الاصول يستلزم تداخل الفقه في الاصول ، فلا يغرنّك حصر المثال في كلماتهم في خصوص الصّلاة في الدار المغصوبة.
ثمّ إنّه قد أُورد على القول بالامتناع بالنقض بامور :
منها : العبادات المكروهة ببيان أنّ أدلّ دليل على إمكان شيء وقوعه ، وقد وقع في الشرع المقدّس موارد اجتمع فيها حكمان من الأحكام الخمسة ، نحو الصّلاة في مواضع التهمة ، أو الصّلاة في الحمام ، والصّلاة في الأماكن التي تكره الصّلاة فيها ، والصّلاة أو الصّيام في الأزمنة التي تكره الصّلاة أو الصّيام فيها كما في النافلة المبتدئة حين طلوع الشمس أو عند غروبها ، والصّيام في يوم عاشوراء ، والصّيام في يوم عرفة لمن لا يقدر على الدعاء ، ونحوها من الموارد التي اجتمع الكراهة فيها مع الاستحباب.
واجيب عنه بوجوه ثلاثة على نحو الإجمال ، وبوجه آخر على نحو التفصيل.
أمّا الوجوه الثلاثة على نحو الإجمال :
الوجه الأوّل : أنّ أدلّة العبادات المكروهة وإن كانت ظاهرة في جواز الاجتماع ولكن لا بدّ من توجيهها بعد أن أقمنا برهاناً عقليّاً قطعيّاً على الامتناع كما في سائر الموارد ، فلابدّ مثلاً من توجيه قوله تعالى : ( بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ ) الظاهر في أنّ للباري جسماً وأعضاء تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
الوجه الثاني : أنّ هذا النقض يرد على القائلين بالجواز أيضاً ، فلابدّ له أيضاً من التخلّص عنه حيث إنّ مدّعاه جواز الاجتماع فيما إذا كان في البين عنوانان وكانت النسبة بينهما العموم من وجه ، مع أنّه لا إشكال في أنّ العنوان في مورد العبادات المكروهة واحد وقوله « صلّ » و « لا تصلّ في الحمّام » تعلّق بعنوان الصّلاة ، ولو قلنا بأنّ العنوان في أحدهما مطلق الصّلاة ، وفي الآخر الصّلاة في الحمّام كانت النسبة بينهما العموم المطلق لا العموم من وجه.
الوجه الثالث : قد مرّ اعتبار قيد المندوحة في محلّ النزاع بينما لا مندوحة في بعض هذه العبادات المكروهة كصيام يوم عاشوراء حيث إنّ صيام يوم الحادي عشر مثلاً موضوع آخر