التجري ... إلى آخره ) (١). لا يخلو عن مسامحة واضحة بعد ما عرفته ، فالقول بأنّ التجري قبيح من أي وجه كان لا يجامع القول بعدم حرمة الفعل.
نعم ، لو قيل : بأنّ التجري من الاوصاف والحالات الغير الصادقة على الفعل ، لم يكن وجه لإيجاب قبحه تحريم الفعل وكان الاستاذ يحتمل ذلك فتدبّر ، هذا مجمل الكلام بالنسبة إلى ما يقال من المناقشة على الوجه الثاني والثالث.
وأمّا الوجه الرابع : فلأنّا نلتزم بالشق الرابع ، وهو استحقاق من صادف قطعه الواقع دون من لم يصادف ولا يتوجه عليه شيء ؛ لأنّا لا نقول : بأنّ العقاب للمصادفة وعدم العقاب لعدم المصادفة ؛ حتّى يقال : بأنّه يلزم القول باناطة العقاب وعدمه بالأمر الغير الاختياري ، بل نقول : إنّ من صادف قطعه الواقع يستحق العقاب ؛ لأنّه عصى الله وخالفه مع اجتماع جميع شرايط التكليف له من العلم والاختيار وغيرهما.
ومن لم يصادف لا يستحق العقاب ؛ لأنّه لم يعص الله ؛ لأنّ العصيان عبارة عن الاتيان بما هو مبغوض للمولى ومتعلق لنهيه مع اجتماع جميع شرايط التكليف في الفاعل ، والمفروض أنّ من لم يصادف قطعه الواقع لم يأت بما هو متعلّق لنهي المولى واقعا ، غاية الأمر : ان عدم إتيانه به كان من جهة عدم مصادفة قطعه للواقع إتفاقا.
والحاصل : أنّ استحقاق العقاب انّما يترتب بحكم العقل على معصية المولى الحاصلة باتيان ما هو مبغوض له مع اجتماع شرايط التكليف التي ترجع حقيقة
__________________
(١) نفس المصدر.