الأمر الثالث : هل المجاز بالطبع أو بالوضع؟
إنّ صحّة استعمال الألفاظ في المعاني المجازيّة هل هي بالوضع أو بالطبع؟ ( والمراد بالوضع ليس خصوصّيات المجازات لأنّها غير محصورة بل المراد نوع العلائق ).
قال المحقّق الخراساني رحمهالله : « الأظهر إنّها بالطبع بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه إذا كان مناسباً ولو مع منع الواضع عنه وبإستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه ولو مع ترخيصه ولا معنى لصحّته إلاّحسنه ».
أقول : إنّ ما اختاره هو الحقّ الحقيق بالتصديق ويمكن أن يستدلّ له بوجوه ثلاثة أشار إلى بعضها في كلامه :
الوجه الأوّل : أنّ الوجدان شاهد على أنّ الناس لا ينتظرون إذن الواضع في المجازات بل يستعملون كلّ لفظ في ما شابه المعنى الحقيقي من جهة من الجهات بعد ما يجدون حسنه في ارتكازهم.
الوجه الثاني : أنّه لو فرض أنّ الواضع منع من بعض الاستعمالات المجازيّة مع كونه مقبولاً عند الطبع لا يعتني أحد به ، بل يعدّ استعماله في مثل هذا صحيحاً عند أبناء المحاورة.
الوجه الثالث : تسانخ المجازات وتشابهها في جميع الألسنة واللغات ، مع أنّه لو كان الاستعمال المجازي متوقّفاً على إذن الواضع كانت وحدة المجازات في الألسنة المختلفة بعيدة جدّاً لعدم إمكان التواطؤ من ناحية الواضعين عادة. خصوصاً إذا لم يكن الواضع فرداً خاصّاً كما هو الغالب.
هل المجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له كما هو المعروف والمشهور في معنى المجاز ، أو استعماله في نفس الموضوع له ، وملاك المجازيّة أمر آخر؟ فيه أقوال ثلاثة :