من قصد الأمر وغيره بقصد الأمر وهو محال. ( انتهى كلامه بتوضيح منّا ).
أقول : وفي كلامه مواقع للنظر :
الأوّل : أنّ جوابه عن الإشكال الأوّل بمنزلة تغيير لموضع البحث وقبول حلّ مسألة الدور والدخول في مسألة اخرى فكأنّه اعترف برفع إشكال الدور بمسألة اللحاظ فإنّ اعتباره في المتعلّق يحتاج إلى تصوّره ذهناً فقط لا إلى وجود الأمر خارجاً.
الثاني : أنّه اعترف أيضاً ضمن الإشكالين الأخيرين بإمكان أن يكون قصد الأمر جزءً للمأمور به مع أنّ الجزء داخل في ذات المأمور به وفي قوامه كأحد الأجزاء في المعاجين وكالركوع والسجود في الصّلاة ، بينما قصد الأمر ليس في عداد الأجزاء وإنّما هو يعرض الأجزاء ويكون من قبيل الحالات التي تعرض الشيء فهو من سنخ الشرط لا الجزء ، نظير الاستقبال أو الطهارة في الصّلاة.
الثالث : أنّه أنكر وجود الأمر الضمني النفسي بالنسبة إلى الشرائط وحصر وجوده في الأجزاء مع أنّه يمكن تصوّر الأمر الضمني في الشرائط أيضاً ، غاية الأمر أنّ متعلّقه هو الأجزاء وتقيّدها بالقيد ، حيث إنّ التقيّد أيضاً جزء كسائر الأجزاء المطلوبة وإن كان القيد خارجاً ، فإنّ تقيّد الصّلاة بالطهارة أيضاً متعلّق للأمر النفسي الضمني وإن كانت نفس الطهارة خارجة عنها.
الرابع : أنّه أشار في مقام الجواب عن الإشكال الثالث إلى ما مرّ منه سابقاً من أنّ اختياريّة سائر الأفعال بالإرادة ، وإراديّة الإرادة ليست بها للزوم التسلسل ، وقد مرّ الجواب عنه في البحث عن اتّحاد الطلب والإرادة فراجع.
الخامس : الوجدان أصدق شاهد على إمكان أخذ قصد الأمر في المأمور به كأن يقول المولى : « كبّر واسجد واركع ... مع قصد هذا الأمر » وكلّ ما ذكر من الأشكال شبهة في مقابل الوجدان لا يعتنى به ، فمثلاً اشكاله بأنّه « يلزم منه وجوب إتيان المأمور به المركّب من قصد الأمر بقصد الأمر ، أي يلزم أن يتعلّق قصد الأمر بقصد الأمر وهو محال » يمكن الجواب عنه بأن لا إشكال في أنّ المحتاج إلى قصد القربة إنّما هو الأجزاء ، وأمّا الشرائط فالذي يحتاج من بينها إلى قصد القربة إنّما هو الطهارة عن الحدث فقط حين تحصيلها لا حين تقيّدها وأمّا سائر الشرائط كالاستقبال والستر والطهارة عن الخبث وقصد القربة نفسه فلا حاجة فيها إلى قصد