النهي في العبادات والمعاملات
ولا بدّ فيه من رسم امور :
وقد وقع الخلاف فيه وعبّر عنه بتعابير مختلفة فقال في الكفاية : « النهي عن الشيء هل يقتضي فساده أم لا » وقال المحقّق النائيني رحمهالله على ما في أجود التقريرات : « إنّ النهي هل يدلّ على الفساد أم لا؟ » ولكن قد أصرّ في تهذيب الاصول على أنّ الصحيح أن يقال : « إنّ النهي هل يكشف عن الفساد أم لا » وناقش في الأوّل بأنّ الاقتضاء بالمعنى المتفاهم عرفاً غير موجود في المقام لأنّ النهي غير مؤثّر في الفساد ولا مقتضٍ له بل إمّا دالّ عليه أو كاشف عن مبغوضيّة المتعلّق التي تنافي الصحّة » وناقش في الثاني بأنّ « ظاهر لفظ الدلالة هي الدلالة اللّفظيّة ولو بنحو الالتزام ولكن مطلق الملازمة بين الأمرين لا يعدّ من الدلالات الالتزاميّة بل لا بدّ في الدلالة الالتزاميّة على تقدير كونها من اللّفظيّة من اللزوم الذهني فلا تشمل الملازمات العقليّة الخفيّة » (١).
أقول : الإنصاف صحّة التعبيرين أيضاً ، أمّا الأوّل منهما فلأنّ إيجاب النهي الفساد يلازم نحواً من التأثّر والتأثير في عالم الاعتبار وهو يكفي في صدق مفهوم الاقتضاء ، وأمّا الثاني فلأنّ مادّة الدلالة لم توضع لخصوص الدلالة اللّفظيّة بل إنّها وضعت لمطلقها الذي من مصاديقها الدلالة العقليّة فيستعمل فيها على نحو الحقيقه أيضاً.
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٢٥ ، طبع مهر.