علم الفقه في باب العدالة وفي علم الكلام والتفسير والأخلاق لارتباطها ببعض مسائل كلّ منها كما لا يخفى ).
لكنّ المشهور أنّ تمايز العلوم بالموضوعات كما هو الظاهر من تعريفهم لموضوع كلّ علم بأنّه ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة.
وحيث إنّ بعضهم لاحظ اشتراك بعض العلوم مع بعض آخر في الموضوع كاشتراك علم الصرف مع علم النحو واللّغة والبلاغة فيه ( حيث إنّ الموضوع في جميعها هو الكلمة فيلزم منه اندراجها في علم واحد ) فقد أضاف إلى تعريف المشهور قيداً آخر وهو قيد الحيثيّة ، وقال إنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات مقيّدة بقيد الحيثيّات ، فإنّ موضوع علم الصرف مثلاً هو الكلمة من حيث تصريفها ، وموضوع علم النحو هو الكلمة من حيث الاعراب والبناء ، وموضوع علم اللّغة الكلمة من حيث المعنى وهكذا ...
وعلّق عليه المحقّق الإصفهاني رحمهالله بأنّه « ليس الغرض من تحيّث الموضوع كالكلمة والكلام بحيثيّة الاعراب والبناء في النحو وبحيثيّة الصحّة والاعتلال في الصرف أن تكون الحيثيات المزبورة حيثية تقييديّة لموضوع العلم ، إذ مبدأ محمول المسألة لا يعقل أن يكون حيثية تقييديّة لموضوعها ولا لموضوع العلم وإلاّ لزم عروض الشيء لنفسه ، ولا يجدي جعل التحيّث داخلاً والحيثية خارجة لوضوح أنّ التحيّث والتقييد لا يكونان إلاّبملاحظة الحيثية والقيد ، فيعود المحذور ، بل الغرض من أخذ الحيثيات كما عن جملة من المحقّقين من أهل المعقول هو حيثية استعداد ذات الموضوع لورود المحمول عليه ، مثلاً الموضوع في الطبيعيّات هو الجسم الطبيعي لا من حيث الحركة والسكون الفعليين كيف ويبحث عنهما فيها بل من حيث استعداده لورودهما عليه ... وفي النحو والصرف الموضوع هي الكلمة مثلاً من حيث الفاعلية المصحّحة لورود الرفع عليها ومن حيث المفعوليّة المعدّة لورود النصب عليه ... » (١).
وهذا يمكن أن يكون قولاً ثالثاً في المسألة.
وهيهنا قول رابع وهو ما أفاده في تهذيب الاصول من أنّ تمايز العلوم يكون بذواتها فإنّه قال : « كما أنّ منشأ وحدة العلوم إنّما هو تسانخ القضايا المتشتّة التي يناسب بعضها بعضاً ...
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ١ ، ص ٩ ، الطبع الجديد للطباطبائي.