وجه آخر للقول باعتبار قصد الوجه في العبادة
وما يتعلق به
وقد يقال في وجهه أيضا : بأنّ العنوان المنطبق على الأفعال المعروضة للحكم الشرعي والعقلي لا يعلم تحقّقه بدون قصد الفعل بذلك العنوان ، إذ كثيرا من العناوين يكون ترتّبها على الأفعال موقوفا على قصدها كما هو واضح ، فإذن لا بدّ من قصدها بأحد الوجهين حتى يعلم بتحقّقها ، بل التحقيق : إنّ اعتبار قصد التقرب والامتثال في العبادات إنّما هو من جهة الجهل بعنوان الواجب وعدم العلم بحصوله وترتّبه على وجود الفعل بأيّ نحو كان فيحكم بلزوم ايجادها بداعي إمتثال أمر الشارع حتى يتحقّق معه قصد العنوان الموجب لتحقّقه من حيث كون الأمر معلولا له فاذا قصده عند الفعل فقد قصد ذلك العنوان.
الفرق بين الوجهين المذكورين
ثمّ إنّ الفرق بين هذا الوجه وسابقه ممّا لا يخفى على المتأمّل.
حيث إنّ الأوّل ، راجع الى عدم كون تحقق عنوان المأمور به اختياريّا مع عدم قصد الوجه في العبادات وهو كما ترى ، بعد الأغماض عمّا يتوجّه عليه من النقض بما لا يتمكّن من تحصيل الوجه أصلا ولو بالظّن وبما يتمكّن من تحصيله بالظّن المعتبر سيّما إذا كان من الظنون المطلقة مع العجز عن تحصيل المعرفة العلميّة حيث أنّهم قائلون بالسّقوط في الأوّل مع أن الدليل العقلي لا يقبل التخصيص.