وعدمه ولو كان راجعا في الحقيقة إلى الأخير ، لا باعتبار كل واحد بمعنى صحّة إناطة كلّ من العقاب وعدمه بالأمر الغير الاختياري ، مضافا إلى ما عرفت : من كون عدم العقاب مستندا حقيقة إلى عدم ثبوت المقتضى له وان كان له نحو من الاستناد إلى عدم المصادفة أيضا ، وهو ممّا لا ضير فيه كما هو واضح.
بل قد يقال : بانّ العصيان الموجب لاستحقاق المؤاخذة والعقاب يحصل بما يكون بعض مقدّماته خارجا عن الاختيار قطعا كالحياة والقدرة ونحوهما ممّا يكون بافاضة الله تعالى ، فإذن لا ضير في دخل بعض الامور الخارجة عن القدرة في تحقّق العصيان المنوط بالاختيار مع وجود الطلب الالزامي فافهم.
فملخّص ما ذكرنا كلّه : أنّ من يريد القول باستحقاق العقاب لا بدّ من أن يثبت قبح التجرّي وكونه من مقولة الفعل لا الصفات والحالات ، وكان الاستاذ العلاّمة في مجلس البحث مترددا في ذلك ، ولهذا لم يجزم بأحد الطرفين في آخر المسألة في « الكتاب » أيضا ، وان كان ما عرفت من كلامه ظاهرا في جزمه بعدم تأثير التجرّي في حرمة الفعل.
والانصاف أنّ الجزم بأحد الطرفين في غاية الاشكال ، وأمّا غيره من الوجوه ممّا يتمسك بها في المقام فليس بشيء قطعا.
(١٦) قوله : ( كما يشهد به الاخبار الواردة ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٤٠ )
أقول : دلالة الأخبار على ما ذكره ( دام ظلّه ) من صحّة إناطة عدم العقاب بالأمر الغير الأختياري ممّا لا إشكال فيه ، فانّ مقتضاها كون قلّة عقاب من قلّ عامل سنّته وعدم إستحقاقه لما يستحقّه من كثر عامل سنته من مقدار الزّيادة من جهة قلّة العامل التي ليست باختيار الانسان.