في أن العنوان الواقعي المجهول لا يؤثّر في رفع
قبح التجرّي ردّا على القول به
فإن قلت : هب أنّ العنوان الواقعي من حيث كونه مجهولا لا يتّصف بحسن ولا قبح ـ بناء على ما ذكرت : من عدم عروض الحسن والقبح إلاّ للعنوان المعلوم ـ إلاّ أنه ليس من المستحيل أن يكون في مصادفة التجرّي له شيء يقتضي رفع القبح كادراك المصلحة النفس الامريّة المكنونة في الفعل ، إلاّ أنّ الامور الخارجة عن القدرة لا يمكن أن تؤثّر في المدح والذم وهو في حيّز المنع ؛ إذ كثيرا ما نمدح الشيء ونذمّه بما لا يكون إختياريّا له. وعليه يمكن ابتناء منع الدليل العقلي السابق المبنيّ على الترديد والدّوران ؛ إذ مبناه على عدم استحالة مدخليّة الأمور الخارجة عن القدرة في استحقاق المدح والذّم.
قلت : أوّلا : بعد الاعتراف بعدم اتصاف ما يتحقّق في ضمنه التجرّي بالحسن ـ من حيث كونه مجهول العنوان ـ لا يعقل تجويز تأثيره في رفع القبح ؛ إذ المانع من قبح التجرّي في نظر العقل ليس إلا حسن ما يتحقّق في ضمنه ، والمفروض عدم وجوده ، فلو فرض حينئذ عدم ثبوت القبح له لزم انفكاك المعلول عن العلّة ؛ إذ المفروض وجود المقتضي للقبح وهو التجرّي وعدم المانع عنه.
وثانيا : أنّ مدخليّة الأمور الخارجة عن القدرة في المدح والذم لا دخل لها بما هو المقصود بالبحث عنه في المقام من الحسن والقبح ؛ إذ هما من الاحكام العقليّة التي لا تعرض في حكم العقل إلاّ الافعال الاختياريّة القابلة لتعلّق التكليف