تكيّف العبادة وتلوّنها ، به وحينئذٍ إذا كان الشرط مقارناً للعبادة كعدم التستّر بالحرير يوجب النهي عنه فساد العبادة المشروطة به لأنّه إذا تستّر بالحرير ، أي لم يأت بالشرط ، فقد أتى بفعل محرّم وصارت عبادته مقيّدة به ، والتقيّد بالحرام يوجب فسادها ، وهو نظير ما إذا أمر الطبيب بشرب الدواء في الغداء قبل الغذاء حيث إنّ تقيّد الشرب بهذا الزمان يوجب حدوث حالة وكيفية جديدة في الدواء التي يستلزم عدمها عدم تأثير الدواء في المعالجة.
وثانياً : أنّه قد مرّ سابقاً أنّه ربّما لا يكون شيء جزءً للصّلاة ولكن يسري قبحه إلى الصّلاة عرفاً ويوجب عدم إمكان التقرّب بها ، وقد مرّ أيضاً أنّ عباديّة شيء ومقرّبيته أمر عقلائي عرفي وأنّه لا يمكن التقرّب بشيء ما لم يكن مقرّباً عند العرف والعقلاء.
وأمّا ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله ففيه : أنّ كون الشرط في التعبّديات المعنى اسم المصدري لا المصدري لا أثر له في المقام ، لأنّ المعنى المصدري الذي يكون متعلّقاً للنهي وإن لم يكن شرطاً للعبادة بل يكون محصّلاً لشرط العبادة ولكن النهي الذي تعلّق به يوجب فساد نفسه ، ثمّ عدم تأثيره في حصول الشرط ، وهو المعنى اسم المصدري ، وتصير العبادة بالنتيجة باطلة وإن كان موجب بطلانها عدم تحقّق شرطها رأساً لا بطلان شرطها.
بقي هنا شيء :
وهو ما أفاده في المحاضرات من « أنّ الظاهر من الأدلّة من آية الوضوء والرّوايات هو أنّ الشرط للصّلاة نفس تلك الأفعال ( المعنى المصدري ) والطهارة اسم لها وليست أمراً آخر مسبّباً عنها ( المعنى اسم المصدري ) وإنّ ما ورد في الرّوايات من أنّ الوضوء على الوضوء نور على نور وإنّه طهور ونحو ذلك ظاهر في أنّ الطهور اسم لنفس تلك الأفعال دون ما يكون مسبّباً عنها » (١).
ولكنّه بعيد جدّاً ومخالف لظواهر عشرات الرّوايات الواردة في أبواب نواقض الوضوء حيث إنّه لا معنى للنقض بالنسبة إلى نفس الغسلتين والمسحتين فإنّ الشيء لا ينقلب عمّا وقع عليه ، بل الظاهر جدّاً من جملة « لا ينتقض الوضوء إلاّبفلان » والتعبير بـ « كنت على وضوء » أو التعبير بـ « أنا على غير وضوء » أنّ الوضوء حالة معنويّة يمكن أن تستمرّ وتبقى ما لم يحدث
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ، ص ٢٥.