وحينئذٍ لا إشكال في صحّة ما إدّعاه حتّى بناءً على مبنى القائل بوجوب المقدّمة مطلقاً ، حيث إنّه لا خلاف في اعتبار قصد التوصّل في مقام الطاعة لترتّب المثوبة ، أو أنّ مراده ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله بعنوان احتمال ثالث في كلامه ، وهو اعتبار قصد التوصّل قيداً في خصوص حال المزاحمة كما إذا كانت المقدّمة محرّمة ، وقال أنّه تساعد عليه جملة من عبارات التقرير ، وكان الاستاذ المحقّق السيّد العلاّمة الإصفهاني رحمهالله ينسب ذلك إلى الشّيخ رحمهالله ولا نعلم أنّ نسبته هذه هل كانت مستندة إلى استظهار نفسه أو إلى سماعه ذلك من المحقّق سيّد أساتيذنا العلاّمة الشيرازي رحمهالله عن استاذه المحقّق العلاّمة الأنصاري رحمهالله » (١)؟ ولكن يرد عليه ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله فأنّه بعد تقريبه وتوجيهه بأنّ « المقدّمة إذا كانت محرّمة وتوقّف عليها واجب فعلي فغاية ما يقتضيه التوقّف المزبور في مقام المزاحمة هو ارتفاع الحرمة عن المقدّمة فيما إذا أتى بها بقصد التوصّل ، وأمّا مع عدم قصده فلا مقتضى لارتفاع حرمتها ».
أورد عليه : بأنّ المزاحمة إنّما هي بين حرمة المقدّمة ووجوب ما يتوقّف عليه ولو لم نقل بوجوب المقدّمة أصلاً ، فالتزاحم إنّما هو بين وجوب إنقاذ المؤمن وحرمة التصرّف في الأرض المغصوبة مثلاً ، فلا مناصّ عن الالتزام بارتفاع الحرمة لفرض كون الواجب أهمّ سواء في ذلك القول بوجوب المقدّمة والقول بعدمه فاعتبار قصد التوصّل في متعلّق الوجوب المقدّمي أجنبي عمّا به يرتفع التزاحم المذكور بالكلّية » (٢).
أقول : وما أفاده متين.
وجوب المقدّمة الموصلة
أمّا القول الرابع : هو ما ذهب إليه صاحب الفصول من وجوب المقدّمة الموصلة ، أي وجوب خصوص المقدّمة التي تنتهي إلى ذي المقدّمة ( وقد كان يعتقد بأنّه ممّا لم يتفطّن له غيره ) واستدلّ له بثلاثة وجوه :
الوجه الأوّل : أنّ العقل لا يدرك أزيد من الملازمة بين طلب شيء وطلب مقدّماته التي في سلسلة علّة وجود ذلك الشيء في الخارج بحيث يكون وجودها فيه توأماً وملازماً لوجود
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٢٣٥.
(٢) أجود التقريرات : ج ١ ص ٢٣٩.