وقت إجرائه وإنفاذه ، وعليه إذا فرضنا حصول عائق عن وصول الحكم إلى المكلّف وإن كان قاصراً عن إزاحة علّته ، أو عروض مانع كالعجز والاضطرار عن القيام بمقتضى التكليف لا يوجب ذلك سقوط الحكم عن فعليته ، والسرّ في ذلك أنّ غاية ما يحكم به العقل هو أنّ المكلّف إذا طرأ عليه العذر أو دام عذره وجهله أن لا يكون مستحقّاً للعقاب لا أن يكون الحكم إنشائيّاً.
الخامسة : كلّ حكم كلّي قانوني فهو خطاب واحد متعلّق لعامّة المكلّفين بلا تعدّد ولا تكثر في ناحية الخطاب بل التعدّد والكثرة في ناحية المتعلّق ، ويشهد عليه وجدان الشخص في خطاباته ، فإنّ الشخص إذا دعا قومه لانجاز عمل أو رفع بليّة فهو بخطاب واحد يدعو الجميع إلى ما رامه لا أنّه يدعو كلّ واحد بخطاب مستقلّ ولو انحلالاً للغويّة ذلك بعد كفاية الخطاب الواحد بلا تشبّث بالانحلال ... وملاك الانحلال في الإخبار والإنشاء واحد ، فلو قلنا بالانحلال في الثاني لزم القول به في الأوّل أيضاً مع أنّهم لا يلتزمون به ، وإلاّ يلزم أن يكون الخبر الواحد الكاذب أكاذيب في متن الواقع ... وأمّا الميزان في صحّة الخطاب الكلّي فهو إمكان انبعاث عدّة من المخاطبين بهذا الخطاب لا انبعاث كلّ واحد منهم ... والضرورة قائمة بأنّ الأوامر الإلهيّة شاملة للعصاة لا بعنوانهم ، والمحقّقون على أنّها شاملة أيضاً للكفّار مع أنّ الخطاب الخصوصي إلى الكفّار وكذا إلى العصاة المعلوم طغيانهم من أقبح المستهجنات بل غير ممكن لغرض الانبعاث ... والإرادة التشريعيّة ليست إرادة متعلّقة بإتيان المكلّف وانبعاثه نحو العمل وإلاّ يلزم في الإرادة الإلهيّة عدم تفكيكها عنه وعدم إمكان العصيان ، بل هي عبارة عن إرادة التقنين والجعل على نحو العموم ، وفي مثله يراعى الصحّة العقلائيّة ، ومعلوم أنّه لا تتوقّف عندهم على صحّة الانبعاث من كلّ أحد كما يظهر بالتأمّل في القوانين العرفيّة.
السادسة : إنّ الأحكام الشرعيّة غير مقيّدة بالقدره لا شرعاً ولا عقلاً وإن كان حكم العقل بالاطاعة والعصيان في صورة القدرة ... لأنّه لو كانت مقيّدة بها من الشرع لزم القول بجريان البراءة عند الشكّ في القدرة ، وهم لا يلتزمون به بل قائلون بالاحتياط مع الشكّ فيها ، وأمّا تقييد العقل مستقلاً فلأنّ تصرّف العقل بالتقييد في حكم الغير وإرادته مع كون المشرّع غيره باطل ، إذ لا معنى أن يتصرّف شخص في حكم غيره.
السابعة : إنّ الأمر بكلّ من الضدّين أمر بالمقدور الممكن ، والذي يكون غير مقدور هو جمع