الثاني : أن يكون المراد أنّ الأفعال تدلّ على حدوث الاسم ، والحدوث هو الحركة التي تلازم الزمان ، وبعبارة اخرى : الأسماء تدلّ على مجرّد الوجود والتحقق والأفعال تدلّ على الحركة في الوجود ، أي الصيرورة.
أمّا الفقرة الثالثة ( الحرف ) فلها أيضاً تفسيران :
أحدهما : ما هو ظاهرها وهو إيجاديّة معنى الحرف أو كونه للتضييق.
ثانيهما : أن يكون المراد أنّ الحرف لدلالته على معنى وحكايته عنه يوجد معنىً وربطاً في غيره. فلا يوجد به الربط ابتداء وبدون الحكاية كما مرّ ، بل الربط ناشٍ عن حكايتها لمعانيها الخاصّة.
والأولى في تفسير الرّواية هو التفسير الثاني كما يساعده الاعتبار.
هذا كلّه من ناحية الدلالة ، وأمّا من ناحية السند فالظاهر أنّه لم ينقل بطرق صحيحة عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ولكنّه مرويّ في كتب كثيرة حتّى ادّعي اشتهارها كإشتهار الشمس في رائعة النهار ، وأحسن ما رأيت في جمع هذه الطرق للحديث هو ما كتبه العلاّمة السيّد حسن الصدر رحمهالله في كتابه « تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام » من صفحة ٥٥ إلى ما بعدها فقد نقلها رحمهالله عن عدّة من الأكابر.
وقال سيّدنا المرحوم آية الله البهبهاني ، في كتاب كتبه في شرح هذه الرّواية الشريفة وسمّاها بالاشتقاق « إنّ اشتهارها بين أهل العربيّة يغني عن تحقيق إسنادها ».
ولم يكتف هو رحمهالله بجبر إسنادها بسبب الشهرة بل قال : « بأنّ علوّ متنها أيضاً دليل على صحّة سندها » وقال في بعض كلماته « إنّ سطوع نورها ووقود نارها واشتمالها على نفائس أسرار قد خفى جلّها على الجلّ بل على الكلّ كما سيظهر لك إن شاء الله ينادي بعدم صدورها إلاّ من عين صافية فينبغي تصحيح إسنادها بمتنها لا متنها بإسنادها » (١).
أقول : ولكن الإشكال هو أنّ متن الرّواية مختلف ففي غير واحد منها روي كما عرفت تفسيره آنفاً ، ولكن في طريق آخر الذي نقله الأمير سيّد شريف الجرجاني في شرح الإرشاد في النحو للتفتازاني هكذا : « ... والحرف أداة بينهما » (٢). وهذا لا يوافق كون الحروف إيجاديّة بل
__________________
(١) كتاب الاشتقاق : ص ٢ و ٣.
(٢) راجع تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : ص ٥٩.