إلى شرط المبغوضيّة الفعليّة التي هي مناط الاستحقاق ، فلا معنى لثبوت استحقاق العقاب في غير الصورة ، سواء كان هناك اعتقاد بالمبغوضيّة أم لا.
ضرورة أنّ الاعتقاد لا يوجب تعلق النّهي بالمعتقد على ما اعترف به الخصم أيضا ، ولازم هذا المعنى إختيار الشق الرابع ، وليس فيه اناطة استحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار حسبما عرفت توضيحه ، هذا.
وإلى ما ذكرنا يرجع ما أفاده بقوله : « قولك أن التفاوت ... » (١) إلى آخره.
فان منع حسن التفاوت بين الأمرين أي : الاستحقاق وعدمه ، مستند إلى كون الثاني من جهة الأمر الغير الاختياري مع عدم القبح فيه ، فحصل التفاوت من جهة الأمر الغير الاختياري إلاّ أنّ ما ذكرنا من التحرير أوضح.
فانّ المقصود منه وان كان ما ذكرنا كما عرفت ، إلاّ أن [ المتوهّم ](٢) في بادي النظر ، ربّما يتوهّم تسليمه ( دام ظلّه ) بصحّة اناطة استحقاق العقاب وعدمه بما هو خارج عن الاختيار ، مع أنّها ممّا تشهد ضرورة العقل بفسادها وقد أعترف به ( دام ظلّه ) في كلامه السابق وان كان هذا ليس مرادا قطعا ، بل المراد حسبما عرفت نفي ما ربّما يظهر من كلام المستدلّ : من أنّ عدم العقاب أيضا لا يمكن أن يكون من جهة الأمر الغير الاختياري ، فاراد بهذا الكلام الاشارة إلى فساد هذا التوهّم.
فالمقصود من منع عدم حسن الاناطة انّما هو باعتبار مجموع العقاب
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٤٠.
(٢) في الأصل : ( التوهّم ) والصحيح ما أثبتناه.