إمكان التعبّد بالظّن (١)
__________________
(١) قال السيّد المجدد الشيرازي قدسسره :
إنّ المراد بالإمكان المتنازع فيه إنما هو الإمكان العام وهو المقابل للإمتناع فالغرض إنما هو مجرّد نفي الإمتناع الأعم من وجوب التعبّد بالظن في بعض الموارد ، ومرجع القولين إلى دعوى حسن التعبّد به وعدمها فيرجع النزاع إلى أنه هل يحسن من الشارع التعبّد به أو يقبح؟ كما يظهر من دليل مدّعي الإمتناع ، والظاهر أنه إنّما يدّعى الإمتناع العرضي لا الذّاتي كما يظهر من احتجاجه عليه بلزوم تحليل الحرام وتحريم الحلال ... فعلى هذا لا ينفع مدّعي إمكانه إثباته بالنّظر إلى ذاته ، بل عليه إمّا دفع ذلك الإستلزام أو منع قبح اللازم.
ثمّ المراد بالتعبّد بالظن هنا ليس اعتباره والحكم بالأخذ به من باب الموضوعيّة ؛ لأنّه بهذا المعنى لا يرتاب أحد في إمكانه ... بل إنّما هو إعتباره على وجه الطريقيّة لمتعلّقه ؛ بمعنى جعله حجّة في مؤدّاه كالعلم وتنزيله منزلته بإلغاء احتمال خلافه في جميع الآثار العقليّة الثابتة للعلم من حيث الطريقيّة.
وبعبارة أخرى : جعله طريقا إلى متعلّقه كالعلم الذي هو طريق عقلي إلى متعلّقه ، والمعاملة معه معاملة العلم الطريقي وترتيب آثار طريقيته عليه من معذوريّة المكلّف معه في مخالفة التكليف الواقعي على تقدير إتفاقها بسبب العمل به ... ويكون الفرق بينهما بمجرّد كون حجّيّة العلم بهذا المعنى بحكم العقل وكون حجّيّته بحكم الشارع وجعله فيكون كالعلم قاطعا لقاعدتي الإشتغال والبراءة العقليّتين إذا قام على خلافهما انتهى. تقريرات المجدد الشيرازي : ج ٣ / ٣٥١.