الحكم الوضعي ، لكنّه أيضا كما ترى.
ثانيها : ما جزم به : من أنّ الحكم الثّابت بالعقل قد يكون وضعيّا كشرطيّة العلم لثبوت التّكليف ؛ ضرورة أنّ الثّابت بالعقل ليس هو شرطيّة العلم ، بل عدم الوجوب الفعلي عند عدم العلم. نعم ، ينتزع من هذا شرطيّة العلم.
ثمّ إنّ هنا أمورا ينبغي التّنبيه عليها :
الأوّل : أنّ ما ذكره الأستاذ العلاّمة في تصحيح استصحاب البراءة الأصليّة إنّما هو من حيث دفع توهّم عدم الفرق بينه وبين استصحاب سائر الأحكام العقليّة من حيث جريان الاستصحاب ، وإلاّ فالتّحقيق : عدم صحّة جريان الاستصحاب المذكور من جهات يأتي الإشارة إليها إن شاء الله.
الثّاني : أنّ ما ذكره من الإشكال في تحقّق الاستصحاب موضوعا في الأحكام العقليّة : قد يجري في الأحكام الشّرعيّة أيضا كالحكم الثّابت بالإجماع على غير مذهب القدماء ؛ حيث إنّه لا يعلم به غالبا موضوع الحكم ، بل قد يجري في غير الإجماع أيضا كما لا يخفى.
الثّالث : أنّه يمكن القول بصحّة جريان استصحاب البراءة بعد البلوغ مع قطع النّظر عمّا يرد عليه ، وإن قلنا بكون البراءة في حال الصّغر وعدم قابليّة التكليف مستندة إلى حكم العقل ؛ فإنّ المفروض ثبوت البراءة بعد التّميّز والقابليّة في الجملة بحكم الشّرع ؛ فإنّ الصّبي بعد التّميز وقبل البلوغ إنّما لا يكون مكلّفا بحكم الشّرع لا العقل كما لا يخفى.
ولك أن تجعل هذا من أحد وجوه تخصيص القوم استصحاب حال العقل بالبراءة الأصليّة مع كون بنائهم على عدم صحّة جريان الاستصحاب في الأحكام