وان فسّرت بنفس ايجاد الشيء وفعله أو ما يرجع اليه فهي من صفات الأفعال لا محالة ولا بدّ من أن يرجع إلى هذا التفسير بعض الأخبار الواردة الدّالة بظواهرها كونها من صفات الفعل وأنّ ارادته تعالى إحداثه ، فانّه إذا أراد لشيء أن يقول له كن فيكون ، بلا لفظ ولا نطق ولا همّة ولا تفكّر ولا كيف ، كما أنّه لا بدّ من أن يرجع إلى أحد الأوّلين قول الحكماء والمتكلّمين بأنّه عين الذات ، فلا خلاف ولا إشكال في المسألة بعون الله تعالى ومنّه هذا.
فيما يتعلّق بتعيين أول الواجبات
وأمّا مسألة تعيين أوّل الواجبات ؛ فانّه وان دلّت جملة من الأخبار ـ الواردة في بيان حدّ الايمان الواجب على العباد ـ على كون الواجب الاقرار والشهادة بالعقايد الحقّة من غير تعرّض لاعتبار المعرفة ، بل قد يدّعى دلالة بعض الأخبار على نفيه كقوله عليهالسلام في جواب السائل : « هل كلّف الناس بالمعرفة؟ لا ، على الله البيان » (١).
إلاّ أنّها معارضة بالآيات والأخبار الكثيرة الدّالة على وجوب الاعتقاد والمعرفة ، فيجمع بينهما بإيجاب الأمرين معا وإن كان الأحكام الدّنيويّة للاسلام مترتّبة على إظهار الأعتقاد والشّهادة في صدر الإسلام ، مع العلم بعدم الاعتقاد والمعرفة ، بل الاعتقاد بالخلاف كالمنافق المظهر للشّهادتين.
__________________
(١) المحاسن : ج ١ / ٢٧٧ ـ ح ٣٩٢ ، والكافي : ج ١ / ١٦٣ باب « البيان والتعريف ولزوم الحجة » ـ ح ٥ ، والصدوق في التوحيد : ٤١٤ باب « التعريف والبيان والحجة والهداية » ـ ح ١١ ـ ولتطبيق البحث أنظر رسالة منبع الحياة : ٥٢.