فتبيّن ممّا ذكرنا : أنّ الحقّ هو تعميم التشريع بالنّسبة إلى الأحوالات الثّلاثة في الجملة ، وأنّ القولين في طرفي الإفراط والتفريط.
في أنه قد يقال بجريان أصالة عدم الحجية لإثبات الحرمة التشريعيّة
إذا عرفت ما مهّدنا لك من المقدّمة الشّريفة ، علمت الوجه فيما ذكرنا ـ في قبال ظاهر كلام الأستاذ العلاّمة في « الكتاب » ـ من عدم جريان أصالة عدم الحجيّة ؛ لأنّ الحرمة ليست من محمولات عدم الحجيّة الواقعيّة حتّى يجري فيه الاستصحاب بل من أحكام التّشريع المتحقّق في صورة الشّك قطعا ، كما في صورة العلم بعدم الحجيّة ، بل لا يتفاوت الحال فيما ذكرنا على جميع الأقوال في التشريع كما هو واضح على من له أدنى دراية هذا.
ولكن قد يقال : بجريان أصالة عدم الحجيّة ؛ نظرا إلى تعلّق الحرمة الشّرعيّة الواقعيّة بموضع التعبّد والتّدين بما لم يجعله الشّارع حجّة وواجب العمل في نفس الأمر لا به بوصف أمر وجداني مقطوع البقاء أو الارتفاع.
توضيح ذلك : أنّك قد عرفت ـ من مطاوي كلمات شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره وكلماتنا ـ : أنّ التشريع الّذي ليس له ذكر في الكتاب والسّنة ، وإنّما ذكره الفقهاء في أبواب العبادات والمعاملات بل في الأصول أيضا واتّفقوا على حرمته.
ولا يبعد مساواته للبدعة المذكورة في الأخبار في وجه كما يتحقّق فيما لو اعتقد الشّرعيّة في الجملة كذلك يتحقّق فيما لو اعتقد عدم الشّرعيّة غاية ما هناك من الفرق بينهما : أنّ التّشريع القصدي يمكن في الأوّل كالقولي والفعلي بخلاف الثّاني : فإنّه لا يمكن فيه التّشريع القصدي إلاّ إذا جعل القصد مجرّد التصوّر