من ناحية وصف كذا : إنّ المراد من التركّب من الذات والمبدأ هو التركّب التحليلي لا التفصيلي.
توضيحه : أنّ المفاهيم على ثلاثة أنواع :
الأوّل : ما يكون بسيطاً من ناحية الدالّ والمدلول والدلالة جميعاً كمفهوم الجسم.
الثاني : ما يكون متعدّداً تفصيلاً كذلك كمفهوم « له القيام ».
الثالث : ما يكون متعدّداً في الجهات الثلاثة عند التحليل لا تفصيلاً كمفهوم « القائم » الذي يكون مصداقاً من مصاديق المشتقّ ، وبالنتيجة تكون المشتقّات كالبرازخ بين الجمل التفصيلية والجوامد.
أقول : كلامه جيّد حيث أوضح المراد من التركّب والبساطة في المشتقّ إلاّ أن فيه : إنّ المشتقّ مركّب من الذات والمبدأ والنسبة جميعاً لا من الأوّلين فقط ، لأنّ تلبّس الذات بالمبدأ لا يتصوّر بدون النسبة الناقصة كما مرّ.
الأمر الثاني : ما أفاده المحقّق الإصفهاني رحمهالله في بعض عباراته ، وحاصله : إنّ المشتقّ قد أخذ في مفهومه ما يصحّ به الحمل ولكن ليس هذا من مفهوم الذات وإلاّ لم يصحّ القول بأنّ « الوجود موجود » أو « البياض أبيض » لعدم تصوّر ذات في « الموجود » و « الأبيض » هنا ، نعم يوجد فيهما شيء إجمالاً يصحّ بذلك الحمل (١).
أقول : أوّلاً : إنّا لا نريد من الذات أكثر من ذلك الشيء الذي يصحّ به الحمل كما اعترف به.
ثانياً : لا ينتقض القول بأخذ الذات في المشتقّ بهذين المثالين لأنّهما ليست من الإطلاقات العرفيّة التي يثبت بها المعنى الموضوع له حتّى تكون معياراً في تعيين مداليل الألفاظ ، فلا يصحّ عرفاً إطلاق الأبيض على البياض.
إلى هنا تمّ التنبيه الأوّل وظهر أنّ الحقّ فيه تركّب المشتقّ من الذات والمبدأ والنسبة جميعاً.
التنبيه الثاني : في الفرق بين المشتقّ ومبدئه
إن قلنا بأنّ الذات مأخوذ في المشتقّ فالفرق بينه وبين مبدئه واضح ، فلا تصل النوبة حينئذ إلى البحث عنه ، وأمّا إذا قلنا بعدم أخذها فيه فيقع البحث في الفرق بين المشتقّ ومبدئه ،
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ١ ص ٩٢ ، من الطبع القديم.