلب هو نفس العلم ، إمّا بالمطابقة كما نسب إلى القوشجي ، أو بالالتزام كما إلتزمه المحقّق الخراساني رحمهالله في ذيل كلامه ، بل النزاع في أنّه إذا كان كلامه تعالى قديماً فما المقصود بالقديم؟ هل هو نفس العلم أو القدرة أو صفة اخرى؟ فيدّعي الأشاعرة أنّه صفة اخرى غيرهما ، ويقول الإماميّة والمعتزلة : أنّه نفس العلم أو القدرة ، وحينئذٍ لا يبقى مجال لما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله في قوله : « وهم ودفع ».
هذا تمام الكلام في الطلب والإرادة.
وحيث انتهى كلام بعضهم في مسألة اتّحاد الطلب والإرادة إلى مسألة الجبر والاختيار حتّى أنّ بعضهم صرّح بأنّ لازم القول باتّحادهما هو القول بالجبر ، وأنّه لا مناصّ عن القول بتعدّدهما على مذهب الاختيار فلابدّ لنا أن نتعرّض لهذه المسألة تتميماً لما اخترناه من مسألة الاتّحاد ، مضافاً إلى ما في نفس المسألة من الأهميّة الكبيرة في جميع الأبواب من العقائد والاصول والفروع والأخلاق والتفسير والحديث ، فنقول ( ومن الله نستمدّ التوفيق والهداية ) :
ذهب جماعة إلى أنّ العبد مجبور في أعماله ، وهم على طائفتين ، طائفة من الالهيين ، وطائفة اخرى من المادّيين.
والالهييون ذهبوا إلى أنّ أفعال العباد تتحقّق بإرادة الله ، أي عند إرادة العبد لفعل معين تؤثّر إرادة الله في تحقّقه ولا أثر لإرادة العبد نفسه ، بل إنّما هو مكتسب في البين ، أي الفاعل إنّما