أقول : قد أورد تلميذه المحقّق المقرّر له في الهامش « بأنّ فعلية الحكم في القضايا الحقيقية وإن كانت تدور مدار وجود الموضوع خارجاً إلاّ أنّ جعل الحكم على الموضوع المقدّر وجوده مع العلم بعدم تحقّقه خارجاً لغو لا يمكن صدوره من الحكيم » (١) ، وهو جيّد متين.
الأمر الثالث : قد يقال بأنّ ثمرة هذه المسألة تظهر في باب الصّوم من باب أنّه إذا كان المكلّف سالماً مثلاً في شهر رمضان فأفطر ثمّ صار مريضاً أو سافر بعد الإفطار أو حاضت فتبيّن بذلك انتفاء شرط الوجوب وهو بقاء شرائط الوجوب إلى المغرب ، فإن قلنا بجواز أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه تجب عليه الكفّارة لأنّه خالف الأمر المتعلّق بالصّيام الشامل له أيضاً ، وأمّا إن قلنا بعدم الجواز فلا كفّارة بل لا قضاء عليه لانكشاف عدم وجوب الصّيام عليه في الواقع.
ولكن الإنصاف عدم ارتباط المسألة بالمقام لأنّ الثابت من أدلّة الكفّارات انحلال وجوب الصّوم إلى تكاليف متعدّدة بتعدّد الآنات وأنّ الصّيام واجب ما دام الموضوع باقياً ، ولذلك قام الإجماع على عدم جواز الإفطار قبل الخروج عن حد الترخّص لمن يعلم من طلوع الفجر بمسافرته في أثناء يومه ، وبعبارة اخرى : المستفاد من الأدلّة عدم انتفاء شرط التكليف في هذه المسألة ، وحينئذٍ لا تكون من مصاديق المقام.
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٢٠٩.